كريتر نت – متابعات
سلّط “معهد واشنطن” الأمريكي الضوء على العلاقة الشائكة بين إيران والزعيم الشيعي العراقي النافذ مقتدى الصدر، الذي نجح إلى حدٍّ ما في التحول إلى رقم صعب في المعادلة السياسية العراقية، خاصة بعد رحيل قائد فيلق القدس السابق الجنرال قاسم سليماني الذي قتل في مطلع العام 2020 في ضربة أمريكية استهدفت موكبه على طريق مطار بغداد الدولي رفقة قائد الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس.
وأضاف المركز أنّ قاسم سليماني كان له تأثير شديد على القوى الشيعية العراقية الموالية لإيران، بينما يبدو أنّ خليفته الجنرال إسماعيل قآاني لا يتمتع بالكاريزما التي كان يتمتع بها سليماني؛ وبالتالي فشل في إعادة ترتيب البيت الشيعي العراقي، وفي احتواء الصدر الذي يقدّم نفسه وطنياً، وأنّ ولاءه للعراق، ويريد تخليص البلاد من التبعية لإيران وللولايات المتحدة الخصمين اللذين يتنافسان على النفوذ في المنطقة، وفق ترجمة موقع “شفق نيوز” العراقي.
وبحسب تقرير معهد واشنطن، فإنّ إيران تراهن على الانقسامات الداخلية في العراق بما يخدم مصالحها، واتخذت قراراً بعدم التدخل في السياسة العراقية، لكنّ التقرير أشار في الوقت ذاته إلى خطر أن تفضي الفوضى في العراق إلى تقويض الجهود الأمريكية لتأمين استقرار أسواق الطاقة العالمية، والعراق وإيران عضوان وازنان في منظمة الدول المصدرة للنفط.
واعتبر كذلك أنّ طهران ما تزال تنظر بخشية كبيرة إلى انسحاب الصدر من العملية السياسية، وما تبعها من أحداث أمنية خطيرة، بينما يعجز حلفاؤها من القوى الشيعية الأخرى عن تشكيل الحكومة.
وأشار التقرير إلى تنامي مخاوف الجمهورية الإسلامية من أن يتسبب الصراع بين القوى الشيعية (قوى الإطار التنسيقي والتيار الصدري) “في إعادة تشكيل المعادلة الشيعية بما لا يتناسب مع الدور الإيراني وأهدافه”.
وبحسب التقرير، فإنّ “الإشكال الرئيسي الذي تواجهه إيران في العراق، وتحديداً على مستوى ترميم البيت الشيعي والحفاظ على التوافقات الشيعية الشيعية ضمن سقف المصالح الإيرانية، نابع في الأساس من عدة أسباب أهمها فشل قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني في ملء الفراغ الذي خلفه قاسم سليماني”.
ويشير التقرير الأمريكي في جانب منه إلى أنّ اغتيال سليماني أربك الحسابات الإيرانية، وكشف أنّ طهران لم تكن مستعدة للتعامل مع قضية بحجم تصفية سليماني أو تحديد الأولويات الاستراتيجية في العراق.
ولفت التقرير أيضاً إلى أنّ قآاني لم يجد إلى جانبه شخصية عراقية نافذة كما كان الحال مع سلفه سليماني الذي كان يحظى بدعم قائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، معدداً كذلك الأسباب التي أثرت على جهود قائد فيلق القدس الجديد في إعادة ترتيب البيت الشيعي العراقي، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر تعدد “أدوار المؤسسات الإيرانية العاملة في العراق ومزاحمتها للحرس الثوري”.
وخلص إلى أنّ هذا ما يفسر إلى حدّ ما إخفاق قآاني في احتواء الصدر وإقناعه بالعدول عن خطواته، رغم أنّه زار بغداد أكثر من مرة من أجل هذا الهدف، مضيفاً أنّ ما أظهره الصدر من ردود فعل قوية ضد الدور الإيراني، وما تبعه من شعارات رفعها نشطاء ثورة تشرين الرافضة للوجود الإيراني في العراق، دفع إيران إلى اختيار البقاء في وضع المراقب للتطورات دون تدخل مباشر فيها.
التقرير الأمريكي عرض في جانب منه أيضاً وضع الصدر، باعتبار أنّه نجح إلى حدٍّ كبير في تغيير قواعد اللعبة السياسية، لكنّ هذا الأمر لا يحجب حقيقة أنّه لا يملك بشكل مطلق اليد الطولى في العراق، موضحاً أنّ اعتزال المرجع الشيعي كاظم الحائري للعمل المرجعي أضعف الصدر، وشكّل إهانة لزعيم التيار الصدري، وأثار الشكوك حول أهلية قيادته للتيار.
ويُعتبر الحائري بمثابة الأب الروحي للتيار الصدري، ومنه يستمد التيار قوته، ومنه أيضاً يستمد الصدر شرعية القيادة، وهو الذي تتلمذ على يد الحائري.
وقال تقرير معهد واشنطن: إنّ كل ذلك يصبّ بلا شك في مصلحة إيران، ويمنحها أملاً في وضع حدٍّ للصراع الشيعي بين مرجعتي قم والنجف، “ومن ثم إعادة تشكيل العالم الشيعي وفق المركزية الإيرانية التي تقرّ بولاية الفقيه”.
ويشير التقرير إلى أنّ الصدر ما يزال يقاوم المخطط الإيراني، وأنّه أظهر قوة في مواجهة محاولة طهران تهميش آل الصدر ومركزيتهم داخل البيت الشيعي العراقي.