خلدون الشرقاوي
صحفي مصري
تتواتر أنباء في تونس حول نيّة قيادات منشقة عن حركة النهضة إطلاق حزب سياسي جديد لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقرر لها كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وفي المغرب واصل حزب العدالة والتنمية (المصباح) سياسة المزايدة حول مواقف المملكة من القضية الفلسطينية، مواصلاً المتاجرة بها لتحقيق مكاسب سياسية.
وفي موريتانيا استنكر حزب تواصل الإخواني تصريحات الداعية الإخواني أحمد الريسوني، التي اعتبرها إهانة للاستقلال الوطني للجمهورية الإسلامية.
إخوان تونس.. انشقاق حزبي وارتباك سياسي
في تصريحات اعتبرها مراقبون مناورة سياسية، قال راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، رداً على سؤال حول مطالب تطالبه بالابتعاد عن الحركة: إنّ “رئاسة الحركة ورئاسة المجلس (البرلمان)، أو أيّ رئاسة أخرى، هي أمر هيّن وقليل أمام مصلحة تونس، ولذلك لو تقدّم لنا أيّ طرف بتسوية للمشكلة التونسية، تتطلب هذه التضحية منّا فهذا أمر يسير، ولكن أن نبادر نحن بالتنازل عن موقعنا، فلمصلحة من؟ ولرغبة من؟”.
تأتي تلك التصريحات بالتزامن مع تواتر أخبار حول نيّة قيادات منشقة عن حركة النهضة إطلاق حزب سياسي جديد لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقرر لها كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
من جهة أخرى، قضت المحكمة العسكرية التونسية بالسجن (3) أشهر على الصحافي التونسي صالح عطية، المنتمي لحركة النهضة، بتهمة نشر أخبار زائفة، بعد تصريحات أدلى بها لقناة الجزيرة القطرية، زعم فيها أنّ قيادات من الجيش التونسي دخلت في صدام مع الرئيس قيس سعيّد، رافضة طلباً تقدّم به الأخير لإغلاق بعض مقرات الاتحاد العام التونسي للشغل.
إخوان المغرب وموسم المتاجرة بقضية فلسطين
في أعقاب بيان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية، حول تفجر الأوضاع في قطاع غزة، الذي أكدت فيه أنّ المملكة تتابع “بقلق بالغ ما تشهده الأوضاع في قطاع غزة من تدهور كبير، نتيجة عودة أعمال العنف والاقتتال، وما خلفته من ضحايا وخسائر في الأرواح والممتلكات”، شنّ حزب العدالة والتنمية (المصباح)، الذراع السياسية للإخوان، هجوماً عنيفاً على الوزارة، في بيان حمل توقيع الأمين العام عبد الإله بنكيران، ووصف فيه لهجة بيان الخارجية باللغة التراجعية، زاعماً أنّه “خلا على غير العادة، من أيّ إشارة إلى إدانة واستنكار العدوان الإسرائيلي، ومن الإعراب عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، والترحم على شهدائه، بل خلا أيضاً، بحسب البيان، من أيّ إدانة لاقتحام الصهاينة لباحات المسجد الأقصى”.
بيان “المصباح” ادّعى أنّ بيان الخارجية “ساوى بين المعتدي الإسرائيلي المحتل وبين الضحية الفلسطيني”، ووصف لغته بأنّها هروب من إدانة المعتدي، وأنّه غير مشرّف، باعتباره انزلاقاً خطيراً لا ينسجم مع مواقف الشعب المغربي الراسخة في دعم القضية الفلسطينية.
جدير بالذكر أنّ بيان الخارجية المغربية طالب بضرورة تجنيب المنطقة مزيداً من الاحتقان والتوتر، وأكد على أهمية القضية الفلسطينية، ضمن أولويات السياسة الخارجية للمملكة، ذلك أنّ العاهل المغربي يرأس لجنة القدس، وجدّد البيان مواقف المغرب “الثابتة والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني”، مؤكداً أنّ “الحل المستدام للصراع بين الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة”.
وقد أثارت تصريحات حزب العدالة والتنمية سخرية المتابعين، باعتباره الحزب الذي صدّق على اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل إبّان رئاسته الحكومة، وها هو ذا الآن يتنصل من كلّ هذا، زاعماً أنّه يرفض التطبيع، لكونه “يشجع الاحتلال الإسرائيلي على المضي في سياسته الإجرامية والعنصرية والتوسعية، ويوفر له الشعور بالمناعة لارتكاب المزيد من الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، ويعطل حل القضية الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس”.
الباحثة المغربية في العلوم السياسية شريفة لموير قالت في تصريحات لصحيفة “العرب” اللندنية: إنّ “موقف العدالة والتنمية، رداً على بلاغ وزارة الخارجية، لا يعدو أن يكون محاولة للعزف على وتر المشاعر القومية للقضية الفلسطينية، لجذب تعاطف المغاربة داخلياً؛ بعد التراجع الذي سجله الحزب سياسياً وانتخابياً، وأيضاً بعث رسالة لحركات الإسلام السياسي خارجياً، يلفت فيها الانتباه إلى أنّه، حزبياً، ما يزال موجوداً، وله مواقف خاصة”.
الريسوني يفجر أزمة مع إخوان موريتانيا
استنكر حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، الذراع السياسية للإخوان في موريتانيا، التصريحات التي أدلى بها أحمد الريسوني رئيس الاتحاد الدولي لعلماء المسلمين، وعبّر الحزب عن تفاجئه من خطاب الريسوني، مطالباً إيّاه بسحب تصريحاته فوراً، والاعتذار عنها؛ لما فيها من طعن في أعزّ ما يملك الشعب الموريتاني، أي وجوده واستقلاله الوطني، وذلك بحسب البيان الذي اتهمّ الريسوني بالتحدث بـ “عبارات غير لائقة، وبأحكام إطلاقية بعيدة من الدقة، ومعلومات غير مؤسسة، وإساءة غير مناسبة ولا مقبولة للجمهورية الإسلامية الموريتانية وأهلها”.
وكان الريسوني قد صرّح في مقابلة أجريت معه أنّ وجود موريتانيا “خطأ”، مطالباً المغرب باستعادة حدوده التاريخية قبل الاستعمار الأوروبي، باعتبار موريتانيا جزءاً لا يتجزأ من المملكة.
من جهته، قال الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في بيان رسمي: إنّ الريسوني من حقه إبداء قناعاته الشخصية، ولكنّ “الرأي الذي يسند إلى الاتحاد، هو الرأي الذي يتم التوافق والتوقيع عليه من الرئيس والأمين العام، بعد المشورة، ثم يصدر باسم الاتحاد، وبناء على هذا المبدأ؛ فإنّ المقابلات أو المقالات للرئيس، أو الأمين العام، تُعبّر عن رأي قائلها فقط، ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي الاتحاد”، نافضاً بذلك يده من تصريحات رئيسه.
الريسوني بدوره حاول التخفيف من حدة الانتقادات الموجهة إليه، مدّعياً أنّ “خطابه جاء في سياق تاريخي، ولا علاقة له بالوضع الحالي”، وأنّ تصريحاته “لم تحمل أيّ أبعاد أو حسابات سياسية”، مؤكداً أنّ “موريتانيا حالياً دولة مستقلة، وقد اعترف بها المغرب”.
المصدر حفريات