خلدون الشرقاوي
صحفي مصري
في ضربة سياسية موجعة للإخوان المسلمين في مصر، استبعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وجود نية للمصالحة مع الإخوان. وفي تونس تلقت حركة النهضة عدة ضربات موجعة خلال الأسبوع الماضي، تنوعت ما بين منع مؤتمر شباب الحركة، ومنع قيادي بارز من السفر، وفوز التيار الداعم لإجراءات 25 تمّوز (يوليو) في انتخابات عمادة المحامين.
إخوان مصر وسقوط رهان المصالحة
يبدو أنّ جماعة الإخوان المسلمين قد خسرت رهانها الأخير؛ حيث تعول الجماعة منذ فترة على اللحاق بالانخراط ضمن فاعليات الحوار الوطني، تمهيداً لتحقيق المصالحة مع النظام المصري، إلّا أنّ تصريحات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الأخيرة، أكدت على رفض القاهرة القاطع للمصالحة مع الإخوان.
الرئيس المصري خلال قيامه بتدشين الوحدات البحرية الجديدة، التابعة لهيئة قناة السويس، طالب المصريين باستبعاد الدعاية السلبية التي ينظمها الإخوان ضدّ المشروعات القومية، وتشكيكهم في مجهودات الدولة، لافتاً إلى أنّ “حجم جهد الحكومة سيضاعف، وسيزداد التشكيك في تلك المجهودات”.
الرئيس وجّه تساؤلاً حول كيفية التصالح مع الإخوان قائلاً: “طب نتصالح؟.. طول ما أنت مش عايز ورافض التصالح، هيحاولوا يخلصوا مننا، ولكن الأمر كله لله، لا حد بيتخلص من حد، ولا حد بيقعد حد”، في إشارة منه للجماعة.
مضيفاً: “هو ربنا اللي بيقعد وبيمشي، ولو مفيش إيمان حقيقي بالكلام ده؛ كنا ضعفنا أوي ولم نأخذ أغلب القرارات التي اتخذناها”.
محذراً في الوقت نفسه من الإعلام المناؤئ؛ الذي ينظم حملات تخويف ممنهجة لدفع المصريين إلى اليأس قائلاً: “لازم المواطن يعرف إنّه مستهدف؛ عشان يخوفوه وييأسوه”.
من جهة أخرى، نفى مصدر أمني مطلع، صحة البيان الذي تداولته الأبواق والمنابر الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان، بشأن صدور تعليمات من وزارة الداخلية المصرية، لإخضاع ضباط الشرطة بـمحافظات (السويس والإسماعيلية وبورسعيد) للتفتيش، لدى عودتهم من مقار أعمالهم بجنوب وشمال سيناء، من جانب ضباط الجيش.
المصدر قال إنّ “تلك الادعاءات التي تقوم بها جماعة الإخوان، تأتي ضمن نهج الجماعة لنشر الشائعات والأكاذيب، ومساعيها اليائسة؛ لإحداث الوقيعة بين مؤسسات الدولة”. مضيفاً: “ذلك يعكس حالة التردي والإفلاس للجماعة الإرهابية، وأبواقها الإعلامية، التي فقدت مصداقيتها بأوساط الرأي العام”.
إخوان تونس ومزيد من الضربات
في محاولة لتقليم أظافرها، ومنعها من ممارسة أدوراها التحريضية، منعت السلطات التونسية عقد فاعليات المجلس الوطني لشباب حركة النهضة، والذي كان من المقرر تنظيمه يومي 10 و 11 أيلول (سبتمبر) الجاري، بإحدى الإقامات الخاصة في مدينة الرجيش، بولاية المهدية.
حركة النهضة أصدرت بياناً، قالت فيه إنّ والي المهدية، بتعليمات من وزير الداخلية قام بمنع هذا النشاط، وقامت السلطات بولاية المهدية باستدعاء صاحب الإقامة لدى مركز الأمن، وقالت إنّ “مكتب الشباب الوطني للحركة، قد قام بإعلام السلطة الجهوية بهذا النشاط، ولم يتلق أيّ اعتراض، إلا أنّه فوجئ بقرار المنع، بعد تحول أعضاء المكتب لترتيب عملية استقبال الضيوف”.
