صنعاء – جلال محمد
تمارس ذراع إيران الإرهابية، التعذيب الوحشي على نطاقٍ واسع بحق المختطفين منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة في صنعاء وبقية المحافظات الشمالية نهاية عام 2014.
وفي الفترة الماضية سربت مقاطع فيديو صادمة توثق مشاهد التعذيب بحق المختطفين في سجون ذراع إيران في صنعاء ومناطق أخرى.
ويسرد «نيوزيمن» في هذا التقرير حكاية شاب من سكان صنعاء، اختطفته المليشيا، بعدما رفض الالتحاق بالدورات المذهبية حيث قضى مدة عامين وثلاثة أشهر في السجن قبل أن يتم إطلاق سراحه لاحقاً، وتم فصله عن عمله.
آثار التعذيب
يتذكر “سليم” -اسم مستعار- البالغ من العمر 37 عاماً ندوب السجائر والتعذيب التي لا تزال على جسده، قائلاً: «قد تكون تلك الآثار حالة عادية يمكن التخلص منها بالعلاج، ما يعني أنها قد تزول مع مرور الوقت، إلا أن الندوب الداخلية، وأعني بذلك الآثار العاطفية والفكرية للسجن، ستبقى، لتذكرنا دوماً بأننا كنا وما زلنا نرفض المشروع الحوثي والثقافة الحوثية، ونرفض أن نعود لعهد الإمامة حتى وإن تدثرت بمسمى الجمهورية، وما زلنا نفعل ذلك، لكن الحوثي لا يفهم أو لا يريد أن يفهم أنه مرفوض شعبياً مهما تظاهر البعض بتقبله، وأيضاً لا تريد الشرعية أن تفهم والعالم بأسره أن هنا شعبا يستحق العيش بكرامة ولكن ما عساه يفعل أمام آلة البطش والإرهاب الحوثي».
ويتابع «سليم» الذي ينحدر من محافظة المحويت الواقعة شمال غربي صنعاء، في سرد معاناته في المعتقلات والسجون الحوثية لـ«نيوزيمن»: «بعد مرور ثلاثة أشهر من التحقيقات والتعذيب والإذلال والإهانات في اكتوبر 2018، تم نقلي مع بعض المعتقلين من السجن الاحتياطي، إلى البحث الجنائي، حيث سُمح لنا بالاتصال بذوينا وتمكنت من إخبار عائلتي بمكان تواجدي ولكنني لم أتمكن من مقابلتهم إلا عندما خرجت من المُعتقل بعد عامين وثلاثة أشهر».
ويستطرد «سليم» في الحديث قائلاً: «قاموا بأخذ هاتفي وتفتيش ذاكرته التي تحوي العديد من الفيديوهات الخاصة بفعاليات الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، وخطابه الأخير، ومشاهد أخبارية عن تقدم القوات المشتركة في الساحل الغربي».
جحيم البحث الجنائي
وكان سليم قد اختطف كما أفاد في 23 أكتوبر 2018، بعد خروجه من مقر عمله، دون أن يتمكن أحد من معرفة مصيره، حتى عائلته التي علمت بمكانه بعد نقله إلى سجن البحث الجنائي.
وقبل أن يُنقل مجدداً إلى السجن الاحتياطي، التابع للأمن القومي، اتُهم الشاب بالانضمام إلى خلايا تخريبية وإرهابية تابعة “للعدوان”، وهي تهمة تلصقها الجماعة الحوثية بكل من يعارض مشروعها المذهبي ودورها التخريبي.
ويروي الشاب سليم أيضاً الأحداث التي دارت في البحث الجنائي في شارع العدل بأمانة العاصمة، بعد احتجازٍ دام شهرين وتعرض فيه لتعذيب مكثف من قبل الملازم مؤيد، أحد أذرع مدير البحث الجنائي آنذاك المجرم سلطان زابن، قائلاً: «بعد انتهاء التعذيب المطول والتحقيق، طُلبَ مني الظهور لتسجيل فيديو أعترف بأنني إرهابي ومخرب عميل أتبع ما يسمونه العدوان وعلى صلة مع العميد عمار صالح، وأنني نادمٌ على ما قمتُ به. في بداية الأمر، رفضت، لكن بعد التعذيب، وافقت، وتم تلقيني ما يجب أن أقوله، وذلك بحضور ضابطٍ من وزارة الداخلية. بعدها جاءت مرحلة التصوير، ولقاء (خلية تخريب وتخابر تتبع العدوان)، علماً أنني لم يسبق لي أن التقيت بأي من القيادات السابقة، وإنما حبي للمؤتمر كحزب ولشخص الزعيم الشهيد وأبنائه ورفضي للانخراط في الدورات الثقافية كانت لدى الحوثيين تهم كافية بحبسي بل وحتى قتلي للأسف”.
وأضاف: “رغم ذلك كله الأمر الذي فاجأني هو المصور، فالمصور كان صديقي، وكثيرا كنا نلتقي ونخزن إلى قبل أشهر من اعتقالي، إلا أنه سلالي باع وطنه وشعبه لأجل جماعته».
التعذيب وأصوات المُعتقلين
ويسرد سليم أيضاً مشاهد التعذيب في سجن الأمن القومي وكذلك في البحث الجنائي بصنعاء، حيث كان يُعلق على السقف ويُضرب بقوة بعصا حتى ينزف بسببها في أماكن متفرقة من جسدهِ، ويتذكر كلمات المساعد أول أبو عمار الذي كان يأتمر ويعذب بإشراف الملازم مؤيد، وسلطان زابن.
وأضاف: «معتقلات الحوثي جحيم لا يُطاق، ولا علاقة لها بأنظمة السجون المعروفة في العالم، أغلب التهم عشوائية وكاذبة لا علاقة للمتهمين بها، كما أن لديهم طرق تعذيب خاصة بهم ومن اختصاصهم، وأدت إلى مقتل عشرات بل مئات الأبرياء».
ويعبر سليم عن أسفه من بقاء آلاف المعتقلين في سجون الحوثيين واستنزاف قضيتهم من قبل جميع الأطراف السياسية على حد سواء.
ويقول في هذا الصدد: «للأسف الشديد باتت قضية المعتقلين رقماً في حسابات الحوثي والشرعية بعد مرور سنواتٍ من الانقلاب والحرب، فبدلاً من أن تكون هذه القضية ملفا فوق التفاوض، يتم استغلاله في المفاوضات بين الطرفين لإجراء مبادلات عسكرية والإفراج عن أسرى حرب ومعتقلين عسكريين لدى الطرفين وبإشراف أممي».
ويضيف إن «مسألة المعتقلين هي قضية فوق تفاوضية يجب أخذ إجراءات فورية فيها دون إدخالها بالملفات والحسابات التي يتاجر بها ويراوغ فيها الحوثيون على حساب اليمنيين الذين ما زالوا ينتظرون الآلاف من أبنائهم، ولهذا على الجهات الدولية والمعنية بحقوق الإنسان السعي لفتح السجون والمعتقلات لدى كل الأطراف بأسرع وقت، للإفراج عن كافة المعتقلين والمعتقلات المحتجزين والمغيبين داخل سجون القهر والإذلال بسبب الرأي أو الموقف السياسي، ورفض التدجين، وبعدها الانتقال للحلول الأخرى المتعلقة بالمفاوضات والمحاصصة السياسية فيما بينهما».
المصدر نيوزيمن