توفيق علي
طالت عقوبات جديدة خمسة من كبار قيادات ميليشيات الحوثي الميدانيين، بينهم ثلاثة سبق وتم تصنيفهم على قوائم الإرهاب العالمية، وذلك لمسؤوليتهم المباشرة عن “الهجمات البرية والبحرية والجوية وتقويض أمن المنطقة”، بحسب بيان لـ”أمن الدولة السعودي”.
ومن بين الأشخاص الذين طالتهم العقوبات منصور السعدي، الذي قال البيان، إنه العقل المدبر للهجمات على الشحنات الدولية في البحر الأحمر، إضافة إلى أحمد علي الحمزي، ومحمد عبدالكريم الغماري، وزكريا عبدالله يحيى حجر (هاجر)، وأحمد محمد علي الجوهري، وكلهم يرتبطون بطريقة مباشرة بعمليات إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.
ووفقاً للبيان، فالتصنيف يعني تجميد الأصول التابعة لهؤلاء الأشخاص، وحظر القيام بأي معاملات مباشرة أو غير مباشرة معهم.
أسماء غير تقليدية
وخلافاً لما جرت عليه العادة منذ انقلاب 2014، لم تقتصر العقوبات على القيادات الحوثية التاريخية والتقليدية في الصف الأول، بل امتدت هذه المرة لتشمل القيادات العسكرية الميدانية “غير المعروفة” التي تعتمد عليها الحركة المدعومة من إيران في تنفيذ عملياتها المسلحة وحشد المقاتلين والزج بهم في القتال.
ومن خلال أسماء القادة المشمولين بالعقوبات السعودية، كان لافتاً أن هذه القيادات غير معروفة نظراً إلى التعتيم الإعلامي الواضح الذي تبديه الميليشيات حول قادتها الميدانيين.
“هاجر” الصواريخ الباليستية
تولي الميليشيات الصواريخ الباليستية والمسيرات المفخخة أهمية بالغة تحت مسمى “برنامج الطائرات من دون طيار”، وتحيط هذا القطاع بسرية تامة خشية الوصول لأي معلومات تصل لأوكار صناعتها ومخازنها.
ووفقاً لرئاسة أمن الدولة السعودي، فإن زكريا عبدالله يحيى حجر، الذي يحمل الاسم الحركي الحوثي “هاجر”، قد تلقى دورات عسكرية في إيران وهو من المرتبطين بعمليات إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة إيرانية الصنع، ما يعني أنه من كوادر الحوثي المؤثرة.
ومن الملاحظ أن هاجر غير معروف لدى عامة الناس وحتى عند أنصار الحركة الحوثية، إذ لم يسبق له الظهور إعلامياً ويغيب عن محركات بحث الإنترنت، وهذا يكشف الأهمية الميدانية للقيادي داخل صفوف جماعته.
الحمزي… رجل الاستخبارات والمخدرات
شملت العقوبات أيضاً أحمد علي أحسن الحمزي، باعتباره المسؤول عن برنامج الطائرات المسيرة، وأحد من تم تجنيدهم باكراً وتدريبهم، ويمكن اعتباره رجل الاستخبارات الحوثية الخارجية ومسؤول تنسيق تلقي الدعم الإيراني للميليشيات.
واتهمت “الخزانة الأميركية” في أكثر من مناسبة إيران بتهريب الأسلحة إلى اليمن لصالح الميليشيات.
ويعرف الحمزي داخل الميليشيات بـ”أبو شهيد” وينحدر من مديرية سحار التابعة لمحافظة صعدة، معقل الميليشيات التاريخي.
ونتيجة للتدريبات التي تلقاها في طهران على يد الحرس الثوري في مجال المسيرات المفخخة، عينه زعيم الميليشيات قائداً لما يسمى “القوات الجوية” و”الدفاع الجوي” في صنعاء 2019 عقب سنوات من عمله مديراً لتلقي الدعم الخارجي المادي والعسكري، بين الميليشيات وإيران ولبنان متنقلاً بجواز سفر مزيف.
وتشير مصادر إلى تورط الحمزي في إدارة شبكة واسعة لتهريب المخدرات، وفي مارس (آذار) 2021، أدرجت واشنطن أحمد الحمزي إلى جوار منصور السعدي على لائحة الإرهاب لمسؤوليتهما عن هجمات طالت المدنيين وسفن الشحن والإغاثة.
