حسن خليل
صحفي مصري
في تقرير مهم لريبيكا بينوم، عضو تحالف الشرق الأوسط الأمريكي من أجل الديمقراطية، نشر موقع (Presswire) الأمريكي، معلومات جديدة حول الحملة التي يشنها إخوان ليبيا ضد المرشح الرئاسي الليبي خليفة حفتر في الولايات المتحدة.
التقرير استهل الحديث بتوضيح الأسباب الكامنة خلف استماتة الإخوان في ليبيا من أجل المحافظة على وجودهم، خاصّة بعد سقوط جماعة الإخوان المسلمين في مصر، فخسارتهم لما تحقق في ليبيا تعني ببساطة غروب شمس التنظيم في شمال أفريقيا إلى الأبد، وعليه يبذل الإخوان محاولات يائسة للسيطرة على ليبيا، حيث تم تنصيب حكومة يهيمن عليها الإخوان في طرابلس، لكنّ التهديد الرئيسي لسلطتهم في ليبيا يأتي من أحد الجنرالات السابقين المشير خليفة حفتر الذي قاد حملة عسكرية في نهاية المطاف لدحر الميليشيات الجهادية، واستعادة طرابلس بالقوة في العام 2019، وقد فشل هذا الجهد لأنّ تركيا دخلت الصراع إلى جانب ميليشيات الإخوان، ممّا أدى إلى وصول ليبيا إلى طريق مسدودة.
حملة ممنهجة وادعاءات كاذبة
بعد أن ترشح حفتر لمنصب رئيس ليبيا، تتم الآن مقاضاته أمام محكمة مدنية في المنطقة الشرقية من ولاية فرجينيا، في القضية المرفوعة منذ 3 أيلول (سبتمبر) 2020، بموجب قانون دعاوى تعويض الأجانب، وقد احتفظ المشير بمقر إقامته في الولايات المتحدة منذ سقوط القذافي في العام 2011 .
لم يكن مفاجئاً أن يقوم نشطاء الإخوان في الولايات المتحدة باستهداف حفتر من خلال دعاوى قضائية، نيابة عن ضحايا التعذيب المزعوم من قبل قواته، خلال حملة الجيش الوطني الليبي في العام 2019 المشار إليها، حيث تمّ تنظيم الدعاوى القضائية إلى حد كبير من قبل إخواني في فرجينيا يُدعى عصام عميش، وهو نائب رئيس سابق، وعضو حالي في مجلس إدارة مسجد دار الهجرة الشهير (المعروف أيضاً باسم مسجد القاعدة) في فولز تشيرش بولاية فيرجينيا. وهو معروف بميوله المتطرفة، حتى أنّه أوصى بأن يكون أنور العولقي إماماً للمسجد في العام 2000، قبل أن يفر العولقي إلى اليمن، ويُقتل بعد ذلك بضربة بطائرة بدون طيار، أمر بها الرئيس أوباما، بعد أن حاول تفجير طائرات ركاب متجهة إلى الولايات المتحدة.
والمسجد المذكور كان أيضاً على صلة بالعديد من الأفراد المرتبطين بتمويل الإرهاب، وكان “يعمل واجهة لنشطاء حركة حماس في الولايات المتحدة، وفقاً لتقارير موثقة للسلطات الأمنية الأمريكية، أشار إليها تقرير ريبيكا بينوم، وعلى رأسها إدارة حماية الحدود الأمريكية.
بعد أن ترشح حفتر لمنصب رئيس ليبيا، تتم الآن مقاضاته أمام محكمة مدنية في المنطقة الشرقية من ولاية فرجينيا، في القضية المرفوعة منذ 3 أيلول 2020، بموجب قانون دعاوى تعويض الأجانب
وبالعودة إلى عصام عميش، مهندس القضايا المرفوعة ضدّ خليفة حفتر، نجد أنّه من العام 2004 إلى العام 2008 شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الإسلامية الأمريكية، وهي منظمة أسسها أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين، وقد تمّ تصنيف الجمعية الإسلامية الأمريكية منظمة إرهابية من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، وتمّ تصنيف عميش نفسه بأنّه إرهابي من قبل لجنة الأمن الليبية، وهي جزء من مجلس النواب الليبي، الذي يقف في مواجهة السلطة التي يهيمن عليها الإخوان في طرابلس، والتي تدّعي أنّها الحكومة الشرعية.
