حسام حسن
بعد أيام من جلسة استماع ببرلمان ألمانيا، لا يزال صدى ما دار في الجلسة وما شهدته من وثائق وأوراق تقييم موقف، يكشف الكثير من المعلومات.
والإثنين الماضي، نظمت لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الألماني، جلسة استماع، استمرت على مدار ساعتين من (الثالثة عصرا حتى الخامسة مساء) بالتوقيت المحلي، في مقر البرلمان ببرلين.
الجلسة التي جرت تحت عنوان “كشف ومنع تمويل الإسلام السياسي في ألمانيا” بحضور 9 خبراء، ركزت على مشروع قرار قدمه الاتحاد المسيحي، أكبر تكتل معارض في البلاد، في منتصف مارس/آذار الماضي، ويطالب بكشف ومنع تمويل الإسلام السياسي بألمانيا، وانفردت “العين الإخبارية” قبل أشهر بهذا المشروع وأهم بنوده.
ودارت الجلسة حول طلبات الاتحاد المسيحي، بفرض التزام على الشركات والجمعيات بالكشف عن مصادر التمويل الأجنبية للسلطات الضريبية المسؤولة، وتوسيع صلاحيات هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في مجال التحقيقات المالية.
وفي إطار المناقشات داخل الجلسة، قدم سنان سيلين، نائب رئيس هيئة حماية الدستور “الاستخبارات الداخلية” بألمانيا، تقريرا عن الإسلام السياسي، والإخوان في الأراضي الألمانية، كشف رؤية الاستخبارات لهذه التنظيمات.
التقرير الذي تنشر “العين الإخبارية” مقتطفات منه اليوم، في إطار سلسلة حلقات تغطي ما جرى في جلسة الاستماع البرلمانية حول مكافحة تمويل الإسلام السياسي.
تقرير نائب رئيس هيئة حماية الدستور، كشف عن 3 منظمات رئيسية في أوساط الإسلام السياسي، تخضع لرقابة قوية من الهيئة في إطار اختصاص الأخيرة بمراقبة التنظيمات التي تمثل تهديدا للنظام العام في البلاد.
وهذه المنظمات الثلاث، هي “منظمة الجالية المسلمة الألمانية؛ المنظمة المظلية للإخوان في ألمانيا”، و”المركز الإسلامي في هامبورج الذي يعد ثاني أكبر تمثيل إيراني في البلاد بعد السفارة الإيرانية”، وفق ما ذكره التقرير.
أما ثالث منظمة تخضع للرقابة، فهي “ميللي جوروش” التركية التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها الفرع التركي للإخوان.
ولفت التقرير إلى أن تنظيمات الإسلام السياسي “تملك أنشطة تمويل ضخمة من حيث النطاق والمدى”، مضيفا “هناك قدر كبير من الأدلة على أن هذه التنظيمات تنظم مبادرات واسعة النطاق لجمع الأموال، وتجمع مبالغ كبيرة من المال”.
وحدد التقرير سببين رئيسيين لنجاح عمليات جمع الأموال لصالح تنظيمات الإسلام السياسي في ألمانيا، وهما امتلاك هذه التنظيمات بنية تحتية واسعة من الجمعيات والمساجد، وتحريكها قاعدة كبيرة الحجم من الأتباع في أنحاء البلاد.
التقرير ذكر أيضا “كما هو معروف، هناك أيضًا تدفقات مالية تأتي من الخارج. على سبيل المثال، هناك مؤشرات على تمويل حكومي مباشر للمركز الإسلامي في هامبورغ من إيران”.
وكشف التقرير عن صعوبات تكتنف عمل الاستخبارات في رصد التمويلات الخارجية للتنظيمات الإسلاموية، وهي “نحن نسجل فقط مقتطفات من المعاملات، مثل التحويلات النقدية، بدون حساب مستلم في بعض الأحيان”.