مدير المكتب الوفي
كما شملت العقوبات القيادي أحمد محمد علي الجوهري، أحد أبرز قادة عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة للحوثيين ومساعد القيادي الحمزي.
إخلاصه مع الحمزي ومشروع الميليشيات الطائفي، دفعه ليغدو أميناً على أنشطتها فعينته مديراً لمكتب ما يسمى قائد القوات الجوية والدفاع الجوي للميليشيات، ويكنى حركياً بـ”أبو مطلق الجوهري”.
جندي الحديدة الخفي
منصور أحمد السعدي (السعادي)، المكنى “أبو سجاد” والمدرج منذ مايو (أيار) 2021 على لائحة الإرهاب الأميركية وقائد الميليشيات البحرية للحوثيين بوصفه “قائد أركان القوات البحرية” لدى الميليشيات، هو الشخصية الرابعة التي شملتها العقوبات السعودية.
ووفقاً لمقاطع فيديو نشرتها قوات المقاومة الوطنية بالساحل الغربي اليمني، وثقت اعترافات لمخبرين حوثيين، أكدوا أن السعادي هو الذراع الإيرانية التي تدير شبكات تهريب الأسلحة والمحظورات من داخل ميناء الحديدة من بينها تهريب مادة “اليوريا” والأسلحة الإيرانية من ميناء بندر عباس عبر بحر العرب أو إلى الصومال ثم تنقل لليمن عبر خليج عدن أو البحر الأحمر.
ينحدر السعادي من قرى مران بمحافظة صعدة، وعقب تعيينه قائداً لقوات البحرية، اتخذ من موانئ الحديدة نقطة انطلاق للهجمات البحرية بحق عدد من السفن التجارية المارة عبر المياه الدولية التي كان آخرها قرصنة السفينة “روابي” الإماراتية.
الغماري… من جبال وشحة إلى الأركان
أما القيادي الخامس في قوائم الإرهاب السعودية فهو محمد عبدالكريم أحمد حسين الغماري، الذي ينتحل منصب “رئيس هيئة الأركان العامة”، وسبق وأدرجته واشنطن على لائحة العقوبات في مايو 2021، ثم تبعه مجلس الأمن بتصنيفه على لائحة العقوبات الدولية.
تصنيف واشنطن ومجلس الأمن جاء نتيجة “إشراف الغماري على هجوم ميليشيات الحوثي على مدينة مأرب وتعريض أكثر من مليون يمني نازح للخطر”، فيما صنفته السعودية إرهابياً إثر “تلقيه دورات عسكرية في إيران، ولكونه أحد المرتبطين بشكل مباشر بعمليات إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة”.
كما يضع التحالف العربي الغماري في المرتبة 16 في لائحة الـ40 إرهابياً حوثياً بمكافأة مالية تصل لـ10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود الوصول إليه.
وعلى الرغم من صغر سن الغماري المولود في عام 1984 في قرية “ضاعن” التابعة لمديرية “وشحة” في محافظة حجة، المحاذية لمحافظة صعدة (أقصى الشمال اليمني)، فإن مرافقته منذ سنوات طويلة للقيادين الحوثيين طه المداني ويوسف المداني من محافظتي حجة إلى صعدة منحته هذه المكانة العسكرية داخل صفوف الميليشيات.
وتشير بعض المعلومات إلى أن الغماري سافر خلال الحرب الثانية والسادسة بصعدة أي بين عامي 2005 – 2009، إلى جنوب لبنان وقبل ذلك إلى سوريا لتلقي تدريبات مكثفة على يد ضباط عسكريين تولوا إعداد مسلحين حوثيين في سوريا بإشراف من إيران و”حزب الله”.
وشمل القرار تجميد جميع الأصول التابعة لأسماء القيادات الحوثية الـخمسة المعاقبة داخل السعودية، كما يحظر القيام بأي تعاملات مباشرة أو غير مباشرة مع تلك الأسماء أو لصالحها، من قبل المؤسسات المالية والمهن والأعمال غير المالية المحددة، وجميع الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين”.
ولم يصدر أي تعليق من سلطة الميليشيات الحوثية على التصنيف، وتلتزم “اندبندنت عربية” بنشره فور وروده.
المصدر أندبندنت عربية