كريتر نت – متابعات
قال تحليل مشترك كتبه السفير الأمريكي السابق لدى اليمن جيرالد فايرستاين، وكبيرة المحللين في مركز واشنطن للدراسات، فاطمة أبو الأسرار، إن جماعة الحوثيين ليسوا مخلصين في السعي إلى حل سلمي للصراع في البلاد.
وأضاف التحليل، الذي نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية تحت عنوان: “هل الحوثيون على استعداد لتقديم تنازلات في اليمن؟”، إن “الحوثيين أنفسهم لم يزعموا أبدًا أي اهتمام بعملية سلام أو تسوية تفاوضية ولا يسعون بنشاط للمشاركة في جهود خفض التصعيد”.
وأشار إلى أنهم عبروا في بياناتهم العلنية واجتماعاتهم الخاصة عن موقف ثابت جعل أي محادثات سلام تستجيب لمطالبهم، مثل فتح مطار صنعاء مما يوفر لهم ميزة نسبية في حال تراجعوا عن تنفيذ جانبهم من الصفقة.
ورجح الكاتبان “أن تتجنب قيادة الحوثيين التوصل إلى تسوية سياسية لأن أي اتفاق لتقاسم السلطة سيترك جزءًا كبيرًا من مؤسستهم السياسية والاستخباراتية دون سيطرة كاملة”.
وقالا إن “هذا يثير سؤالًا أساسيًا حول ما إذا كان الحوثيون على استعداد لتقديم تنازلات”.
وأردف الكاتبان: “إن صعوبة التوصل إلى اتفاق بشأن إجراءات إنسانية بسيطة مثل تخفيف حصار مدينة تعز الذي دام سنوات، تجعل من الصعب أن نكون متفائلين بشأن استعدادهم لتقديم تنازلات في القضايا الأساسية المتعلقة بتقاسم السلطة والحكم وتنفيذ سياسة نظام يمكن لجميع اليمنيين المصادقة عليه”.
وتطرقا إلى إحصائيات انتهاكات الهدنة الإنسانية التي ترعاها الأمم المتحدة في اليمن، وقالا في هذا السياق: “إن استخدام الحوثيين لهجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار والمدفعية شكل 97 بالمائة من انتهاكات الهدنة”.
ورأيا أن العودة السريعة للجماعة إلى العنف عززت الشكوك بأن الحوثيين ربما كانوا ينتظرون وقتهم قبل تجديد هجومهم العسكري بمجرد انتهاء وقف إطلاق النار.
وأكد التحليل أنه وإلى جانب التزام الحوثيين الأيديولوجي بمتابعة أهدافهم السياسية والدينية من خلال الصراع والعنف، استفادوا مؤسسياً وشخصياً من صعود اقتصاد الحرب.
وأوضح: “كلما استطاع الحوثيون مواصلة الحرب زادت قدرتهم على التحكم في موارد الدولة مع الاعتماد على المساعدات، والضرائب غير القانونية، والمزيد من التمكين الاقتصادي الذي يحافظ على المستوى الأعلى لمحتوى حركتهم مع الوضع الراهن”.
وأكد أن السيطرة على خزائن البنوك والموارد الطبيعية والضرائب المفروضة على السفن التي ترسو في الحديدة هي واحدة من أهم مصادر دخل الحوثيين، إضافة إلى تحصيل أرباح تقدر بالملايين من قطاع الاتصالات والضرائب على الصناعات الرئيسية.
وقال التحليل إن الخبراء أشاروا إلى أن الحوثيين قد يرون في الحد من العنف وسيلة لتحقيق الشرعية الدولية، مضيفا: “يمكن القول إن هذه الشرعية قد تم تحقيقها بالفعل”.
وأوضح الكاتبان بالقول: تعترف الأمم المتحدة بهم على أنهم طرف النزاع الرئيسي في اليمن وقد عملت على تأمين مطالبهم في مبادرات السلام المختلفة، وقد تمت الإشارة إلى زعيمهم (عبدالملك الحوثي) بلقبه الديني “سيد”، والذي يرفض العديد من اليمنيين استخدامه بسبب الدلالة الطبقية والممتلكات اللاهوتية المرتبطة به.
وأضافا: “وبالمثل أشارت الأمم المتحدة ووكالات أخرى إلى الحركة باسم أنصار الله (أنصار الله)، وهو اسم يعتقد العديد من اليمنيين أنه يضفي الشرعية على حركة الحوثيين كمؤسسة سياسية”.
ونوه التحليل إلى سجل الجماعة الطويل في انتهاك الاتفاقيات، وقال إن “انتهاك الاتفاقيات راسخ لدى الحوثيين”، بداية من جولات الصراع مع حكومة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح من 2004 إلى 2010، والمفاوضات بوساطة الأمم المتحدة مع حكومة عبد ربه منصور هادي في سبتمبر 2014، ومفاوضات ستوكهولم في ديسمبر 2018.
لكنهما استدركا بالقول: “على الرغم من سجل الحوثيين الإشكالي، فإن التخلي عن المفاوضات ليس خيارًا لأن فشل المفاوضات قد يعني نتيجة أسوأ لمستقبل اليمن كما أنه سيترك بلا شك سلطة الحوثيين دون منازع في المناطق التي يسيطرون عليها حاليًا، وهو ما لا يصب في مصلحة اليمن أو المنطقة الأوسع”.
وفي ذات الوقت نبها إلى أن التحدي الذي يواجه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي سيتجاوز مجرد التوصل إلى اتفاق والتأكد من التزام الحوثيين بشروطه.
وقال التحليل إن “القضية بالنسبة للحكومة اليمنية والمجتمع الدولي التي تدعم التوصل إلى حل تفاوضي للصراع هي كيفية ضمان أن أي اتفاق سلام يتضمن حواجز حماية مناسبة لمنع تراجع الحوثيين”.
وقال إنه “لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة الإيرانية، سيكون لديها الرغبة أو القدرة على الضغط على الحوثيين للتوصل إلى حل سياسي في غياب التزام الحوثيين”.
واستدرك الكاتبان: “ولكن حتى قرار في طهران بسحب عناصر الحرس الثوري الإسلامي وحزب الله من اليمن، فضلاً عن إنهاء إمدادات الأسلحة للحوثيين -والتي تستمر على الرغم من وقف إطلاق النار- ستكون كافية لإمالة التوازن على الأرض نحو صفقة سياسية”.