كريتر نت – العين الإخبارية
انتصارات قياسية حققتها عمليتا “سهام الشرق والجنوب” في أبين وشبوة بأول شهر من انطلاقها ضد الجماعات الإرهابية خصوصا تنظيم”القاعدة”.
ففي أبين، نجحت القوات الجنوبية المشتركة في تأمين 6 مديريات، وذلك بعد معارك عنيفة وسلسلة من العمليات الإرهابية للقاعدة، والتي شنتها ردا على انطلاق عملية “سهام الشرق” في المحافظة الساحلية على بحر العرب.
وانطلقت العملية العسكرية في 23 أغسطس/ آب الماضي، بمشاركة قوات الحزام الأمني وشرطة ومحور أبين والمقاومة الجنوبية لتتمكن خلال مرحلتين من الانتشار والسيطرة على مناطق ومعسكرات رئيسية في مديريات خنفر وأحور ولودر والوضيع ومودية بالمحافظة.
فيما أصبحت مديريتا “المحفد” و”جيشان” هدفا أكثر قيمة للعملية العسكرية التي تنشر “العين الإخبارية” خارطة انتصاراتها بأبين في هذا التقرير، فضلا عن عملية “سهام الجنوب” التي انطلقت في 10 سبتمبر/ أيلول الجاري بمحافظة شبوة المجاورة وحققت إنجازات قياسية.
سهام الشرق
بعد انطلاقها في 23 أغسطس/ آب الماضي، شملت “سهام الشرق” مرحلتين رئيسيتين، استهدفت الأولى إعادة الانتشار بموجب اتفاق الرياض، وذلك من قبل قوات الحزام الأمني والمقاومة الجنوبية وشرطة أبين.
وشهد اليوم الأول من العملية إحباط القوات الجنوبية هجوما عنيفا لمليشيات الحوثي على “جبهة ثرة”، فيما نشر الحزام الأمني قواته على امتداد الخط الساحلي في خنفر و”خبر المراقشة” وشرق أحور من جهة شبوة.
كما تسلمت القوات الجنوبية معسكر العرقوب في شقرة وانتشرت في سلاسل المرتفعات للبلدة الاستراتيجية، فيما انتشرت شرطة أبين في مدينة زنجبار عاصمة المحافظة.
ولم يحدث في هذه المرحلة سوى معارك محدودة وقعت عندما داهمت قوات الحزام الأمني مواقع القاعدة خلف “قرن الكلاسي” وفي “خبر المراقشة”، وعثرت القوات حينها على عبوات وأحزمة ناسفة ومتفجرات.
وقبل انطلاق المرحلة الثانية صوب المنطقة الوسطى في أبين، شن تنظيم القاعدة الإرهابي هجوما مباغتا استهدف حاجزا أمنيا لقوات لحزام الأمني في مديرية أحور الساحلية، ما أسفر عن مقتل 21 جنديا و8 إرهابيين.
وكعادتها، سعت مليشيات الحوثي لإنقاذ ورقتها من السقوط في أبين، وذلك بعد اغتيالها قائد اللواء الرابع دعم وإسناد العميد هدار الشوحطي في جبهة الحد يافع تزامنا مع هجوم القاعدة بأبين في 6 سبتمبر/ أيلول الجاري.
وأجبرت العمليات الإرهابية التي شنتها القاعدة والحوثي، القوات المشتركة الجنوبية على إطلاق المرحلة الثانية من “سهام الشرق” في 11 سبتمبر/ أيلول الجاري، واستهدفت مديريات المنطقة الوسطى الاستراتيجية لا سيما لودر ومودية.
وسيطرت القوات على معسكرات “عكد”و”سلي” في مديرية لودر، وطهرت معسكر “السري” قرب جبال “موجان” في بلدة “خبر المراقشة” بذات المحافظة.
ففي مودية، استمات تنظيم القاعدة في 12 سبتمبر/ أيلول الجاري، بالدفاع عن أوكاره وذلك بعد تفخيخ الطرقات ليشن 4 عمليات تفجير لدى انتشار القوات، نجا منها مسؤولان عسكريان بأعجوبة وخلفت نحو 18 جنديا بين قتيل وجريح.
