رشا كافي
في بداية التسعينات أعلن تنظيم القاعدة عن إقامة فرع له في شبه الجزيرة العربية وأطلق عليه “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” وكان ذلك الإعلان بعد توقيع اتفاقية الوحدة بين شطري اليمن الجنوبي والشمالي في مايو عام 1990.
إلا أن التواجد الحقيقي للتنظيم ظهر بعد حرب 1994 التي وقعت بين شركاء الوحدة اليمنية في الشطرين الشمالي والجنوبي، حيث استقدمت قيادة الشطر الشمالي المتحالفة مع حزب الإصلاح وقتها مقاتلين جهاديين عادوا من أفغانستان، وكانت هذه أول عملية قتالية يشارك بها أفراد من التنظيم في اليمن ضد الجنوب .
عُززت تلك الهجمات بفتاوى تكفيرية لقيادات دينية في حزب الإصلاح أمثال الشيخ عبدالمجيد الزنداني والشيخ عبدالوهاب الديلمي، وهو صاحب الفتوى الشهيرة عام 94 والتي أفتى بإباحة دماء الجنوبيين ممن أسماهم ” الملاحدة الشيوعيين” .
بالرغم أن جميع العمليات الإرهابية التي كان يتبناها التنظيم منذ 1994 تمت في الأراضي الجنوبية او في أطراف الشمال بعيداً تماماً عن العاصمة صنعاء، إلا أن الحال تغير بعد العام 2011، فتغيرت أحداث العمليات الإرهابية من الجنوب و الأطراف إلى مركز الحكم في صنعاء .
وذلك بعد إحتجاجات بما يسمى بالربيع العربي وهو ما يفسر حالة الخلاف المتصدع بين شركاء الحرب على الجنوب وتحولهما إلى معسكرين، معسكر الإصلاح والذي كان يرى نفسه القائد الفعلي لتلك الإحتجاجات، ومعسكر الرئيس السابق علي صالح متمثل بحزب المؤتمر.
بقيت صنعاء مسرح للعمليات الإرهابية حتى عام 2015 وبعد سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء إنتقل مسرح العمليات إلى عدن وعدد من المحافظات الجنوبية، إلا أن العمليات الإرهابية التي حدثت في عدن كانت هي الأعنف على الإطلاق.
متوزعة بين عملية إغتيالات وتصفيات شبه يومية رفقتها تفجيرات مفخخة، وعمليات انتحارية ضد أئمة مساجد، وضد شخصيات عسكرية وقيادات في المقاومة الجنوبية، ولم يسلم منها حتى المدنيين أنفسهم سواء كستهداف مباشر لهم أو لتواجدهم بالقرب من العمليات الإنتحارية ضد القيادات الأمنية.
الإخوان والإرهاب
يُتهم حزب الإصلاح جناح الإخوان في اليمن بأنه غطاء للكثير من التنظيمات الإرهابية في اليمن، فلقد قاتلت القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية بجانبه في العام 2015 في كثير من المحافظات ضد جماعة الحوثي قبل أن يشكلا حلفان ثلاثياً بحسب إتهامات الانتقالي.
الذي أعلنت أجهزته الأمنية في عدن إلقاء القبض على خليتين إرهابيتين في أكتوبر من 2019 أحدهما تعود لتنظيم داعش والأخرى لجماعة الإخوان بحسب ما اُعلن وقتها، كما سبق أيضاً القبض على خلية “المقطري” الحارس الشخصي للزنداني القيادي الديني في حزب التجمع اليمني للإصلاح .
ويوجه الإنتقالي هذه التهم حيث أن جميع العمليات الإرهابية تتم في أماكن سيطرته ضد قياداته، بينما مناطق سيطرة الإخوان والحوثي لم تسجل إي عملية إرهابية حد قولهم.
ناهيك أن القيادات السياسية والأمنية في الحكومة الشرعية من غير الإنتقالي المتواجدة في عدن لم يسجل ضدهم أي عملية إرهابية، وهذا ما يفسر بحسب طرحهم التنسيق والتخادم الثلاثي بين أطراف القاعدة والحوثي والإخوان .