الحركة الإخوانية حاولت استثمار الحدث، من أجل ممارسة الدعاية ضدّ النظام، حيث استنكرت ما وصفته بــ”الإقصاء والتضييق الممنهج لسلطة الانقلاب، ضد الأصوات المعارضة، وخاصّة الشبابية منها، عوض الانكباب على قضايا وهموم الشباب، الذي فقد الأمل في العيش الكريم، وركب قوارب الموت، وسط ارتفاع لنسب البطالة وغلاء للأسعار، وعنف وصل حد استعمال الرصاص الحي”. وفق مزاعمها، متجاهلة أنّ أكبر عملية هروب في قوراب الموت، جرت إبان حكم الحركة، التي هيمنت على المشهد السياسي التونسي لعشرة أعوام كاملة، كما تجاهلت عدم حصولها على تراخيص وتصاريح رسميّة، لإقامة مؤتمرها المزعوم.
وفي سياق متصل، أعلن القيادي في حركة النهضة التونسية، والنائب في البرلمان المنحل، أسامة الصغير، أنّ السلطات الأمنية التونسيّة منعته من السفر.
الصغير قال في تدوينة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: “مرة أخرى يمنعني بوليس قيس سعيّد من السّفر، دون أيّ موجب قانوني، وعندما تسألهم هل أنا مشمول بمنع السفر؟ يردون بأنّ لديهم تعليمات وعندما تسألهم هل هناك شكاية ضدّي؟ يجيبون أيضاّ بأنّ هناك تعليمات”.
وتابع: “في كانون الأول (ديسمبر) الماضي مُنعت من السّفر، ثم في شباط (فبراير) سُمح لي بالسّفر، وكذلك في شهر آذار (مارس)، والآن ممنوع من السّفر إلى أن يأتي ما يخالف ذلك”.
من جهة أخرى، أسفرت نتائج انتخابات هيئة عمادة المحامين في تونس، عن هزيمة التيار الذي تتزعمه حركة النهضة؛ والذي كان يدعم المرشح محمد الهادفي؛ حيث تمّ انتخاب حاتم مزيو، من التيار المؤيد لإجراءات 25 تمّوز (يوليو) عميداً جديداً للمحامين.
وفور الإعلان عن فوز مزيو، ضجت القاعة بهتاف أنصاره: “المحاماة حرة حرة، والإخوان برة”.
والذي أكد بدوره على أنّه “سيعمل على استقلالية الهيئة عن السلطة وعن الأحزاب، ولن يقبل بتوظيف مهنة المحاماة”.
الإخوان في ليبيا ودعم الميليشيات الإرهابية
قال محمد السلاك، الناطق السابق باسم الرئاسة الليبية، إنّ “ما يحدث في الأراضي الليبية حالياً نتيجة الانسداد السياسي المسيطر على الساحة السياسية، وعوامل أخرى كثيرة، أبرزها التحريض الإخواني المستمر، وتيار المفتي الذي يجنح إلى صهينة كل من يختلف معه، ويؤجج ويصعد الخلافات عن قصد؛ لكي يستمر الانسداد السياسي، ولا يسير الوضع إلى الانتخابات، وكأنّه يريد للاشتباكات القائمة فى ليبيا أن تستمر”.
وفي سياق متصل، قال الكاتب الصحفي الليبي، كامل المرعاش، إنّ الجيش الوطني سوف يتمكن من القضاء على كل مَن خطّط وموّل جرائم الإرهاب في ليبيا، متهماً الإخوان بدعم الحركات الإرهابية، وتمرير أعمال الميليشيات الإسلامية، مثمناً ما يقوم به الجيش الوطني من جهود؛ لمواجهة أعمال تلك الميليشيا، “رغم ما يلاقيه من حظر أسلحة، ومؤامرة من الحكومات الفاسدة”. كما أكد أنّ العمليات النوعية التي يقوم بها الجيش في جنوب غرب ليبيا سوف تتواصل رغم صعوبة المنطقة، ووجود حدود مفتوحة لدول الساحل والصحراء.
مضيفاً: “الغرب ترك ليبيا فريسة لهذه التنظيمات، التي انتشرت كالسرطان في جسد الدولة الليبية؛ بتواطؤ مباشر من تنظيم الإخوان المسلمين، الذي يمثل الغطاء السياسي لهذه الحركات الإرهابية المتطرفة”.
المصدر حفريات