عائشة المري
لم تكن «قيم ومبادئ حقوق الإنسان» جزءًا من العقيدة الفكرية لجماعة «الإخوان»، كما لم تكن جزءًا من عملها ونشاطها منذ تأسيسها. فالقيم والمبادئ التي نادت بها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان تتعارض وبشكل أساسي مع الفكر التنظيري للجماعة، الذي تنطلق منه في عملها وحراكها الدولي، كما تتعارض قيم حقوق الإنسان مع قيم ومبادئ الجماعة التي تعتمد الإرهاب والتطرف سبيلا لتحقيق أهدافها وغاياتها التنظيمية والسياسية.
وإذ أبدت الجماعة منذ تأسيسها اهتماماً بالكثير من النظريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي سادت عالمياً، وخلعت على تنظيمها وحراكها الكثير من العباءات التي توارى التنظيم خلفها لسنوات طويلة، واعتمدها سبيلاً لتغلقه وحراكه داخل المجتمعات الإنسانية، او للسيطرة على مؤسسات الدول وأجهزتها الحيوية، فإنه لم يكن للتنظيم أي اهتمام أو اشتغال بحقوق الإنسان سواء من حيث القيم والمبادئ، أو على صعيد التعاون مع الهيئات والآليات الإقليمية والدولية.
في أعقاب ما سمى بـ«الربيع العربي»، أدركت الجماعة أهمية الارتكاز على المنظومة الدولية لحقوق الإنسان في تعزيز مكاسبها الدولية، وتعميق شراكاتها مع الأنظمة والتيارات الغربية التي تستهدف الأضرار بأوطاننا، وتقويض الأمن والاستقرار في دولنا.
فسعى «التنظيم الدولي للإخوان المسلمين» للسيطرة على ملف حقوق الإنسان وتوظيف منظمات المجتمع المدني لاختراق المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، حيث رصدت دراسة توظيف «الإخوان» لملف حقوق الإنسان باختراق المنظمات الحقوقية خاصة الموجودة في أميركا وأوروبا، فتبنوا الفكر الليبرالي وقدموا أنفسهم للرأي العام العالمي كمدافعين عن حقوق الإنسان أو معارضين سياسيين مضطهدين. وكانت الانطلاقة من جنيف ب«منظمة الكرامة لحقوق الإنسان»، والتي مثلت الحاضنة الأساسية لبدايات عمل الجماعة واشتغالها بحقوق الإنسان، كما أسست الجماعة «سواسية لحقوق الإنسان» ومن هذا الاختراق الحقوقي تحقق للجماعة خطوات غاية في الخطورة بإصدار بيانات وتقارير حقوقية مكذوبة، وشن حملات تشويه إعلامية ممنهجة على الأنظمة السياسية المستهدفة يعقبها حملة إدانات دولية وتشويه ممنهج للحقائق.
وترصد تلك الدراسة أكثر من 450 مؤسسة غير حكومية تابعة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين تنتشر في العديد من الدول الأوروبية والغربية تحديداً، ويعتمدها التنظيم سبيلاً لتعزيز دوره وتأثيره العالمي. وتحدد الدراسة أكثر من 40 منظمة غير حكومية تابعة للتنظيم تعمل بالعديد من الدول الأوروبية والغربية، حيث تأتي سويسرا في مقدمة تلك الدول كونها عاصمة لحقوق الإنسان، بأكثر من 18 منظمة غير حكومية عاملة في مجال حقوق الإنسان، تليها المملكة المتحدة بأكثر من 10 منظمات غير حكومية متخصصة في مجال حقوق الإنسان، كما تولي الجماعة اهتماماً بالولايات المتحدة لتأثيرها المحوري في مجال حقوق الإنسان حيث تفعل أكثر من 7 منظمات حقوقية فيها، إضافة إلى رصدها الكثير من الشراكات التي تجمع منظمات التنظيم الحقوقية مع غيرها من المنظمات الحقوقية، وتستعرض ما يقارب من 60 شراكة استراتيجية تجمع بين منظمات حقوقية تابعة للتنظيم وغيرها من المنظمات الدولية، تؤطر من خلالها عمل تلك التنظيمات وشراكاتها الدولية من حيث الاستهداف، أو التعاون الفني والتقني وتبادل الخبرات وتعزيز القدرات.
تلقي مخرجات تلك الدراسة الضوء على حقيقة تنظيمات حقوقية تابعة لـ«الإخوان» امتدت وتنوعت من حيث التخصص والتأثير، والتفاعل مع الهيئات والآليات الدولية المعنية بحقوق الإنسان. كما تبزز الدراسة أهمية رصد ومتابعة حراك التنظيم في المجال الحقوقي في السبيل لتقييد حراكه وكشف أنشطته ومبادراته، وفضح المنظمات «الإخوانية» التي ترتدى قناعاً حقوقياً زائفاً.
نقلاً عن “الاتحاد” الإماراتية