نفي التهمة
فيما يجيب أحمد عثمان رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح في تعز، حول التهم الموجهة لحزبه بما يخص تقاربه من تنظيم القاعدة: ” بأن التهم الموجهة هي تهم كيدية وعارية من الصحة، وهي جزء من تهم كثيرة توجه للإصلاح بدون اي دليل، بل هي للمكايدة ومحاولة التحريض من قبل خصوم الإصلاح، ومع ذلك تتلاشى هذه التهم ويبقى ذكرها للمزايدة الإعلامية”
“مع العلم أن قضية الإرهاب والقاعدة هي ملف دولي إستخباراتي والمعلومات فيها واضحة لدى الجهات الدولية المهتمة بقضايا مكافحة الإرهاب، وتعرف بأن الإصلاح حزب مدني توجهاته سليمة ويمارس العمل السياسي مع كل القوى المدنية”
“فالإغتيالات التي حدثت في جنوب اليمن كان أغلب ضحاياها إصلاح أو قريبين من الإصلاح والرأي العام في عدن غالبا ما يشير إلى الحقيقة ويعلم ان الإصلاح مستهدف”
“وللعلم اول عملية إرهابية نُفذت ضد قيادة الإصلاح أمام مقر الحزب في عدن ضد الرجل الأول في الحزب، وأصبحت قيادة الإصلاح مطاردة وفر معظمها إلى خارج عدن هروباً من هذه العمليات الإرهابية، فالإصلاح في عدن ضحية ولم يعد متواجد، حتى مقرات الإصلاح أغلقت”
“وما التهم التي توجه للإصلاح دون إي دليل تكشف سلوك خصوم الإصلاح، الذين يفتقرن إلى شرف الخصومة ويوضح مدى تلفيق ومحاولة ترقيع التهم ضد الإصلاح، بإسلوب ضعيف ومهتري لا تصمد أمام أي شخص أو جهة عندها الحد الأدنى من معرفة الواقع” حد قوله .
الحوثي والقاعدة
منذ شهرين تلقى رئيس مجلس الأمن الدولي تقريراً، وثق فيه حجم العلاقة بين الحوثيين والقاعدة ووضح من خلاله التخادم بين الجماعتين، حيث أفرجت جماعة الحوثي عن سجناء من التنظيم مقابل قيامهم بعمليات إرهابية في أماكن سيطرة الحكومة الشرعية.
كما أصدر أحد مراكز الأبحاث قبل عامين تقريراً مفصلا يتفق مع ما جاء به مع التقرير الذي تلاقها رئيس مجلس الأمن الدولي، على أن هناك إتفاق ضمني بين كلا الجماعتين فيما يخص محافظة البيضاء التي تقع جنوب شرق العاصمة اليمنية صنعاء، والتي يسيطر على جزء كبير منها بيد تنظيم القاعدة فيما الجزء الآخر بيد جماعة الحوثي، وأن تبقى الأوضاع فيها مستتبه دون أن يهجم كلا الطرفين على بعضهما.
وكما تحدث عن إطلاق سراح 70% من عناصر التنظيم من السجون الحوثية بينهم عناصر كبيرة في التنظيم، فيما جزء آخر منهم تأويهم جماعة الحوثي مقبل قيامهم بعمليات تدريبية نوعية لمقاتليهم .
فيما تشير قيادات في المجلس الإنتقالي الجنوبي إلا أن العمليات الإرهابية التي وقعت في معظم المحافظات الجنوبية مؤخراً، كانت بتنسيق جماعي بين فصائل القاعدة والحوثي والإخوان في تكالب ثلاثي إرهابي حسب إتهامهم لهم.
لا أدلة ضدنا
وفيما يرى علي القحوم عضو المجلس السياسي لجماعة الحوثي: بأن التقرير الذي تلاقاه رئيس مجلس الأمن، تقرير لا يستند إلى أدلة قطعية، وهو مجرد تظليل على الحقيقة والتي هي معروفة للجميع، فعناصر القاعدة وداعش تقاتل جنباً إلى جنب مع تحالف بما أسماهم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن.
وتحظى بدعم من هذا التحالف بشكل مباشر، فهذه العناصر تتحدث بشكل علني بأنها تقاتل في صفوفهم ودعمتهم السعودية بالدرجة الأولى وكذلك الإمارات، وهي منتشرة في جبهات معروفة في لحج وأبين، وشبوة ومأرب وتعز وتحظى بتغطية جوية كبيرة ودعم لوجيستي من قبل التحالف.