وانتشرت القوات على عدة محاور في الوضيع، حيث سيطرت على “مفرق الوضيع” و”عزان” و”وادي النسيل”، فيما أمن “آل باقيناش” والمدارة” في مودية، وعلى محور ثالث تقدمت القوات الجنوبية باتجاه مديرية المحفد شرقا.
وبحسب مصدر أمني لـ”العين الإخبارية”، فإن المحور العسكري الأهم استهدف السيطرة على بلدة “عوامران” شرق مودية، حيث تم إحكام السيطرة على بلدتي “شعب شقير” و”الحميمة” قبل اقتحام أكبر أوكار القاعدة.
وفي 18 سبتمبر/أيلول الجاري، أعلنت القوات المشتركة الجنوبية رسميا السيطرة على المعسكرين الرئيسيين للقاعدة في عومران، وهي أهم معقل للتنظيم جنوبا، وتوصف بأنها “تورا بورا اليمن”، إذ جرى اقتحام المعسكرين من المحورين الشمالي والجنوبي تحت غطاء ناري كثيف.
وتقهقر مسلحو القاعدة نحو بلدة “الحنكة” في مديرية المحفد، ومن المتوقع أن تكون هدفا محتملا لمرحلة ثالثة من سهام الشرق، والتي ستمتد إلى المرتفعات الحدودية مع محافظتي شبوة والبيضاء.
ومن المتوقع أن تنطلق المرحلة الثالثة بعد استكمال تفكيك شبكة الألغام الواسعة لتنظيم القاعدة في وادي عومران الواقع شرقي مدينة مودية بأبين، وهي أوكار يتم تطهيرها للمرة الأولى منذ 10 أعوام.
سهام الجنوب
انطلقت عملية “سهام الجنوب” في شبوة بعد نحو أيام من انطلاق سهام الشرق وتحديدا في 10 سبتمبر/ أيلول الجاري، وحققت خلال مرحلتها الأولى التي استمرت يومين فقط، عديد الأهداف في المحافظة الغنية بالنفط والغاز.
وجاء انطلاق العملية في شبوة عقب عمليتين إرهابيتين وقعت الأولى في الخامس من الشهر نفسه، عبر تفجير إرهابي استهدف دورية أمنية لقوة دفاع شبوة وخلف 7 قتلى وجرحى، فيما وقع الثاني بعده بأيام، عبر عبوة أخرى زرعت قرب من البوابة الشرقية لمدينة عتق، وأسفر عن مقتل وإصابة 6 جنود.
وينظر لعملية “سهام الجنوب” أنها كانت أكثر دقة، وتمتعت بخطة مدروسة نجحت خلالها في استئصال أوكار القاعدة في وادي “سرع” و”الطفه” و”مذاب” في المصينعة بمحافظة شبوة خلال وقت قياسي.
وحسب قائد اللواء الثاني دفاع شبوة العقيد وجدي باعوم، فإن المعركة مع الإرهاب ستستمر وسيتم ملاحقة العناصر الإرهابية حتى اقتلاعهم من جذورهم عبر عملية “سهام الجنوب” وحتى إعلان المحافظة خالية من الإرهاب.
شل قدرات القاعدة
يرى خبراء يمنيون أن شل قدرات تنظيم القاعدة الإرهابي بات “ضرورة” لتحصين المحافظات الجنوبية من نشاط الجماعات الإرهابية التي تستخدم هذا التنظيم كذراع لخدمة أجندتها المشبوهة وتهديد أمن العاصمة عدن.
وقال الخبير في الشؤون العسكرية الجنوبية باليمن العميد ركن ثابت حسين صالح، إن أهم “نتائج العملية العسكرية على تنظيم القاعدة في محافظتي أبين وشبوة تتمثل في السيطرة على أهم المعسكرات والمواقع التي كانت تتمركز، وتنطلق منها لتنفيذ العمليات الإرهابية”.
