كريم شفيق
كاتب مصري
كشف مراقبان يمنيان في تصريحات منفردة لـ”حفريات” عن خطط جماعة الحوثي لاستغلال الهدنة والاتفاقيات الدولية لإعادة ترتيب صفوفها والتزود بالأسلحة والمعدات العسكرية، عبر شبكة معقدة من المهربين الدوليين والخلايا المحلية، وضلوع إيران في ذلك.
وتثير مسألة تهريب إيران الأسلحة والمعدات العسكرية إلى وكلائها المحليين في اليمن، ودعم المتمردين الحوثيين، جملة قضايا، منها مواصلة طهران الدعم العسكري للميلشيات الموالية لها، وفرض خيار الحرب والتصعيد الميداني، رغم جهود التهدئة والهدنة الأممية. كما أنّ تهريب الأسلحة الذي يجري عبر الموانئ البحرية، والممر الدولي باليمن (مضيق باب المندب)، يؤدي إلى توتير أوضاع الملاحة الدولية، ويهدد مصالح دول العالم والإقليم.
شبكات تهريب الأسلحة الإيرانية
وبالتزامن مع توثيق الجيش اليمني، مطلع الأسبوع، وقوع نحو 235 خرقاً حوثياً للهدنة الأممية، خلال 72 ساعة، تحديداً في الفترة من 11 إلى 13 آب (أغسطس) الحالي، في جبهات مأرب والجوف وصعدة وحجة والحديدة وتعز وأبين والضالع، تم ضبط خلية حوثية متورطة في تهريب الأسلحة من ميناء بندر عباس الإيراني إلى موانئ الحديدة باليمن.
وتتكون الخلية من أربعة أفراد هم: “إبراهيم عمر حسن عوض عقد، ومصطفى أحمد عوض قداد، وحسين يحيى فتيني صليل، ومحمد عبده فتيني جنيد”، وهذه المجموعة قد تم تجنيدها من قبل أحد عملاء الحوثي في ميناء الحديدة، واسمه علي حلحلي، بينما تخضع عمليات التهريب لإشراف كامل من الحرس الثوري الإيراني، وفق اعترافاتهم المعلنة.
نشاط إيران المحموم في تهريب الأسلحة يكشف وجود شبكة منظمة، لها عدة أذرع، حيث لا يقتصر الأمر على الشحنات المنقولة من إيران، إنّما هناك خلايا تعمل في القرن الأفريقي، وتحديداً جيبوتي. وفي الأسبوع ذاته الذي تم فيه ضبط خلية حوثية لنقل السلاح من إيران لليمن، ظهرت خلية أخرى مماثلة مكونة من خمسة أفراد، جميعهم بحارة من محافظة الحديدة، حيث يؤدّون المهام نفسها، لكنّ هذه الخلية تنقل السلاح من جيبوتي إلى ميناء الحديدة.
واللافت أنّ الخلية الأخيرة فضحت تورط مسؤولين ممثلين لميليشيات الحوثي داخل لجنة الرقابة الأممية لدعم اتفاق الحديدة، مثل أبو علي الكحلاني، في إدارة شبكات تهريب المواد المتفجرة والمعدات العسكرية والأسلحة.
الحرس الثوري وانتهاكات بالجملة باليمن
ووفق وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، فإنّ اعترافات الخلية الحوثية بتهريب الأسلحة من ميناء بندر عباس الإيراني لمواني الحديدة، بإشراف الحرس الثوري؛ “تؤكد استمرار طهران في تزويد الميليشيات بالأسلحة”، لافتاً إلى أنّ ذلك يعدّ “تحدياً سافراً وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالأزمة اليمنية”.
وأشار الإرياني، في تغريدات على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، إلى أنّ الاعترافات تؤكد الدور المشبوه الذي تقوم به طهران والحرس الثوري لجهة تقويض جهود التهدئة، فضلاً عن استخدامها ميليشيات الحوثي أداة لقتل اليمنيين وزعزعة أمن واستقرار اليمن، ونشر الفوضى والإرهاب في المنطقة، وتهديد المصالح الدولية، كما اتهم الغرياني الميليشيات المدعومة من طهران باستغلال اتفاق ستوكهولم لاستخدام موانئ الحديدة كنافذة لتهريب الأسلحة الإيرانية.