فهناك تقارير إعلامية ميدانية بحسب ما ذكر القحوم أنه بالإمكان العودة لها نشرتها قناة البي بي سي في لحج وغيرها.
وأيضاً هناك تصريحات مصورة ونشرت في مواقع اعلامية على الإنترنت تابعة لتنظيم القاعدة وداعش وهم يتحدثون عن مشاركتهم الفعلية مع ما أسماهم بعدوان التحالف.
وبحسب القحوم : فأن هذه الجماعة إرتكبت مجازر عدة في تعز من ذبح وسحل وحرق للجثث، كما تقوم بتفجير للمقامات وحفر القبور وتفجير المساجد وغيرها من الشواهد المعروفة للجميع والموثقة على الإنترنت من قبلهم.
وكما يقول : “لدينا معلومات كافية بإجتماعات لضباط سعوديين وإماراتيين مع قيادات تنظيم القاعدة وداعش ودفعهم للقتال في صفوف المغرر بهم من اليمنين المدعومين سعودياً وإماراتياً، وقدم لهم الأسلحة المختلفة الخفيفة والثقيلة، كما تم تقديم الأموال لهم، بالإضافة إلى التغطية الجوية.
ولهذا نؤكد أن انتشار وتواجد القاعدة وداعش في مناطق عدة بإرادة دولية أمريكية بريطانية وبدعم سعودي إماراتي”
“كما أن كثير من هذه العناصر المنظوية في عدد من الفصائل هي مطلوبة وفي قوائم ما يسمى لائحة الإرهاب موجودة في ألوية ما يسمى بالعمالقة المعروف عنها أنها سلفية ومدعومة من الإمارات، والوية حرس الحدود المدعومة سعوديا ”
“فليس لدينا اي توجه لإستهداف الجنوب، بل نسعى لحل المشاكل بالحوار ولدينا تواصلات مستمرة مع الإنتقالي وكل المكونات الجنوبية، كذلك مع أبناء حضرموت والمهرة، كم لدينا تواصلات مع جميع الأحزاب السياسية بما فيها الإصلاح والناصري الإشتراكي وجميع المكونات السياسية والمجتمعية اليمنية”
رأي مختلف
بينما يختلف المحلل السياسي حسام ردمان، مع ما طرحه كلا من احمد عثمان وعلي القحوم فيقول:
“يظهر للمراقبين ان ثمة تخادم واضح بين مليشيات الحوثي و بين تنظيم داعش ، يقابله تقاطع ايديولوجي واستراتيجي بين تنظيم القاعدة وحزب الاصلاح الإسلامي.
في التقدير النهائي لسلوك داعش والحوثي فأن من الواضح أن العلاقة المشتركة لم تقتصر على التنسيق التكتيكي بل ثمة تحكم استخباراتي حوثي بتنظيم داعش يتيح له توظيف الاخير ضد خصومه.
ويظهر هذا من خلال تتبع نمط عمليات داعش خلال العامين الماضيين، وأيضاً في مناطق المعسكرات الداعشية في اليمن والتي تقع في مناطق نفوذ الحوثي.
أما علاقة القاعدة وحزب الاصلاح فهي اكثر تعقيداً، فالإصلاح لا يتحكم بالقاعدة، وإنما تجمع الطرفان جذور ايديولوجية مشتركة، تتلاقى في مطلب تحقيق الحكم الاسلامي مع الاختلاف حول الوسيلة تحقيق في ذلك، كما أن الطرفان يمتلكان عدواً استراتجياً مشتركاً يتمثل في أبوظبي وحلفائها في المناطق الجنوبية.
ومن الملاحظ لهجة العتاب الشديدة التي أظهرها تنظيم القاعدة في بياناته الاخيرة إتجاه حزب الإصلاح، ومطالب قواعد الحزب بالتخلي عن نهج قياداتهم ” الانتهازي” والعودة الى الخيار الجهادي.
وفي سياق مشابه يظهر موخراً تقاطع خطاب القاعدة مع جماعة الحوثي، فالطرفان يتهما التحالف العربي بأن تدخله في اليمن جاء بهدف التطبيع مع اسرائيل ، وكلاهما يعادي مجلس القيادة الرئاسي ويطالب اليمنيين بالتمرد عليه” .
المصدر العربية فيلكس AF