كريتر نت – صحف
دفعت القوات الجنوبية في اليمن الثمن الأكبر في مواجهة التنظيمات الإرهابية بداية من الحوثي والإخوان وختاما بالقاعدة وداعش.
فخلال عامي 2021 و2022 كان جنوب اليمن أمام تحد هو الأكبر للمرة الأولى منذ تطهيره 2016 من تنظيم القاعدة الإرهابي، وذلك بعد عودته للأضواء مجددا بسلسلة من العمليات التي تنوعت بين الاختطافات والهجمات المسلحة والسيارات المفخخة.
“العين الإخبارية” ترصد في التقرير التالي “فصول الموت” الذي خلفتها نحو 24 عملية إرهابية للتنظيمات الإرهابية نفذتها بمحافظات عدن، لحج، أبين، الضالع، شبوة وحضرموت وخلفت مئات القتلى والجرحى ما أجبر القوات الجنوبية للرد بعمليات عسكرية حاسمة في محافظتي شبوة وأبين أطلقت عليها “سهام الشرق” و”سهام الجنوب”.
إرهاب ببصمة حوثية
شهد عام 2021 سلسلة من العمليات الإرهابية لتنظيم القاعدة الإرهابي وأخرى حملت بصمتي الحوثي والإخوان، لا سيما تلك العمليات التي طالت كبار رجال الدولة اليمنية في الحكومة المعترف بها دوليا.
أحد أبرز هذه الهجمات والتي أعطت مؤشرات خطيرة على عودة تنظيم القاعدة، عندما شن التنظيم الإرهابي هجوما مزدوجا بمديريتي أحور والوضيع في محافظة أبين، ما خلف 16 قتيلا وجريحا من جنود “قوات الحزام الأمني”.
ومن أبين إلى العاصمة اليمنية المؤقتة تمادت التنظيمات الإرهابية في هجماتها عندما استهدفت بسيارة مفخخة موكب محافظ عدن أحمد لملس وزير الزراعة اليمني، واللواء سالم السقطري في 10 أكتوبر/تشريم الأول 2021.
ولم يمض سواء 20 يوما من هذا الهجوم تحالفت قيادات أمنية موالية للإخوان مع مليشيات الحوثي حتى تم تفجير بوابة مطار عدن الدولي بهجوم إرهابي عنيف، خلف حصيلة هي الأكثر دموية وصلت إلى 31 قتيلا وجريحا من المدنيين بينهم نساء وأطفال.
آنذاك، وثق المصور والإعلامي اليمني محمود العتمي الهجوم الإرهابي الغادر قبل أن يصبح في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 هو الهدف الأكبر للتنظيمات الإرهابية عندما زرعت له عبوة ناسفة في سيارته ما أدى إلى إصابته ومقتل زوجته الصحفية رشاء الحرازي وجنينها، في عملية هزت أرجاء البلد بأسره.
واتهم العتمي لاحقا في حديث خاص لـ”العين الإخبارية” مليشيات الحوثي بالوقف خلف العملية الإرهابية إثر محاولتها إسكاته بشتى الوسائل على خلفيه نشاطه الإعلامي، مضيفا أنه “حين عجز الانقلابيون عن إسكات صوتي لجأوا لتنفيذ عملية انتحارية بعد جمع معلومات دقيقة عن مكان سكني في عدن، وعن أرقام لوحة سيارتي وسير تحركاتي وحتى التجسس على مكالماتي الهاتفية”.
عودة “القاعدة”
بالتزامن مع حسم قوات العمالقة معركة بيحان وتحرير مديرياتها من مليشيات الحوثي ضمن عملية “إعصار الجنوب”، عاد تنظيم القاعدة الإرهابي لتبني هجمات إرهابية أكثر جرأة كشفت في أحد أوجهها تحالفه الوثيق مع المليشيات الحوثية والإخوان وعمله كورقة للعبث بالجنوب.
وافتتح تنظيم القاعدة عام 2022 بعملية اختطاف طالت 5 موظفين أمميين أحدهم أجنبي إلى موقع محصن في مديرية “مودية” شرقي محافظة أبين، في عملية إرهابية عدت أنها منسقة مع الحوثيين وترمي لنشر الفوضى جنوبا وإجبار المنظمات الدولية للعودة للعمل من صنعاء، بحسب مصادر يمنية تحدثت حينها لـ”العين الإخبارية”.
وعقب تلك العملية تلقي التنظيم مكافأة سريعة من الإخوان بعد تسهيل هروب 10 من عناصره من سجن سيئون في وادي حضرموت الخاضعة لسيطرة المنطقة العسكرية الأولى.
تلى ذلك عملية اختطاف هي الثانية لموظفي المنظمات الدولية بعد تبني تنظيم القاعدة اختطاف موظفين أجانب في منظمة “أطباء بلا حدود” في مديرية قطن في وادي حضرموت (شرق)
وفي مارس/ آذار، استهدف تفجير إرهابي بسيارة مفخخة محاولة اغتيال قائد الحزام الأمني في أبين العميد عبداللطيف السيد، الخصم التاريخي للقاعدة، إلى جانب اغتيال الخصم التاريخي للحوثيين وقائد قاعدة العند العسكرية اللواء الركن ثابت جواس في عملية مماثلة.
