محسن أمين
قرار بمقاطعة الانتخابات التشريعية المقررة بعد أشهر يتخذه إخوان تونس، في وقت قاتل يقتطع تذكرتهم نحو سقوط يخرجهم من الباب الصغير.
فبعد أكثر من عام على بداية مسار تصحيحي في تونس، بإعلان تدابير رئاسية استثنائية أوصدت أبواب برلمان سابق هيمن عليه التنظيم الإرهابي، وأقالت رئيس حكومة موالياً له، تدخل البلاد مرحلة صحية تمهد لبناء مؤسسات دائمة ومستقرة.
“جبهة الخلاص الوطني” التونسية أعلنت، الأربعاء، أن مكوناتها وأبرزها حركة “النهضة” الإخوانية، ستقاطع الانتخابات التشريعية المقررة في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وعلاوة على حركة النهضة، تضم الجبهة أيضا ما يعرف بائتلاف الكرامة، وهو أيضا مكون إخواني، ما يعني أن إعلان المقاطعة يخرج الإخوان نهائيا من معادلة السلطة في تونس.
وفي مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة التونسية، قال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي، إن الجبهة “اتخذت موقفا نهائيا بمقاطعة الانتخابات القادمة”.
وأرجع الشابي أسباب المقاطعة إلى القانون الانتخابي الذي اعتبر أن الرئيس قيس سعيد “ينفرد بصياغته وحده”.
واعتبر الشابي أن “تجاوز الأزمة” السياسية مع الرئيس سعيد يتطلب أن “يلتئم التونسيون حول طاولة… ليتفقوا على خريطة طريق للعودة إلى الديمقراطية” وتأليف “حكومة إنقاذ تتولى إدارة مرحلة انتقالية”.
من جهته، أوضح القيادي في “جبهة الخلاص الوطني” جوهر بن مبارك أن “كل مكونات الجبهة متفقة على هذا الموقف وهو موقف جماعي”.
وفي 25 يوليو/ تموز الماضي، نظّمت تونس استفتاء على دستور جديد حصل على موافقة أكثر من 94 % من الناخبين وقاطعته “جبهة الخلاص الوطني”.
ويُنتظر أن يصدر في الأيام القادمة قانون لتنظيم انتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب وكذلك المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذي أنشئ بموجب الدستور الجديد.
هزيمة أم نار فتنة؟
قرار الإخوان يترجم إعلانا رسميا لموتهم سياسيا وخسارتهم لحروب بددت أحلامهم بالعودة إلى السلطة بعد عقد من الفشل والخروقات التي كبدت التونسيين فاتورة باهظة.
ويرى مراقبون أن قرار عدم المشاركة في الانتخابات يعد بمثابة هبوط اضطراري من الأحزاب الإخوانية بعد سقوطها الأخلاقي وانهيار شعبيتها ولفظها عقابا لها على سنوات عجاف من حكمها.
وفي قراءة للقرار، قال حسن التميمي الناشط والمحلل السياسي، “إن الشعب التونسي رفض كل هذه التيارات الإسلامية بعد أن انكشف تورطها في ملفات الإرهاب والتهريب والاغتيالات السياسية والفساد المالي”.
وقال التميمي، في حديث لـ”العين الإخبارية”، إن الشعب فقد ثقته في الأحزاب الإخوانية التي اكتسبت تعاطفهم بعد أن قدّمت نفسها في دور ضحيّة الاستبداد لكن الآن، فقدت تلك الشعبية وتعاطف الشارع معها.
وأضاف أن الرئيس التونسي قيس سعيد وجه ضربات قاضية لحزب “النهضة” وأذرعه العنيفة، ما جعلهم غير قادرين حتى على المشاركة في الانتخابات خوفا من النتائج المخزية المتوقعة.
وبحسب الخبير، فإن إخوان تونس يعلمون جيدا أن القانون الانتخابي الجديد سيقصيهم بسبب الجرائم التي ارتكبوها في حق البلاد، خاصة أن هذا القانون سيمنع الأحزاب المتورطة في قضايا جزائية ذات علاقة بتبييض الأموال أو الإرهاب أو جرائم انتخابية، من المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي.
نقطة سقوط
من جانبه، يرى زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب (قومية) أن جبهة الخلاص تستقوى بالأجانب، وأن أعضاءها توجهوا في السابق إلى صندوق النقد الدولي وطلبوا منه عدم التفاوض مع حكومة نجلاء بودن.
وقال المغزاوي، في تصريح لـ”العين الإخبارية”، إن فترة حكم الإخوان لن تعود وهم منبوذون شعبيا في تونس.
وأوضح أن الانتخابات التشريعية المقبل تمثل مسؤولية وطنية وتاريخية، لافتا إلى أن استفتاء 25 يوليو/تموز الماضي على الدستور يعتبر قطعا نهائيا مع منظومة العشرية السوداء و تثبيتا لمسار الإصلاح الجديد.
وأشار إلى أن الانتخابات القادمة ستؤسس لبرلمان جديد ليس كسابقيه وفق قانون انتخابي جديد سيصدر قريبا.
المصدر العين الإخبارية