خلدون الشرقاوي
صحفي مصري
في تونس تواصل حركة النهضة الإخوانية محاولاتها البائسة من أجل البقاء في المشهد السياسي، زاعمة أنّ الدستور الجديد الذي أقر في البلاد مؤخراً، وصدّق عليه الرئيس قيس سعيّد، فاقد للشرعية. وفي الجزائر أثارت تصريحات الداعية الإخواني المغربي أحمد الريسوني حفيظة الأذرع الإخوانية التي ردّت بعنف على مطالبة الأول بـ”الزحف نحو تندوف”، وفي ليبيا جاء قرار عبد الحميد الدبيبة رئيس الوزراء المنتهية ولايته بتعيين قيادي إخواني رئيساً لمجلس إدارة شركة محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار المساهمة، ليثير الجدل حول طبيعة العلاقة بين الجماعة والدبيبة، وما إذا كانت هناك صفقة يجري إعدادها بين الطرفين.
إخوان تونس يصارعون طواحين الهواء
تواصل حركة النهضة التونسية محاولاتها البائسة من أجل البقاء في المشهد السياسي، زاعمة أنّ الدستور الجديد الذي أقر في البلاد مؤخراً، وصدّق عليه الرئيس قيس سعيّد، بأنّه “فاقد للشرعية، بما هو محاولة لإضفاء شرعية على انقلاب على دستور الثورة ومؤسساتها ومكاسبها”.
بيان المكتب التنفيذي لحركة النهضة استنكر ما سمّاه “محاولات سلطة الانقلاب، اعتبار نفسها سلطة أصلية، ووضع نفسها فوق الأحكام القضائية”، مدعياً أنّ مسار الاستفتاء رافقته “صياغة انفرادية على المقاس، وضروب التزييف، ومقاطعة واسعة للاستفتاء عليه بلغت ثلاثة أرباع المسجلين”، محذراً ممّا سمّته الحركة الإخوانية “مواصلة سياسة الهروب إلى الأمام، ومواصلة بيع الأوهام للمواطنين والمواطنات؛ باعتماد خطاب شعبوي يكرس تقسيم المجتمع، بعيداً عن الأولويات الاقتصادية والاجتماعية”.
ويرى مراقبون أنّ الحركة التي أصبحت خارج المشهد السياسي تماماً تحاول بأيّ طريقة إثارة الانتباه، بالتزامن مع ما تواجهه من دعاوى قضائية أمام جهات التحقيق، في شبهات تتعلق بتجاوزات مالية لجمعيات خيرية محسوبة على الجماعة، بالإضافة إلى ملف الجهاز السري المتهم بالتورط في عدد من الاغتيالات السياسية.
إخوان الجزائر والانقلاب على الذراع الدينية
رداً على تصريحات الداعية الإخواني أحمد الريسوني المسيئة للجزائر وموريتانيا، قررت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تجميد نشاطها في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، احتجاجاً على تلك التصريحات، واشترط عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين للعودة تقديم اعتذار صريح ودقيق من الريسوني أو استقالته من منصبه.
من جهة أخرى، ردّ عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم (حمس)، الذراع السياسية للإخوان في الجزائر، على تصريحات أحمد الريسوني، قائلاً: “بدل الدعوة إلى الفتنة وإلى سفك الدماء بين المسلمين، كان الأولى له أن يدعو إلى الجهاد بالمال والنفس من أجل تحرير سبتة ومليلة المغربيتين”.
بيان حمس الذي حمل توقيع مقري أكد على استغراب الحركة من تصريحات الريسوني، “التي تحدث فيها عن استعداد الشعب والعلماء والدعاة في المغرب، للجهاد بالمال والنفس، والزحف بالملايين إلى تندوف الجزائرية، كما تطاول فيها أيضاً على دولة بأكملها، وهي موريتانيا”، معتبراً ما أقدم عليه الداعية الإخواني سقطة خطيرة ومدوية، وإثارة للفتنة، بدلاً من “الاحتكام إلى الموازين الشرعية والقيم الإسلامية”، الأمر الذي يطرح مقدمات عنيفة للمزيد من الانشقاقات داخل التنظيم الدولي للإخوان وأذرعه العابرة للحدود.
