كريتر نت – متابعات
لا تزال تداعيات التحقيق مع رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي، ونائبه وزير الداخلية الأسبق علي العريض وآخرين، في قضية تسفير الآلاف من الشباب التونسيين للقتال في مناطق النزاع، مستمرة.
فبعدما بدأت النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بتونس التحقيق مع الموقوفين في القضية، أصدرت الخميس مذكرات إيداع بالسجن في حق كل من فتحي البلدي المكلف بمهمة سابقا بديوان وزير الداخلية، ومحرز الزواري المدير العام الأسبق للمصالح المختصة بوزارة الداخلية، وسيف الدين الرايس الناطق الرسمي سابقا باسم تنظيم “أنصار الشريعة” المصنف كتنظيم إرهابي، وفقا لما نقلته وسائل إعلام محلية تونسية.
وكان قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب قد أصدر ليل الأربعاء – الخميس مذكرة إيداع بالسجن في حق عبدالكريم العبيدي، رئيس فرقة حماية أمن الطائرات بوزارة الداخلية، وذلك في ما يخص القضية المتعلقة بشبكات التسفير إلى بؤر التوتر والإرهاب خارج تراب البلاد التونسية.
وفي ذات القضية، قرر قاضي التحقيق في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب تأجيل الاستماع لعلي العريض في قضية “التسفير إلى بؤر التوتر” إلى التاسع عشر من ديسمبر المقبل، مع إبقائه في حالة سراح.
وقال المحامي سمير ديلو عضو هيئة الدفاع، في تدوينة نشرها صباح الخمس عبر حسابه على فيسبوك، إن “قاضي التحقيق يقرر تأجيل الاستماع لرئيس الحكومة الأسبق علي العريض إلى التاسع عشر من ديسمبر 2022 مع إبقائه بحالة سراح”.
وبدأت النيابة العامة الأربعاء التحقيق مع الموقوفين في قضية تسفير التونسيين إلى بؤر الإرهاب، التي تحظى باهتمام الرأي العام، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وباشرت النيابة الاستماع إلى نائب رئيس حركة النهضة ورجل الأعمال والنائب السابق بالبرلمان عن الحركة محمد فريخة، فيما أجلت الاستماع إلى رئيس الحركة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي إلى الثامن والعشرين من نوفمبر المقبل، مع إبقائه في حالة سراح.
ويأتي ذلك بعد أن قررت شرطة مكافحة الإرهاب اعتقال العريض وإحالته إلى النيابة العامة، بعد استجوابه في ملفات لها علاقة بفترة توليه وزارة الداخلية، وهي الفترة التي شهدت فيها البلاد تناميا في أعداد المتطرفين وهجمات إرهابية أودت بحياة العشرات من الجنود والأمنيين، وتم فيها اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد براهمي.
كما أوقفت رجل الأعمال محمد فريخة لوجود شبهة في تورط شركة “سيفاكس أيرلاينز” التي يمتلكها في تسفير الشباب التونسيين إلى تركيا، قبل وصولهم إلى العراق وسوريا للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية.
وترتبط القضية بشبكات التسفير إلى سوريا للقتال هناك، والتي نشطت خلال السنوات الأولى غداة الحرب الأهلية في سوريا. وتنفي الحركة، التي صعدت إلى الحكم بعد انتخابات 2011 التي أعقبت الثورة، أي صلات لها بتلك الشبكات.
وقدرت مصادر أمنية ورسمية في السنوات الماضية أن نحو 6000 تونسي توجهوا إلى سوريا والعراق في العقد الماضي، للانضمام إلى جماعات جهادية، ومنها تنظيم داعش.
واتهمت أحزاب تونسية حركة النهضة بالتساهل مع إسلاميين متشددين أثناء فترة حكمها بعد الثورة، وحثّ الشبان في المساجد والاجتماعات الخاصة على الجهاد في سوريا، وهو أمر تنفيه الحركة باستمرار.
وبدأت التحقيقات في هذا الملف إثر شكوى تقدمت بها فاطمة المسدي، البرلمانية السابقة عن حركة نداء تونس، في ديسمبر 2021 إلى القضاء العسكري، قبل أن يحولها إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب لوجود مدنيين بين المشتكى بحقهم.
ورغم وضعه بحالة سراح بعد ساعات طويلة من الاستنطاق، هاجم الغنوشي مساء الأربعاء القضاء التونسي قائلا في تصريحات صحافية إن القضاء “أفشل ويُفشل” محاولة تلبيس الحركة بـ”لباس الإرهاب”.
واعتبر أن “هناك محاولات لإقصاء خصم سياسي، والنهضة أكبر وأعرق حزب في البلاد عجزوا (لم يسمهم) عن مواجهتها في صناديق الاقتراع والحرية”.
وتابع أن “هناك إرادة لتكريس الانقلاب وتحويله إلى نظام سياسي ونظام قضائي، ولن يكون ذلك”.
وهذه التهم وغيرها دأبت حركة النهضة الإسلامية منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد عن إجراءات الخامس والعشرين من يوليو 2021 على توجيهها كلما اشتد عليها الخناق وتنامت عزلتها السياسية.
ويتمسك قادة النهضة ببراءة الحركة من التورط في التسفير، ويعتبرون إثارة الملف في المرحلة الحالية جزءا من الصراع السياسي مع الرئيس قيس سعيّد.
كما تعتبر التهم الموجهة للحركة الإسلامية بالتورط في عمليات التسفير محاولة لتشويه الحزب وربطه بالإرهاب، في خضم الصراع السياسي مع الرئيس التونسي والقوى الداعمة له.
واستُدعي الغنوشي (81 عاما) في التاسع عشر من يوليو الفائت للتحقيق معه في قضية تتعلق بتبييض أموال وفساد، ونفى حزب النهضة التّهم الموجّهة لزعيمه.
وكان القضاء التونسي أصدر في السابع والعشرين من يونيو قرارا بمنع سفر الغنوشي، في إطار تحقيق باغتيالات سياسية حدثت في 2013.