رشا عمار
صحفية مصرية
تجددت مطالب سياسية وشعبية سودانية، بإدراج جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب، على خلفية اتهامات لعناصر من التنظيم باقتحام ورشة لـ “الإطار الدستوري”، التي تنظمها اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، الأربعاء الماضي، بمقر دار المحامين السودانيين بالخرطوم والاعتداء على المشاركين فيها.
وبحسب شهود عيان تحدثوا لمواقع صحفية محلية، هاجمت عناصر تابعة للإخوان، اجتماع المحاميين ظهر الأربعاء الماضي، واعتدوا على المشاركين في الورشة المنعقدة لمناقشة الدستور الانتقالي بالبلاد بالعصي والأسلحة البيضاء، قبل أن يتم تفريقهم.
تحذيرات دولية ومحلية من عنف الإخوان
وقال منتصر عبد الله عضو اللجنة التسييرية لصياغة الدستور، لموقع “سودان تربيون”، إنّ “المجموعة كانت تحمل كميات كبيرة من العصي والأسلحة البيضاء، وقذفت حجارة داخل مكان انعقاد الورشة كما اعتدت على بعض الذين كانوا يتولون مهمة التأمين وحاولت اقتحام المنصة حيث تم قطع التيار الكهربائي”.
وبحسب عبد الله “أطلقت العناصر المهاجمة لمقر نقابة المحامين هتافات مناوئة للنقابة، واتهموها بالتبعية لقوى إعلان الحرية والتغيير إضافة لهتافات أخرى منددة بوجود رئيس البعثة الأممية فولكر بيرتس في الورشة”.
وأثار الهجوم مخاوف محلية ودولية من عودة الإخوان لممارسة العنف ضد القوى السياسية المناوئة لهم، فيما استنكرت دول الترويكا “النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية”؛ مسلك المجموعة التي نفذت الاعتداء واعتبرت أنّها تقف ضد التحول المدني السلمي”، بحسب شبكة “سكاي نيوز”.
وأعاد الهجوم الإخواني إلى الأذهان تاريخ العنف الذي انتهجه التنظيم داخل البلاد لعدة عقود، والذي تسبب، بحسب مراقبين، في وضع السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب لنحو (٢٧) عاماً، إبان فترة حكم عمر البشير.
مخطط إخواني عنيف في البلاد.. ما أهدافه؟
الصحافي السوداني المختص بالشأن السياسي، مرتضى أحمد كوكو، قال في تصريحات لـ”حفريات”: إنّ الهجوم الإخواني على مقر نقابة المحامين، أعاد إلى الشارع السوداني سيرة التنظيم العنيف الذي طالما نفّذ عمليات تسببت في إزهاق أرواح المئات وربما الآلاف من أبناء الشعب السوداني، لتنفيذ مصالحه الخاصة وفرض حضوره بالقوة واضطهاد مناهضيه.
ويصف كوكو الهجوم بأنّه “متوقع” وربما يتبعه بعض التحركات العدائية الأخرى من جانب قيادات التنظيم، في إطار محاولتهم المستميتة خلال الفترة الراهنة لفرض أنفسهم على المشهد السياسي داخل الدولة، رغم الرفض الشعبي والسياسي لهم.
وبحسب الصحافي السوداني “اتسم مشروع الإخوان بالعنف في البلاد منذ نشأته، والجماعة هي من أدخلت العمل المسلّح إلى قلب السياسة والنقابات وأيضاً داخل الجامعات، واليوم هي تعود لاختراق المشهد السياسي بالقوة واستعمال العنف ذاته، والاعتداء على الاجتماعات السلمية الهادفة إلى وضع دستور جديد للفترة الانتقالية، بما يعزز الاستقرار داخل الدولة، على عكس مشروع التنظيم الذي يهدف إلى الفوضى”.
وينوه كوكو إلى “ضرورة الانتباه لمخططات التنظيم الإخواني التي تستهدف تعميق الأزمة السودانية بالمقام الأول، من جانب السلطات في البلاد، وأيضاً القوى الإقليمية والدولية الراعية لمشروع الاستقرار، للتصدي لتلك المخططات ووقف العنف الذي تمارسه الجماعة بحق المواطنين السلميين”.