وتابع “لا يمكن رصد التحويلات المالية بسهولة، خاصة تلك التي تجري من خلال نظام الحوالة التآمري”، مضيفا “في بعض الأحيان يختفي المرسل والمتلقي خلف الأسماء المستعارة، كما هو الحال في مجال العملات المشفرة”.
ومضى قائلا “تجدر الإشارة إلى أنه يتم تجربة واختبار وسائل الاستخبارات المستخدمة في التحقيقات المالية مسبقًا. ومع ذلك، علينا أن نضع فكرة أنه يمكننا الكشف عن آثار وهياكل الشبكات عبر الوطنية في هذه الأوساط (الإسلام السياسي) بهذه الطريقة، في منظورنا”.
واستدرك قائلا “في الواقع، هذه التحقيقات تواجه أكثر من عقبة مرهقة، لأنه بالإضافة إلى الصعوبات التي سبق ذكرها، فنحن مجبرون في المقام الأول على تركيز العمل على أشخاص وليس على الشبكة كلها”.
ولفت إلى أن التدفقات المالية في أوساط الإسلاموية، هي بمثابة “خطابات الاعتراف السرية” بالروابط بين هذه التنظيمات العاملة في ألمانيا والشبكات الأكبر في الخارج.
تقرير نائب رئيس الاستخبارات الداخلية قال بوضوح “التنظيمات الإسلاموية بالتحديد تعمل بصبر استراتيجي في عمق المجتمع الألماني، ولديها إمكانية خطيرة لتقويض أسس النظام الأساسي الديمقراطي الحر”.
وحدد التقرير طريقة واضحة لمكافحة تنظيمات الإسلام السياسي، حيث “عند محاربة المنظمات والجهود الإجرامية والمتطرفة والإرهابية، هناك أسس واضحة للأداء الفعال: التعرف على الخصائص ذات الصلة والعلاقات الشخصية في هذه التنظيمات، وفهم أدوار وأنشطة وأهداف الجهات الفاعلة، وفحص التخطيط المالي وتمويل هذه الأنشطة”.
وكان كريستوف دي فريس، النائب البارز عن الاتحاد المسيحي قال خلال جلسة الاستماع بالبرلمان الإثنين الماضي، إن تمويل تنظيمات الإسلام السياسي “موضوع مهم”، لافتا إلى أن مشروع القرار الذي صاغه الاتحاد المسيحي، يعد خطوة مهمة في طريق مواجهة هذا الخطر “الإسلام السياسي”.
وتساءل فريس عن مدى قدرة المؤسسات الأمنية في تتبع تمويل تنظيمات الإسلام السياسي في ظل الوضعية الحالية في النظام القانوني الألماني.
أما النائب عن حزب البديل لأجل ألمانيا “شعبوي”، غوتفريد كوريو فأثار خلال الجلسة قضية التمويل الخارجي لمؤسسات الإسلام السياسي، وأكد على ضرورة تدشين قواعد شفافة للكشف عن هذا التمويل والجهات المستفيدة منه.
كما تحدث عن تأسيس كراسي في الجامعات لدراسة الإسلام السياسي بشكل نقدي، وتوفير المعلومات والمعرفة المطلوبة التي تسهل عملية مكافحة هذه التنظيمات.
وكانت “العين الإخبارية” انفردت قبل أشهر، بمناقشة لجنة الشؤون الداخلية ببرلمان ألمانيا مشروع قرار قدمه الاتحاد المسيحي، يعد أكبر ضربة يتلقاها تنظيم الإخوان من ألمانيا، لأنه يأتي من تكتل سياسي كبير حكم البلاد لـ16 عاما بزعامة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل.
وبعد جلسة الاستماع التي جرت الإثنين الماضي، من المقرر أن تستمر لجنة الشؤون الداخلية في مناقشة مشروع القرار الذي قدمه الاتحاد المسيحي منتصف مارس/آذار الماضي، وكان محور جلسة الاستماع اليوم.
المصدر العين الإخبارية