كريتر نت – متابعات
لم تكتفِ الميليشيات الحوثية بافتعالها منذ أيام أزمة جديدة في غاز الطهي، حيث باتت العاصمة صنعاء تعاني من انعدام شبه كلي لتلك المادة، ولكنها لوحت أخيراً بافتعال أزمة جديدة في المحروقات بمناطق سيطرتها، تحت مزاعم عرقلة دخول السفن إلى ميناء الحديدة.
ووسط تصاعد حدة الاتهامات للجماعة بمواصلة التلاعب والاستحواذ على أطنان من الوقود الواصل تباعاً إلى ميناء الحديدة لغرض استمرار عملياتها العسكرية والمتاجرة بها وبيعها في السوق السوداء لجني أرباح مضاعفة، اعترف القيادي لدى الجماعة عصام المتوكل، المعيّن كمتحدث باسم شركة النفط الخاضعة لها في صنعاء، بدخول 33 سفينة نفطية خلال أشهر الهدنة إلى مناطق سيطرتهم.
ونشرت وسائل إعلام حوثية تصريحات للمتوكل، وهو يبرر تلويحه بافتعال أزمة محروقات جديدة بمزاعم عدم دخول سفن المشتقات إلى ميناء الحديدة.
من جهته هدد القيادي الحوثي حسين العزي، المشرف على خارجية حكومة الجماعة غير المعترف بها، بتعليق مشاركة جماعته في المفاوضات مع الحكومة الشرعية التي ترعاها الأمم المتحدة في الأردن، معتمداً على ذات المبررات والمزاعم.
ورأى ناشطون في صنعاء تلك التصريحات وغيرها أنها تهدف في المقام الأول إلى إشعال أزمة جديدة في الوقود، مشيرين إلى أنه سبق أن عمدت الجماعة أكثر من مرة ومنذ بدء سريان الهدنة الإنسانية إلى اختلاق مبررات واتهامات للغير، ثم تنتهي برفعها أسعار المشتقات النفطية.
في سياق متصل، كشفت مصادر نقابية بشركة النفط في صنعاء عن مخطط جديد تعتزم قيادات حوثية تنفيذه في الأيام المقبلة بالتعاون مع هوامير نفط موالين للجماعة ويهدف إلى زيادة معاناة اليمنيين.
وتوقعت المصادر أن يبدأ المخطط أولاً بافتعال الانقلابيين أزمة وقود في صنعاء وبقية مناطق سيطرتهم قد تستمر لفترة محدودة، ثم ينتهي برفع أسعارها، مشيرةً إلى مواصلة الجماعة عقد سلسلة من الاجتماعات في العاصمة متعلقة بذات الموضوع.
وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة ولغرض تمرير المخطط أوعزت مؤخراً إلى خطباء المساجد الموالين لها في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها بتوجيه دعوات للمواطنين بتنظيم وقفات احتجاجية للمطالبة برفع ما سمّته «الحصار واحتجاز الوقود». على حد زعمها، وقالت إن الميليشيات أجبرت مصلين في عدد من مساجد العاصمة وريفها ومدن إب وذمار والحديدة والمحويت وعمران وحجة وريمة وغيرها على إقامة سلسلة وقفات احتجاجية عقب صلاة الجمعة الماضية لإفساح الطريق أمامها لاستكمال تنفيذ ذلك المخطط.
وجاءت ترتيبات الانقلابيين لفرض جرعة سعرية جديدة متزامنة مع اتهامات وجّهها مؤخراً أحدث تقرير اقتصادي بمواصلة استغلال المواطنين في مدن سيطرتهم بأسعار الوقود المرتفعة، ثم إلقاء اللائمة على التحالف الداعم للشرعية.
وأوضح التقرير الصادر عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية أن شركة النفط الخاضعة للجماعة رفعت أسعار الوقود ثلاث مرات خلال الفترة من يونيو (حزيران) 2021 حتى يوليو (تموز) هذا العام.
وأشار إلى أن أسعار البنزين ارتفعت في تلك الفترة بنسبة 137 في المائة، أي من 295 إلى 700 ريال يمني للتر الواحد، بينما ارتفعت أسعار الديزل بنسبة 197 في المائة، أي من 295 إلى 875 ريالاً يمنياً لكل لتر (الدولار نحو 600 ريال).
وقال التقرير إن سوق مشتقات الوقود باتت مربحة للغاية للأطراف المتحاربة، خصوصاً سلطات الميليشيات الحوثية والشبكات التجارية التابعة لها، التي غالباً ما تتلاعب بإمدادات الوقود عبر قنوات رسمية بغية تحقيق عوائد أعلى في السوق السوداء. وذكر أن معدل أسعار الوقود في مناطق سيطرة الميليشيات يعد من بين الأعلى في المنطقة، لا سيما أسعار الديزل، وهو ما يدل على أن الجبايات والضرائب التي تفرضها الجماعة على واردات ومبيعات الوقود مُربحة للغاية بالنسبة لها.
وحسب التقرير، فما زالت مناطق سيطرة الجماعة تعاني منذ يونيو الماضي، نقصاً مستمراً في وقود الديزل تسبب بتفاوتات كبيرة بين أسعار الوقود في المحطات الرسمية والتجارية والسوق السوداء.
وبيّن أن السعر الرسمي للديزل بلغ خلال معظم أيام يوليو 750 ريالاً للتر الواحد، لكن ظلت الكميات المتوفرة في السوق محدودة. في حين ارتفع سعر الديزل المبيع في الأسواق التجارية والسوق السوداء بنحو 17 و33% على التوالي من السعر الرسمي بنهاية يوليو. وقال: «إن هذا الحد من إمدادات الديزل في السوق لا يُستبعد أن يكون وسيلة تعمدت سلطات الميليشيات استخدامها لزيادة مخزونها الاستراتيجي من الوقود».
وكشف التقرير عن سماح الهدنة القائمة بتفريغ 36 شحنة وقود في ميناء الحديدة تحت سيطرة الجماعة خلال الفترة بين أوائل أبريل (نيسان) حتى نهاية يوليو.
وسبق أن اتهمت تقارير محلية وأخرى دولية الميليشيات أكثر من مرة بمواصلتها استغلال ملف سفن النفط لابتزاز المواطنين في مناطق نفوذها والمتاجرة بمعاناتهم.
وفي وقت سابق، دعت الحكومة الشرعية، المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، للوقوف أمام الابتزاز الحوثي فيما يخص المشتقات النفطية، وكذا أمام استخدام معاناة المدنيين كورقة في الصراع.
وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، قد قال في وقت سابق إن تلاعب جماعة الحوثي بأسعار المحروقات يفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.