وعقب العمليتين الإرهابيتين، كافأت مليشيات الحوثي تنظيم القاعدة الإرهابي بالإفراج عن 31 عنصرا من ممن كانوا في سجون المخابرات في صنعاء، ما عزز قوة التنظيم ودفعه لتبني محاولة اغتيال “السيد”، بشكل علني، فيما تبنى الحوثيون ضمنيا اغتيال القائد البارز “جواس”.
وتتابعت العمليات الإرهابية في أبريل/نيسان الماضي، لتغتال بهجوم مسلح قائد القطاع الثامن في الحزام الأمني في عدن العقيد أكرم المشرقي تلاه مطلع مايو/أيار هجوم انتحاري مسلح أطاح بنائب قائد الحزام الأمني في الضالع العقيد وليد الضامي، وقائد وحدة مكافحة الإرهاب قائد اللواء السادس مقاومة جنوبية العقيد محمد الشوبجي.
ومنتصف الشهر ذاته، نجا رئيس هيئة العمليات في المنطقة العسكرية الرابعة اللواء الركن صالح الذرحاني اليافعي من تفجير سيارة مفخخة في عدن، فضلا عن هجوم بعبوة ناسفة في سوق شعبي في الشيخ عثمان خلف نحو 5 قتلى و45 جريحا.
أكثر الشهور دموية
أما شهر يونيو/حزيران 2022 هو الأكثر وحشية للإرهاب في الجنوب وكذلك بالنسبة لليمنيين الذين صحوا على أخبار مفزعة عن هجمات دموية سفكت أرواح المئات من الضحايا.
وهز في 15 يونيو/حزيران 2021 انفجار عنيف مدينة عدن، وذلك عندما انفجرت عبوة مزروعة في سيارة الصحفي صابر الحيدري ما أسفر عن مقتله واثنين بجانبه وإصابة آخرين.
بعد أسبوع من ذلك، نفذت عناصر إرهابية لتنظيم القاعدة الإرهابي هجومين، استهدف الأول وهو هجوم مسلح حاجز تفتيش في المدخل الشرقي لمدينة عتق، وآخر ضرب دورية عسكرية تتبع محور أبين العسكري، وذلك في مديرية أحور الساحلية في أبين، ما خلف في حصيلة إجمالية نحو 17 قتيلا وجريحا.
وفي 29 يونيو/حزيران 2022، استهدف انفجار بسيارة مفخخة مدير شرطة محافظة لحج اللواء صالح السيد ما أسفر عن مقتل 11 من المارة ومرافقيه، فيما نجا القائد الأمني بأعجوبة، وفق مصدر أمني أفاد حينها لـ”العين الإخبارية”.
وفي 24 أغسطس/آب 2022، نجا مدير الشؤون المالية بوزارة الداخلية من عملية إرهابية من كمين مسلح نصبه مجهولون.
وفي أواخر ذات الشهر، أطلقت القوات الجنوبية في اليمن، عملية “سهام الشرق” العسكرية لتطهير محافظة أبين من الجماعات الإرهابية بشقيها القاعدة والإخوان ومليشيات الحوثي لتتوج خلال سبتمر بانتصارات كبيرة.
لكن ورغم ذلك، لجأ تنظيم القاعدة الإرهابي لشن سلسلة من الهجمات الإرهابية وقعت أخطرها في 6 سبتمبر/أيلول الجاري، في مديرية أحور ما أسفر عن مقتل 21 جنديا من جنود وضباط الحزام الأمني فيما تكبد التنظيم 8 قتلى من عناصره المهاجمة والانتحارية.
وفي 12 سبتمبر/أيلول كذلك، نجا مسؤولان عسكريان من 4 محاولات اغتيال بسلسلة تفجيرات لتنظيم القاعدة عبر زراعة عبوات ناسفة فجرت عن بعد في مديرية مودية في أبين لتخلف عن مقتل وإصابة 18 جنديا يمنيا.
ودفعت هذه العمليات الإرهابية القوات الجنوبية لتوسيع نطاق عملياتها لتشمل محافظة شبوة عبر عملية “سهام الجنوب” والتي توجت بتطهير المحافظة من التنظيمات الإرهابية، فيما نجحت “سهام الشرق” في تأمين وتطهير عدد من المعسكرات في محافظة أبين المجاورة.
وتقول الداخلية اليمنية إن مليشيات الحوثي تستخدم تنظيم القاعدة كأداة في المناطق المحررة لتصفية مناهضي مشروعهم مقابل توفير ملاذ آمن للتنظيم في البيضاء وإطلاق سراح عناصره في سجون المخابرات بصنعاء، فيما يتهم نشطاء تنظيم الإخوان بممارسة تلك الأفعال للانتقام من خصومهم السياسيين في المجلس الانتقالي الجنوبي.