وعليه، طالب وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، بالقيام بمسؤولياتهم القانونية بموجب مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وإصدار إدانة واضحة لسياسات النظام الإيراني التخريبية، كما شدد على ضرورة ممارسة ضغوط حقيقية لإنهاء تدخلات النظام الإيراني في الشأن اليمني، ووقف تهريب الأسلحة لميليشيات الحوثي الإرهابية.
إذاً؛ ميليشيات الحوثي تستغل الهدنة الإنسانية والاتفاقيات الدولية “لإعادة ترتيب صفوفها” و”التزود بالأسلحة والمعدات العسكرية” التي تحصل عليها من إيران، عبر شبكة معقدة من المهربين الدوليين والخلايا المحلية التابعة لها، حسبما يوضح الصحفي اليمني، مازن عقلان، الذي أبلغ “حفريات” بأنّ الوقائع الميدانية كلّها تكشف عن “توجهاتها (أي الحوثي) المستقبلية وعزمها خوض جولات جديدة من الصراع والحرب على المدنيين في اليمن، وكذا الاستمرار في تهديد أمن الدول المجاورة، ناهيك عن استهداف السفن، وممرات الملاحة الدولية”.
إدانة أممية للحوثي
وقد سبق لفريق لجنة الخبراء الدوليين باليمن، أن كشف انتهاك الحوثيين المستمر للحظر المفروض على الأسلحة باليمن، الأمر الذي يجري من خلال شبكات تهريب معقدة، وخلايا وبحارة محليين، بحسب عقلان، الذي يردف: “ما تم الإعلان عنه، مؤخراً، بخصوص القبض على خلايا تهريب تابعة للحوثيين، يأتي في إطار هذا السجل الطويل والممتد من انتهاكات الجماعة لحظر تهريب الأسلحة إلى اليمن”.
وهذه الخلايا التي تم ضبطها، مؤخراً، تؤكد أنّ هناك طرق تهريب مستمرة بين الإيرانيين والحوثيين، وفق المحلل السياسي والصحفي اليمني، هشام طرموم، وبالتالي، فالسلاح الذي تمتلكه ميليشيات الحوثي هو سلاح إيراني، الأمر الذي يجعل الشعب اليمني ودول الجوار، كذلك، في خطر أمام استمرار تدفق هذا السلاح الذي يؤدي دوراً لحساب تحقيق مصالح طهران المختلفة، خاصة ما يتصل بصراعها مع الغرب والولايات المتحدة، مما يجعل المنطقة (وليس اليمن فقط) مرهونة بحدود هذا الصراع الإيراني الذي يتجاوز أزمة اليمن إلى ما هو أبعد.
ولذلك؛ يتوجب الاتجاه نحو “حسم المعركة عسكرياً”، بحسب تقدير طرموم، في حديثه لـ “حفريات”، ومن ثم، السيطرة على المنافذ الحيوية التي تسيطر عليها إيران بواسطة عناصرها الميليشياوية، مطالباً المجلس الرئاسي بأن يكثّف جهوده لاستعادة ميناء الحديدة، وكذا استعادة العاصمة اليمنية صنعاء؛ حيث إنّ استعادة الدولة تعدّ “الحل الأمثل والوحيد الذي سيؤمن اليمن ويحمي أمن المنطقة والملاحة الدولية”.
ولا تعدو عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن كونها أمراً جديداً أو مباغتاً؛ إذ إنّ ثمّة تقارير أممية سبق ووثقت حوادث تهريب متكررة لشحنات أسلحة، خلال الأعوام الماضية. وكشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، مطلع العام الحالي، تفاصيل ما ورد في “تقرير سري” للأمم المتحدة، أفاد بتهريب إيران للأسلحة إلى اليمن عبر بحر العرب.
وشددت الخارجية الأمريكية، نهاية العام الماضي، على أنّ تهريب السلاح الإيراني إلى اليمن يمثل خرقاً واضحاً للحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة.
وفي تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي، ذكرت “المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية”، أنّ هناك أسلحة قامت إيران بتهريبها للحوثي عبر خليج عدن. ووفق التقرير الدولي فإنّ “الأسلحة التي يعود مصدرها لتجارة السلاح بين إيران واليمن يجري تهريبها إلى الصومال”. وتابعت: “دأبت إيران على نفي أيّ ضلوع لها في تهريب الأسلحة للحوثيين. ومع ذلك، هناك أدلة كثيرة تشير إلى إمدادات من الدولة الإيرانية”.
المصدر حفريات