من جهته، علّق توم حرب، الرئيس المشارك لمؤسسة استشارات التنمية متعددة الثقافات AMCD، على إجراءات الإخوان القضائية ضدّ حفتر، مؤكداً أنّه تمّ تصميم هذه الدعاوى القضائية لسبب واحد فقط، هو تشويه سمعة حفتر، من خلال وصفه بـ”مجرم حرب”، وبالتالي حرمانه من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية في ليبيا، وهو التكتيك نفسه الذي استخدمه اليساريون الأمريكيون ضد الرئيس ترامب، ومن غير المستغرب أيضاً أنّهم يلاحقون ابن حفتر، وهو مستثمر عقاري في الولايات المتحدة.
حكم غيابي يحرك شهية الانتقام
وفقاً لتقرير ريبيكا بينوم، فقد أصدرت القاضية ليوني برينكيما حكماً غيابياً ضد خليفة حفتر لعدم مثوله أمام المحكمة للدفاع عن نفسه، ممّا حرك الأذرع الإخوانية من أجل استثمار الموقف، والبحث عن المزيد من الخطوات الانتقامية، حيث ادعت المنظمات الأمريكية المرتبطة بالإخوان المسلمين، بما في ذلك مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR)، الذي زعم أنّ حفتر قد أدين بارتكاب “جرائم حرب”، وهو أمر بعيد تماماً عن الحقيقة؛ فالأمر ببساطة هو أنّه عندما فشل حفتر في الحضور للإدلاء بشهادته، أصدر القاضي حكماً غيابياً، وهو إجراء روتيني، يسمح فقط للدعوى بالمضي قُدماً.
ويضيف التقرير المزيد من المعلومات حول عملية الخداع والتدليس التي تستخدمها منصات الإخوان، قائلاً: “في أحدث تطور يتكهن مراسل لصحيفة Middle East Eye، وهي مطبوعة قطرية مرتبطة بجماعة الإخوان، أنّ حفتر يقوم بتصفية الأصول الخاصّة به، قبل المرحلة التالية من القضية، ولكن عند الفحص الدقيق نكتشف أنّ هذه الممتلكات تابعة لنجل الجنرال، الذي يشتري ويبيع الممتلكات بشكل روتيني كجزء من عمله، ويذكر المنشور نفسه أنّ عقبة حفتر قد تلقى عرضاً من الإمارات للانتقال إليها، وهو ادعاء غير صحيح تماماً”.
ويرى التقرير المنشور بالإنجليزية أنّه من المنطقي أن يقوم الإخوان في الولايات المتحدة بكل ما في وسعهم، من أجل تشويه سمعة خليفة حفتر، ذلك أنّ الأخير، بحسب جون حجار الرئيس المشارك لـ AMCD، المرشح الوحيد الذي يتمتع بالقوة الكافية للوقوف ضد الميليشيات المتشددة التي تحاول السيطرة على ليبيا، فهو يمثل التيار الذي يريد ليبيا حديثة ومعتدلة، مع بعض الفصل على الأقل بين الدين والدولة، وإذا تم انتخابه، فسيحصل على دعم من مصر والسعودية والإمارات والمغرب وربما البحرين أيضاً. ويمكن لليبيا أن تدخل في اتفاقيات متعددة مع الدول الإسلامية المعتدلة الأخرى، وينتهي التقرير بسؤال لافت: هل من المستغرب بعد ذلك أن يكون المشير حفتر هدفاً للإخوان المسلمين؟
المصدر حفريات