كريتر نت – وكالات
بي بي سي عربي: يقول علماء إن العالم يشهد هذا العام واحدة من أكثر حالات الجفاف انتشارا منذ عقود، وتُحطم الأرقام القياسية في بعض المناطق. كما أصبحت حالات الجفاف “المفاجئة” أكثر شيوعا.
ويقول بنجامين كوك، أحد كبار العلماء بوكالة ناسا وباحث في مجال الجفاف: “هذا عام لافت للأنظار بالنسبة للجفاف في نصف الكرة الشمالي، مع حالات جفاف حارة قياسية أو شبه قياسية تؤثر في وقت واحد على أمريكا الشمالية وأوروبا والبحر الأبيض المتوسط والصين”.
لكن خبراء يقولون إن مناطق أخرى تضررت بشدة، بما في ذلك شرق إفريقيا وأمريكا الجنوبية، وعدة مناطق في آسيا، وبعض أجزاء من أستراليا.
وتعد منطقة القرن الأفريقي من بين المناطق الأكثر تضررا، حيث تسبب عدم سقوط الأمطار لأربعة مواسم متتالية في ما وصفه نور محمود شيخ، المتحدث باسم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، بأنه “أسوأ جفاف منذ 40 عاما”، مشيرا إلى أن هذا كانت له تداعيات على الأمن الغذائي لنحو 50 مليون شخص.
وتعاني إفريقيا من الجفاف أكثر من أي قارة أخرى، وفقا لتقرير صادر عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. ومن بين 134 حالة جفاف في القارة بين عامي 2000 و2019، كانت هناك 70 حالة في منطقة شرق إفريقيا، حسب التقرير.
كما أعلنت الصين حالة طوارئ بسبب الجفاف هذا العام، حيث تسببت درجات الحرارة الشديدة في جفاف بعض الأنهار، بما في ذلك أجزاء من نهر اليانغتسي، ثالث أطول نهر في العالم.
#صدر الصورة،GETTY IMAGES التعليق على الصورة، ظهر قاع نهر جيالينغ الذي يلتقي بنهر اليانغتسي في تشونغتشينغ بالصين (أغسطس/آب 2022)
ونُقل عن مسؤولين قولهم إن توليد الطاقة الكهرومائية في مقاطعة سيتشوان انخفض بشكل كبير، وهو ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي، وتوقف الشحن في بعض المجاري المائية وتأثر أكثر من مليوني هكتار من الأراضي الزراعية في ست مقاطعات.
وكُسرت الأرقام القياسية المتعلقة بأدنى مستويات لهطول الأمطار في غرب أوروبا، وفقا خدمة كوبرنيكوس لمراقبة التغير المناخي، في حين أن دول آسيا الوسطى مثل أفغانستان وإيران تعاني من ظروف جفاف قاسية منذ أكثر من عام الآن.
وفي نصف الكرة الجنوبي، تضررت أمريكا الجنوبية بشدة في السنوات الأخيرة.
وأدى الجفاف إلى انخفاض إنتاج الحبوب في 2020-2021 بنسبة تصل إلى نحو ثلاثة في المئة، في حين عانى وسط تشيلي من 13 عاما من “الجفاف الشديد” – وهي أطول فترة جفاف في المنطقة منذ ألف عام، وفقا لتقرير للأمم المتحدة.
يقول التقرير: “بالإضافة إلى ذلك، فإن الجفاف الذي استمر لعدة سنوات في حوض بارانا لا بلاتا، وهو الأسوأ منذ عام 1944، يؤثر على وسط وجنوب البرازيل وأجزاء من باراغواي وبوليفيا”.
حالات الجفاف المفاجئة
يقول علماء إن حالات الجفاف في الماضي كانت عادة تستغرق عدة مواسم أو سنوات حتى تتطور، لكن هذا الأمر يتغير الآن في العديد من الأماكن.
ويجتمع انخفاض هطول الأمطار مع الحرارة الشديدة لإحداث موجات جفاف سريعة الظهور، كما رأينا في بعض المناطق هذا الصيف في نصف الكرة الشمالي.
#صدر الصورة،AFP التعليق على الصورة، نساء يحملن حطب الوقود في منطقة بشمال كينيا عانت من جفاف طويل (يوليو/تموز 2022)
يقول روجر بولوارتي، عالم بارز في الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي: “ما نراه الآن هو ما نطلق عليه حالات الجفاف المفاجئة”.
ويضيف: “يمكن أن تستمر هذه الموجات لفترة تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر فقط، لكنها قد تكون مدمرة إذا حدثت خلال موسم الذروة بالنسبة للمحاصيل، أو مخاطر حرائق الغابات”.
ويقول بولوارتي إن البقع الساخنة المعرضة للجفاف المفاجئ موجودة في البرازيل، والساحل الأفريقي، والوادي المتصدع الكبير، والهند، ووسط الولايات المتحدة، وجنوب غربي روسيا، وشمال شرقي الصين.
ومع بقاء أربعة أشهر قبل نهاية العام، يقول علماء إنه من السابق لأوانه القول ما إذا كان عام 2022 سيكون أسوأ بالنسبة للجفاف مقارنة بعام 2012، وهو أسوأ عام في التاريخ الحديث.
لكن سجلات وأرقام القرن العشرين غير كاملة أيضا، لذلك من الصعب تحديد ترتيب أي من هذين العامين بالضبط بين سنوات الجفاف طويل الأجل، لكن علماء أخبروني بأن هذا العام شهد واحدة من أكثر حالات الجفاف انتشارا منذ عقود.
#صدر الصورة،AFP التعليق على الصورة، تقلصت بحيرة بينويلاس، في تشيلي، إلى 0.2 في المئة من قدرتها في مارس/آذار 2022
ويبدو المستقبل قاتما. لطالما قال علماء المناخ إن الاحترار العالمي سيزيد من مخاطر الجفاف في المناطق المعرضة للخطر، نتيجة لانخفاض هطول الأمطار، وانخفاض رطوبة الهواء والتربة – ويتوقعون أن يصبح الجفاف أكثر حدة، وكذلك أكثر تواترا.
وإذا وصل الاحترار العالمي إلى ثلاث درجات مئوية بحلول عام 2100 – كما هو متوقع، إذا لم تنخفض مستويات الانبعاثات الحالية بشكل كبير – فإن تكلفة تلف المحاصيل والعواقب الاقتصادية الأخرى للجفاف يمكن أن تكون أعلى بخمس مرات مما هي عليه اليوم، وفقا لتقرير “الجفاف بالأرقام” الصادر عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في وقت سابق من هذا العام.
يقول بنجمين كوك، من وكالة ناسا: “بغض النظر عن كيفية تأثير تغير المناخ على حالات الجفاف المحددة هذه [هذا العام]، فهذه هي أنواع الأحداث التي يجب أن نستعد لها بينما نواصل التحرك نحو مستقبل أكثر ارتفاعا في درجات الحرارة