كريتر نت – العرب
تبرأ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهو الواجهة السياسية للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، من تصريحات رئيسه المغربي أحمد الريسوني التي تحدث فيها عن مغربية الصحراء، في موقف قال مراقبون إنه يؤكد أن بيانات الاتحاد مرتهنة بمواقف داعميْه، أي قطر وتركيا، ومصالحهما وحساباتهما وحسابات الدول القريبة منهما مثل الجزائر.
واستغرب المراقبون إصدار بيان على لسان الاتحاد للتملص من تصريحات رئيسه، في حين كان يمكن أن يظهر الريسوني أو يرسل تنويها أو تعديلا يجريه على كلامه، وهو ما يكشف وجود تناقضات بين الاتحاد ورئيسه في موضوع حساس مثل قضية الصحراء.
وكان الريسوني قد قال إنه “من الخطأ معالجة ملف الصحراء بمعزل عن شعب الـ35 مليونا لو يدعوهم جلالة الملك (محمد السادس) إلى الجهاد سواء بالمال أو بالنفس لتنظيم مسيرة مثل المسيرة الخضراء نحو الصحراء المغربية وتندوف”.
التزام أي قيادي في الاتحاد بموقف بلاده ممنوع، خصوصا إذا تعارض مع توجهات دولة قريبة من تركيا وقطر مثل الجزائر
وقال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي إن موقف الاتحاد من تصريحات الريسوني في مقابلة تلفزيونية بشأن إقليم الصحراء “يمثله وحده ولا يمثل (اتحاد) علماء المسلمين”.
وجاء في بيان صادر عن القره داغي أن “ما تفضل به الريسوني في مقابلته التلفزيونية أو في غيرها حول الصحراء هذا رأيه الخاص قبل الرئاسة، وله الحق في أن يعبر عن رأيه الشخصي مع كامل الاحترام والتقدير له ولغيره، ولكنه ليس رأي الاتحاد”.
وأوضح أن “دستور الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ينص على أن الرأي الذي يسند إلى الاتحاد هو الرأي الذي يتم التوافق والتوقيع عليه من الرئيس والأمين العام بعد المشورة، ثم يصدر باسم الاتحاد، وبناء على هذا المبدأ فإن المقابلات أو المقالات للرئيس أو الأمين العام تعبر عن رأي قائلها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد”.
واعتبر المراقبون أن مغربية الريسوني غلبت على هويته الإخوانية في موضوع الصحراء، وأنه كان يمكن أن تمر القضية بشكل عادي لولا تخوف الاتحاد من غضب قطر التي تحتضن مقره وتوفر الظروف الملائمة لأنشطته وقادته.
وأضاف هؤلاء أن التزام أي قيادي في الاتحاد بموقف بلاده الوطني ممنوع، خصوصا إذا تعارض مع توجهات دولة قريبة من تركيا وقطر مثلما هو الحال مع الجزائر التي سترى أن الاتحاد صار تحت تأثير رئيسه المغربي، لافتين إلى أن الاتحاد الذي يقوم على فكرة الجماعة/ الأمة لا يمكنه أن يتفهم الموقف الوطني لأي عنصر فيه ولو كان رئيسا منتخبا ويفترض أن يكون معبرا عن توجهات الاتحاد وواضعا لسياساته.
وجاء كلام الريسوني في ظل تقارب بين تركيا -حليفة قطر- والجزائر. وفي الوقت الذي تبحث فيه تركيا عن توسيع استثماراتها ونفوذها في شمال أفريقيا من بوابة الجزائر تحاول الأخيرة إظهار أنها ليست معزولة بعد أزمتها مع إسبانيا وفرنسا والمغرب.
ولقيت مقاربة المغرب لحل قضية الصحراء، والقائمة على الحكم الذاتي الموسع، دعما أوروبيا وأميركيا وأفريقيا وعربيا، في مقابل تراجع الاعتراف بجبهة بوليساريو التي تدعمها الجزائر.
وأثارت تصريحات الريسوني في مقابلة مع قناة مغربية الإثنين ردود فعل غاضبة في الجزائر، خاصة من الأحزاب ذات التوجه الإسلامي؛ حيث طالبت بإقالته من منصبه.
ووصف بيان صادر عن عبدالرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر) كلام الريسوني بأنه “سقطة خطيرة ومدوية من عالم من علماء المسلمين” وأن مثل هذه “الخرجات تلهب نيران الفتنة”.
ودعا البيان من أسماهم علماء الأمة إلى “التبرؤ من هذا الموقف الخطير، والذي سيحدث فتنة بين الدول والشعوب، كما نعلن تحفظنا على الشخص بعينه في استغلال منصبه”، في دعوة خفية إلى إقالة الريسوني والبحث عن بديل.
ويتوقع مراقبون أن يقود الخلاف بين الريسوني وبقية أعضاء الاتحاد إلى صراع داخلي قوي قد يفضي إلى الإطاحة بالرئيس الحالي، كما قد يفضي إلى انشقاقات داخل المنظمة وفق الانتماءات الوطنية، وخاصة تحت تأثير الدول الداعمة لها.