إخوان ليبيا ومحاولات التمكين بمساعدة الدبيبة
جاء قرار عبد الحميد الدبيبة رئيس الوزراء المنتهية ولايته بتعيين الإخواني مصطفى أبو فناس رئيساً لمجلس إدارة شركة محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار المساهمة، التي يبلغ رأس مالها نحو (5) مليارات دولار، جاء ليثير الجدل حول طبيعة العلاقة بين الجماعة والدبيبة، وما إذا كانت هناك صفقة يجري إعدادها بين الطرفين.
فتحي البعجة، رئيس المكتب السياسي لحزب تيار ليبيا للجميع، علّق على القرار، متهماً الدبيبة بمحاولة استرضاء الإخوان من أجل مساعدته للبقاء في السلطة، مؤكداً في تصريحات صحفية لشبكة “إرم نيوز” أنّ “أبو فناس، وأشقاءه من الإخوان، يحظون بمناصب قيادية، والدبيبة، يتعاون مع الإخوان من أجل إرضائهم للبقاء في موقعه”. وأضاف: “الدبيبة، يعرف كذلك أنّ الإخوان مدخل إلى تركيا، وأنّ الرئيس التركي أردوغان يدعمهم؛ ولذا هو يحاول التقرّب منه، خاصّة بعد فتح أردوغان الحوار مع فتحي باشاغا، ولذلك الدبيبة بصدد دغدغة مشاعر الإخوان”.
من جهته، قال أحمد الشركسي، عضو ملتقى الحوار السياسي بجنيف: إنّ “الدبيبة بصدد وضع مجموعة من الكومبارس على رأس المؤسسات لتمويل حكومته عبر قرصنة الشركات العامة والاستيلاء على المال العام في البلاد”.
الهدف الكامن خلف هذا القرار كشف عنه خالد الترجمان، رئيس مجموعة العمل الوطني الليبية، مؤكداً أنّ “الدبيبة يحاول القيام بكل شيء للبقاء في منصبه، بما في ذلك تعيين الإخوان في مناصب في الدولة”. ولفت إلى أنّ مصطفى أبو فناس “كان دائماً موجوداً في كل الأدوار، وهو أحد أبرز أذرع الإخوان داخل كل مؤسسات الدولة الليبية والوزارات، وأمثاله كثيرون، يدخلون الآن إلى الوزارات والمحافظ الاستثمارية ومؤسسات الدولة لبناء كوادر حزبية للإخوان في هذه القطاعات”.
وفي سياق مشابه، قام وليد اللافي، وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية في حكومة الدبيبة، بتوقيع عقد غير قانوني مع شركة أجواء التي يملكها إسماعيل القريتلي، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، ممّا أثار حفيظة العاملين في قناة ليبيا الوطنية، الذين اتهموا اللافي بتوقيع عقد باطل من الناحية القانونية، واعتبروا ذلك، وفقاً لبيان أعلنوه في وقفتهم الاحتجاجية، نوعاً من “العبث الممنهج، وعملية استيلاء واضحة على الإعلام الحكومي، وتهميش للكادرين الفني والإداري داخل القناة، من بعض الجهات التي تمتلك النفوذ السلطوي، ولا تمتلك النفوذ الشعبي على الأرض”.
وليد اللافي، الذي تربطه علاقات قوية بجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، تجاهل صلاحيات لجنة أسعار العطاءات في القناة، باعتبارها المختصة بالموافقة على مثل هذا النوع من العقود، ومن ضمنها “عقود البناء والتطوير، وإنشاء الاستديوهات، ويترأسها مدير إدارة التخطيط بالقناة، وقد تجاوز هذا العقد هذه اللجنة بشكل واضح، وهو ما يُعدّ مخالفة قانونية لهذا العقد، الذي نُفذ ووُقع في دوائر ضيقة بعيدة عن هذه اللجنة”.
الموظفون في قناة ليبيا الوطنية طالبوا رئيس الحكومة بـ “إيضاح الصورة حول ملابسات هذا العقد، وإيقاف الأعمال والتجهيزات داخل الاستديوهات الجديدة إلى حين النظر والتحقيق والوصول إلى حلٍّ يرضي كلّ الأطراف”، مؤكدين أنّه قد يتم اللجوء إلى إيقاف بث القناة؛ إذا لم يتم إلغاء هذه الاتفاقية التي جرى توقيعها بالمخالفة للقوانين.
المصدر حفريات