ودلل في حديث لـ”العين الإخبارية”، على المعسكرات الذي توجت بها عملية سهام الشرق هي معسكر “عكد” في لودر ومعسكر “السرى” بين شقرة ومودية ومعسري “عوامران” شرقي المدينة والذي مثل سقوطه ضربة قاصمة لتنظيم القاعدة.
ورغم هذه الانتصارات القياسية، يؤكد الخبير العسكري أنها “لا تكفي كما تحدثنا في أكثر من مرة، لابد من ملاحقة هذه العناصر الإرهابية والقضاء عليها، سواء كان ذلك ماديا أو على الأقل شل قدرتها على معاودة الهجوم”.
ولفت إلى أن “القاعدة العسكرية العامة في الجيش والحروب والسيطرة على الأرض تكمن في الحفاظ على هذه الأرض وتأمينها بشكل كامل في كل النواحي”.
ويعتقد صالح باستمرار العمليات العسكرية بالفعل لاستكمال تطهير شبوة وأبين بشكل عام، مشيرا إلى أن “وضع شبوة أفضل من أبين، لأن نظام 77 ركز أن تكون أبين هي البؤرة القاصمة التي تقصم ظهر الجنوب بسبب موقعها الاستراتيجي المتوسط بين الغرب والشرق”.
كما أن “أبين تتمتع بجغرافية وعورة الأرض والتضاريس وتكوينات قبلية معقدة، لكن في تصوري أن العملية ناجحة إذا ما اتخذت وفقا لكل المقاييس والمعايير التكتيكية والسياسية والنفسية والأمنية”، وفقا للخبير اليمني.
وعن دور المحافظات الشمالية في مكافحة الإرهاب، قال صالح إنه لا ينتظر منها شيئا “سواء كانت من مأرب أو البيضاء، لكن أضعف الإيمان وأقل ما يمكن أن تقوم بها هذه القوات في هاتين المحافظتين ألا تقبل أو تستضيف أو تؤوي العناصر الإرهابية الهاربة من الجنوب، أو تصدر عناصر أخرى كما كان يحصل”.
وذكر الخبير العسكري بتحول مأرب والبيضاء لعمليات إرهابية كثيرة، منها غزوة خيبر التي قادها الإخوان والمعارك الطويلة التي استمرت في شبوة وشقرة بالأعوام الماضية بالذات منذ بداية أغسطس/آب 2019.
أما جنوبا، فلا يزال وادي حضرموت مأوى للعناصر الإرهابية التي كانت تنفذ عمليات إرهابية ضد القوات الجنوبية وضد المقاتلين الجنوبيين وضد مصالح جنوبية حيوية، وبرعاية المنطقة العسكرية الأولى الموالية للإخوان.
كما ينشط “عن طريق بعض مشايخ وتكوينات حزب الإصلاح، لذلك تأمين حضرموت أيضا ذات أهمية استراتيجية، وأعتقد أنه سيأتي تباعا بعد السيطرة الكاملة على شبوة”.
ولم ينس العميد صالح محافظة المهرة، البوابة الشرقية للبلاد، لافتا إلى أن “فيها وجودا إخوانيا وحوثيا يشتعل فيها على نار هادئة، مستغلا انشغال القوات الجنوبية بتأمين العاصمة عدن وما حولها، لذلك يأتي تأمينها ضمن المهام الأساسية والرئيسية للقوات الجنوبية”.
من جهته، قال قائد محور أبين في القوات الجنوبية العميد مختار النوبي، في تصريحات صحفية، إن القوات المشتركة الجنوبية تنتشر في الجبال والوديان في بلدة “عومران” وتم السيطرة على معسكرين رئيسيين في البلدة كانت يتخذها تنظيم القاعدة في صناعة العبوات والمتفجرات.
وأشار إلى أن الفرق الهندسية ما زالت تواصل تطهير المنطقة ونزل الألغام والعبوات في الوديان والسهول والجبال الذي زرعها تنظيم القاعدة لإعاقة تقدم القوات الجنوبية صوب أخطر معاقله في محافظة أبين.