ويقول الصحافي السوداني إنّ “مطلب إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب، هو مطلب قديم للشعب السوداني، وأصبح من الضروري تحقيقه في الوقت الراهن لقطع الطريق أمام التنظيم الإخواني عن ممارسة المزيد من الجرائم، وسحب البلاد إلى مستنقع العنف والفوضى، والتصدي لنشاطه الدموي ومحاصرة مصادر تمويله وتعقب قياداته، سواء داخل السودان أو خارجها.
ويشير كوكو إلى أنّ الوضع الراهن في السودان لا يحتمل مزيداً من التعقيدات، خاصة في ضوء استمرار الفرقة السياسية والهشاشة الأمنية، ما يتوجب التعامل الفوري مع جماعة الإخوان باعتبارها عنصراً مثيراً للفوضى والإرهاب، وضرورة منعها من أي ممارسة سياسية وتقويضها قانونياً وأمنياً، لإنقاذ البلاد من موجات جديدة للعنف الإخواني.
سوأة جديدة للإخوان
الكاتب والناشط الحقوقي السوداني عمر القراي، قال تعليقاً على الواقعة: “ليس في الإخوان المسلمين خير، وليس منهم رجل رشيد، ولو كان فيهم لنصحهم، بأن يكفوا عن تكرار نفس السياسة، التي كانوا يمارسونها، منذ أن كنّا طلاباً في الجامعة، في سبعينيات القرن الماضي”.
وتابع مستنكراً في مقال نشره موقع “سودانايل”، تحت عنوان: “سوأة جديدة .. للإخوان المسلمين!”، إنّ “الإخوان بعد أنْ تشدقوا بأنّ قوى الحرية والتغيير، أقصتهم من المشهد السياسي، وقالوا بأنّ هذا العمل يناقض الحرية والديمقراطية، وكأنهم هم دعاة الديمقراطية، جمعوا نفس العصي القديمة، وهاجموا ندوة دار المحامين السودانيين، التي كانت تناقش قضية دستور السودان”.
وأضاف القراي: المعتدون على حق الآخرين في التعبير، يقودهم ناجي مصطفى، الذي يدعي أنه خبير قانوني، ومدرب تنمية بشرية، وإعلامي، على حد قوله. متسائلاً: “إذا كان الإخوان لا يقدرون على مواجهة مليونيات الشباب، وما داموا قد استطاعوا أن يجمعوا بعض الطرق الصوفية، والإدارات الأهلية، وفلول المؤتمر الوطني، ومرتزقة حكومة الإنقاذ فيما سمي مبادرة أهل السودان، فلماذا لا يوقفوا المجموعات الأخرى، التي قاطعت مبادرتهم، التي اختفوا فيها خلف عباءة الشيخ الطيب الجد، بالعنف والإرهاب؟”.
وأضاف: “حين تم الاعتداء بالعصي المتشابهة، في الحجم والطول.. على المثقفين الذي لا يحملون إلا أقلامهم وأوراقهم، لماذا لم تتدخل الشرطة لحماية هؤلاء المواطنين؟ بل لماذا لم تتدخل لحماية ممثلي الأمم المتحدة، والدول الأوروبية، والعربية؟! أم أنّ الإخوان المسلمين، وفلولهم في أجهزة الدولة، لا يعتبرون غيرهم وغير الموالين لهم مواطنين سودانيين؟”.
وأضاف: “ليس لجماعة الإخوان المسلمين مثقال ذرة من قيم الشعب السوداني، في إكرام الضيف، وحفظ سلامته مهما اختلفنا معه، لقد كانوا يلوحون بالعصي ويهتفون ضد “فولكر”، المبعوث الأممي، فذكروا الناس هتافهم الشهير (أمريكا روسيا قد دنا عذابها علي إن لاقيتها ضرابها) والذي انبطحوا بعده، وهرعوا يسلمون ملفات إخوانهم الإرهابيين، للمخابرات الأمريكية!”.
وهنا يتساءل الكاتب بعد كل ذلك: “كيف تدعي جماعة شيطانية مثل هذه أنها تقدم مبادرة لتوحيد أهل السودان؟”.
المصدر حفريات