حسام حسن
باستراتيجية خطيرة وطويلة المدى تعمل جماعة الإخوان، وفق تقرير استخباراتي، على زرع أذرعها في جنبات الدولة الألمانية، لتقويضها من الداخل.
وهذا ما حمله تقرير صدر هذا الأسبوع عن مكتب حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في ولاية هيسن (وسط)، واطلعت “العين الإخبارية” على نسخة منه.
ووفق الاستخبارات الداخلية، فإن “هدف جماعة الإخوان المسلمين والمنظمات التابعة لها هو جعل أيديولوجيتها مقبولة اجتماعياً وفرض أفكارها على المجتمع في إطار استراتيجية تسلل طويلة المدى”.
التقرير وضع يده على أنماط تحرك الجماعة الإرهابية خلال فترة كورونا، وقال: “على خلفية جائحة COVID-19، مارست الإخوان نشاط التسلل إلى المجتمع، بشكل خاص في الفضاء الافتراضي”.
وعلى سبيل المثال، يضيف “قدمت جمعية قريبة من الجماعة برنامجًا تعليميًا عبر الإنترنت باللغة الألمانية من أجل مخاطبة المزيد من الأشخاص الذين لا يتحدثون العربية بألمانيا”.
استراتيجية الخداع
كما لفت التقرير إلى استراتيجية “الخداع” التي تتبعها الإخوان لتصدير انطباع يوحي بتماشيها مع الدستور والقانون، لافتا في هذا الإطار إلى منظمة الجالية المسلمة الألمانية (الذراع المظلية للإخوان بألمانيا)، التي قال إنها “تنأى بنفسها، في مجالات معينة، عن تصريحات مُنظر الجماعة يوسف القرضاوي، لكنها في الأساس متمسكة بخبرته وأفكاره”.
محاولات ترى فيها الاستخبارات الداخلية الألمانية، أنها تأتي “في إطار الجهود المبذولة لرسم صورة للجمهور تفيد بأن منظمة الجالية المسلمة الألمانية، تتوافق مع القانون الأساسي (الدستور)” في هذا البلد الأوروبي.
وفي هذا الصدد، أوضحت أن “أنصار الإخوان يحاولون توسيع دائرة نفوذهم من خلال المشاركة السياسية وفق القانون، من خلال النشاط السياسي على المستويات البلدية والإقليمية”.
لكن أيضًا على المستوى الاتحادي، تستدرك المؤسسة الأمنية، “تعمل جماعة الإخوان على تقويض النظام الأساسي الديمقراطي الحر والتغلب عليه على المدى الطويل”.
وللتدليل على النهج المخادع للإخوان، نوّه التقرير الأمني بأن الجماعة في ألمانيا “ترفض بثبات وثقة، الاتهامات بالتطرف وتصفها بالإسلاموفوبيا”، في محاولة اعتبرتها الاستخبارات الداخلية بأنها تهدف في النهاية “إلى جعل أيديولوجية جماعة الإخوان مقبولة اجتماعيًا في ألمانيا”.
وأشار التقرير نفسه إلى أن ” مجتمعات المساجد المختلفة وما تسمى بالمراكز الإسلامية في أنحاء ألمانيا، مرتبطة بمنظمة الجالية المسلمة الألمانية، إلا أنها تصدر صورة علنية بأنها مستقلة ولا تخضع للأخيرة”.
وبيّن أن هذه المراكز المرتبطة بالإخوان موجودة في ولاية هيسن، وبالتحديد في مدينة فرانكفورت، وماربورغ (منطقة ماربورغ-بيدنكوبف)، موضحا أن منظمة الجالية المسلمة الألمانية هي أكبر منظمة لمؤيدي الإخوان في البلاد، وتمثل الفرع المصري للجماعة.
التسلل من الفضاء الإلكتروني
التقرير قال أيضا “في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، طرح المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، المرتبط بالإخوان، ومقره فرانكفورت، برنامجه التعليمي، باللغة الألمانية، للتأثير على غير المتحدثين بالعربية”.
وتابع “كجزء من تدابير الحماية من كورونا، واصل أعضاء جماعة الإخوان في ولاية هيسن، بشكل مستمر، استراتيجية التسلل إلى السياسة والمجتمع، لكن عبر الفضاء الافتراضي”.
التقرير لم يفصل بين الإخوان والتنظيمات الإرهابية العنيفة كما درجت الدول الغربية لسنوات، وقال بوضوح “لا تزال العناصر المركزية لعقيدة الإخوان حاضرة اليوم في أيدولوجية العديد من المنظمات الإسلاموية والإرهابية”.
وبحسب مكتب حماية الدستور، تملك جماعة الإخوان في أوروبا، كما في ألمانيا، شبكة متشعبة على نطاق واسع من الجماعة، حيث يحاول المتعاطفون معها وأعضاؤها نشر أيديولوجية المنظمة وأهدافها.
وحدد المكتب في تقريره، عدد العناصر الرئيسية للإخوان الإرهابية في ألمانيا بـ1450 شخصا، بينهم 300 في ولاية هيسن وحدها.
ويأتي نشر هذا التقرير، الذي تنفرد “العين الإخبارية”، بعرض مقتطفات منه، بالتزامن مع حملة قوية ضد الإخوان والإسلام السياسي في البرلمان الألماني.
وفي الأشهر القليلة الماضية، حاولت الحكومة الألمانية مجاراة مسار قوي ضد الإسلام السياسي والإخوان في البرلمان، وأرسلت مذكرات رسمية تحوي معلومات عن تمويل وأنشطة هذه التنظيمات في البلاد.
في المقابل، شنت أحزاب المعارضة، خاصة الاتحاد المسيحي والبديل لأجل ألمانيا واليسار، حملة قوية خلال الأشهر الخمسة الماضية، داخل البرلمان، ضد الإخوان والإسلام السياسي، ما دشن مسارا قويا لمكافحة هذه الآفة.
وأقدمت الأحزاب الثلاثة إجمالا على أكثر من 10 خطوات داخل البرلمان، تضمنت مشاريع قرارات وطلبات إحاطة، ضد الإخوان والإسلام السياسي، انفردت “العين الإخبارية” بنشرها جميعا.
المصدر العين الإخبارية