توفيق علي
رفعت ميليشيا الحوثي رسوم الدراسات العليا في كلية الطب البشري بجامعة ذمار، (المحاذية لصنعاء شمال البلاد)، إلى 27 ألف دولار أميركي عن أعوام الدراسة الستة، واشترطت أن يدفع الطالب كامل المبلغ دفعة واحدة لدى تقدمه للتسجيل في الكلية، مما أثار موجة من السخط تخللته عبارات الاستهجان والسخرية من الحال التي وصلت إليها المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.
ونشرت كلية الطب في الجامعة عبر حسابها على “فيسبوك” استمارة إعلان التقديم للعام الدراسي الجديد، تضمنت الشروط والأحكام التي يطالب بها المتقدمون للدراسة في الكلية بنظام النفقة الخاصة.
وتعليقاً على الإعلان المتداول، أكد مدير شؤون الطلاب في كلية الطب أن الرسوم للمتقدمين لمقاعد النفقة الخاصة حددت فعلاً بـ27 ألف دولار، فيما حددت رسوم خريجي الثانوية الذين حازوا معدلات 85 في المئة وما فوق بـ 21 ألف دولار.
حتى الوفاة
ووفقاً لإعلان الجامعة، فإن المبلغ المطلوب للمقعد الواحد 4500 دولار أميركي سنوياً، مشترطة أن يدفع الطالب كامل المبلغ عن الأعوام الستة بالريال اليمني وبسعر صرف الدولار وهو سعر الصرف ذاته في البنك المركزي اليمني، أي ما يزيد على 16 مليون ريال يمني وهو مبلغ باهظ لعامة الناس، خصوصاً لفئة الطلاب وسط أوضاع اقتصادية صعبة يعاني منها السكان.
كما بينت الجامعة أن كامل المبلغ يجب أن يدفع دفعة واحدة عند تسجيل الطالب “ولا تعاد الرسوم مطلقاً عند الانسحاب أو الرسوب أو التعثر أو الفصل أو النقل من الكلية أو الوفاة، أو لأي سبب كان حتى إن تم قبول الطالب في الكلية ذاتها بأي نظام دراسي آخر وهذه الرسوم لا تشمل رسوم الأنشطة والمعامل السنوية المقرة على بقية الطلاب التي يتوجب عليهم دفعها كل عام”، موضحة النسبة المطلوبة لخريجي الثانوية لالتحاق الطلبة بنظام “النفقة الخاصة” بـ80 في المئة على أن يجتازوا امتحان المفاضلة.
للسلالة فقط
وعلى الرغم من عدم منطقية المقارنة بين جامعة ذمار حيث الوضع التعليمي يعاني انهياراً شبه تام والجامعات الخارجية، إلا أن مطلعين أكدوا أن المبالغ الحوثية المفروضة كبيرة ومبالغ فيها.
يقول الباحث الاقتصادي عبدالواحد العوبلي إن الميليشيا لا تتورع عن فرض رسوم خيالية مقابل خدمة تعليمية هي أساساً خارج التصنيف الدولي، ما لم تحصرها لأبناء السلالة الموالية لها، ويضيف أن “الهوة شاسعة بين تصنيف جامعة ذمار وأي جامعة أخرى تطلب المستوى ذاته من الرسوم مثل أن تكون ضمن أفضل 300 جامعة في العالم ومستوى الخدمات التعليمية التي تقدم للطالب ومدى توافر المدرسين المتخصصين والتجهيزات من معامل ومواد ومراكز بحثية ومراجع وخدمة عالية له”.
العوبلي يتساءل “هل سيحصل الطالب على قيمة علمية تقابل ما يدفعه من ناحية المعامل والتجهيزات والاكتفاء الحقيقي في الكادر التدريسي وغيرها؟”، ويجيب “الحوثي نهب وسرق أبسط الأدوية المقدمة من الأشقاء والعالم وترك الناس تموت في المستشفيات وتتضور جوعاً فضلاً عن تقديمه خدمة تعليمية حصرها بأبناء السلالة فقط”.
إخلاء الساحة
وأثار الإعلان الحوثي موجة سخرية واسعة ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي لدرجة دفعت البعض إلى إجراء مقارنة ساخرة بين جامعة ذمار التي تحتل بطبيعة الحال مرتبة دولية متدنية جداً، والجامعات الدولية المتطورة التي تقدم تسهيلات مختلفة للطلاب في سبيل تسديد رسومها سنوياً أو حتى فصلياً.
في حين اعتبره آخرون وسيلة حوثية جديدة لزيادة الإيرادات التي تجنيها لخدمة مشروعها الطائفي الذي تفرضه على كاهل ملايين الجياع والمعذبين بالحرب، وعده آخرون وسيلة حوثية لاحتكار التعليم العالي والنوعي في فئة أبناء السلالة الموالية للميليشيا المدعومة من إيران.
وقال الصحافي والناشط السياسي سام الغباري، “في جامعة ذمار المحتلة، بدأت معالم ’التطفيش‘ التي حذرنا منها سابقاً، تطفيش اليمنيين عن الدراسة برفع أسعار القبول بشكل جنوني وإخلاء الساحة لأبناء العائلات المحسوبة على الحوثيين الذين ينهبون ثروات البلاد”، وأضاف في تغريدة على “تويتر”، “أسعار لن تجدها في أعرق الجامعات الألمانية حتى لا يبقى لليمني سوى اللجوء إلى الثورة أو القتل”.
فيما أرفقت الإعلامية والناشطة وضحى مرشد عبر حسابها في موقع “فيسبوك” صورة لجامعة ذمار وذيلتها ساخرة بـ”ذمارفورد”.
مقارنة
وغرد طالب الدراسات العليا خالد النجدي بالقول إن “جامعة ذمار تطلب 27 ألف دولار رسوم دراسة الطب مرة واحدة وضروري دفعها دفعة واحدة وليس أقساط أو على طول سنوات الدراسة”، مردفاً أن “دراسة الطب في ألمانيا هذا العام بـ500 يورو، مما يعني أن كل الأعوام بـ 3500 يورو، ودراسة الطب في الجامعات التركية باللغة الإنجليزية بخمسين ألف ليرة تركية ما يعادل 2700 دولار”.
ووفقاً لطلاب سابقين في كلية الطب بجامعة ذمار، فإن رسوم النفقة الخاصة قبل انقلاب ميليشيا الحوثي، كانت تتراوح بين 1200 إلى 1500 دولار سنوياً وبسعر صرف البنك المركزي. أما أصحاب النسب المطلوبة للتخصص (النظام العام)، فكان تعليمهم مجانياً بل ويتم ابتعاث المتفوقين منهم لإتمام الدراسات العليا، الماجستير والدكتوراه، خارج البلاد على نفقة الحكومة كون دستور البلاد ينص على مجانية التعليم.
وخصص نظام النفقة الخاصة للطلاب الذين تجاوزوا المقاعد المخصصة للكلية بمثابة شراء مقعد دراسي على أن يستوفوا شروط القبول.
وسعت “اندبندنت عربية” إلى الوصول لرأي يمثل الجماعة الحوثية المسيطرة بشكل كامل على المدينة بجامعاتها، لكنه لم يرد أي رد حتى كتابة هذه المادة.
المصدر “اندبندنت عربية”