كريتر نت – متابعات
مع تأكيد مسودة “الدستور الانتقالي”، الذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، على “إزالة تمكين” نظام الرئيس المعزول عمر البشير وفلوله من جماعة الإخوان المسلمين من مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الجيش والشرطة والمخابرات العامة، نقلت “سودان تربيون” عن جماعات دينية، من بينها التيار الإسلامي العريض، ذو الغالبية الإخوانية، عزمها “تنظيم حملة كبرى لمناهضة مسودة الدستور الانتقالي، وهددت بمقاومته بالقوة”.
والأسبوع الماضي، أعلنت اللجنة التسييرية لنقابة المحامين عن مشروع الدستور الانتقالي الذي حظي بدعم وتأييد من تحالف الحرية والتغيير نص على تشكيل مجلس سيادة مدني ومجلس أعلى للجيش برئاسة رئيس الوزراء، وأعطى القوى الموقعة عليه سلطات اختيار مؤسسات الحكم الانتقالي.
في حين نصت مسودة مشروع “الدستور الانتقالي” على حرية العقيدة في المادة الأولى، اتهمت هيئة علماء السودان، تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، القائمين على صياغة المسودة بـ”إسقاط خصائص المجتمع السوداني المسلم في مجال الأخلاق والأسرة والمعاملات وترسيخ سياسة الإقصاء وبث لغة وخطاب الكراهية”، في محاولة للّعب على وتر الدين لدى العديد من السودانيين للعودة مجدداً إلى مشهد سياسي لُفظت منه الجماعة والبشير.
ولم تُعطِ الهيئة الإخوانية نفسها فرصة لدراسة مسودة مشروع الدستور الانتقالي، فقد كان ما شغلها وأثار حفظيتها هو “إسراع الدول الأوروبية في الإشادة به”، معتبرة أنّ ذلك “يلقي بظلال من الريبة والشك حول بنود ونصوص الدستور وأهدافه”.
مشروع علماني
التيار الإسلامي العريض الذي يضم نحو (10) فصائل، تنتمي معظمها إلى تيار الإخوان، بينما يدين بعضها بالولاء لتنظيم داعش، هاجم كذلك مشروع “الدستور الانتقالي”، فقد نقلت “سودان تربيون” عن القيادي بالتيار محمد علي الجزولي قوله: إنّ مسودة الدستور عبارة عن مشروع “علماني عنصري متطرف يمثل وجهة نظر قوى إعلان الحرية والتغيير”، مهدداً بمواجهة هذا الدستور بالـ”قوة”، “سواء جاء عن طريق المظاهرات أو على ظهر دبابات، سواء أيّده نائب رئيس مجلس السيادة حميدتي أو الجيش”.
ولم يكتفِ الجزولي، المعروف بولائه لتنظيم داعش الإرهابي، بالتهديد باللجوء للقوة لإسقاط مشروع الدستور الانتقالي الذي تؤيده قوى الحرية والتغيير المناهضة للإخوان، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، فقد وصف مقاومة هذا الدستور بالـ”عبادة”، قائلاً: “مقاومة هذا الدستور عبادة يتقربون بها إلى الله، وإنّ استئصاله يمثل واجب المرحلة”.
وقد رحب نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي” الرجل الثاني في السودان، بمشروع الدستور الانتقالي، معرباً عن أمله في أن يكون مشروع الدستور “نافذة أمل” لبناء الثقة بين الأطراف السودانية كافة، في سبيل الوصول إلى اتفاق شامل لحل الأزمة السودانية، وفقاً لما نقله موقع “أخبار السودان” عن بيان رسمي.
في السياق ذاته، زعم القيادي بجماعة الإخوان المسلمين أمية يوسف أنّ الدستور المعد بواسطة لجنة المحامين السودانيين عبارة عن وثيقة تخص فئة محدودة ولا تمثل الشعب السوداني، مؤكداً أنّ “مثل هذه القضايا يجب أن تناقش في مؤتمر دستوري جامع وليس في قاعات تديرها مجموعة صغيرة”.
وبحثاً عن ثغرة تمكن جماعة الإخوان المسلمين من العودة إلى المشهد السياسي، أشار يوسف إلى أنّ الدستور يحتاج لتوافق وإجماع، أو أن يحسم بالأغلبية داخل “المجلس التشريعي” أو “البرلمان”، لكي يكون مرضياً للشعب السوداني، لا أن “تنفرد به فئة صغيرة”.
ومنذ الإطاحة بعمر البشير وحزبه الإخواني “المؤتمر الوطني” في 2019، دأبت جماعة الإخوان المسلمين على البحث عن تمكّنها من خلع عباءة نظام البشير، تارة عبر تأسيس حزب سياسي جديد وأخرى عبر “التيار الإسلامي العريض”. وتحاول الجماعة التعتيم على أعمال عنف سابقة تورط فيها أعضاؤها بالتعاون مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً، وهدفت إلى خلق فوضى في الشارع لإزاحة حكومة عبد الله حمدوك وتيارات مدنية كانت داعمة له.
ومن بين التنظيمات المنضوية تحت “التيار الإسلامي العريض” التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وجماعة الإخوان المسلمين فرع السودان، ومنبر السلام العادل، والحركة الإسلامية السودانية وهي إحدى واجهات المؤتمر الوطني المنحل، فضلاً عن تيار النهضة، وضمّ الحلف الجديد حزب دولة القانون والتنمية الذي يرأسه المتشدد محمد علي الجزولي، المعروف بولائه لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الإرهابي، وأفرج عنه مؤخراً، وحركة الإصلاح الآن، وحزب التحرير والعدالة.