كريتر نت – متابعات
الرسائل التصعيدية للحوثيين لا تساعد الجهود الجارية من أجل تمديد الهدنة في اليمن، وسط شكوك في إمكانية نجاح الوساطات الإقليمية والدولية في دفع الجماعة إلى تعديل مواقفها المتصلبة والانتصار للتهدئة.
وقابلت جماعة الحوثي مساعي التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن لبناء الثقة بالمزيد من التصلب حتى الآن، في موقف يعكس إعلاء الجماعة الموالية لإيران لخيار الحرب بدل السلام الذي يتوق له اليمنيون بعد حرب استنزفتهم لأكثر من سبع سنوات.
ولم تهدأ رسائل قيادات الجماعة، المصرة على مطالب وصفتها المجموعة الدولية بالتعجيزية، بالتزامن مع استئناف الوساطات الدولية والإقليمية لتجديد الهدنة المنتهية منذ الثاني من أكتوبر الجاري.
وقال رئيس الوفد المفاوض للحوثيين محمد عبدالسلام مساء الخميس “إن الهدنة انتهت”، محملا التحالف العربي المسؤولية لعدم استجابته لما أسماها بـ”الحقوق الإنسانية والطبيعية للشعب اليمني”.
وأضاف عبدالسلام، في تغريدة له أن من حقوق الشعب اليمني فتح مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة، بدون أيّ عوائق والاستفادة من ثرواته النفطية والغازية لصالح مرتبات كافة الموظفين اليمنيين.
ولفت رئيس الوفد المفاوض إلى أن “السلام في اليمن غير مستحيل لو تخلت دول العدوان (التحالف العربي) عن عقليتها الاستعلائية، وقدمت مصالحها الوطنية والقومية”.
وتوجه رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط إلى التحالف العربي في وقت سابق برسالة طالبه فيها بـ”الاستجابة العاجلة لمطالب صنعاء المحقة والعادلة”.
وتتزامن الرسائل الحوثية مع جولات غير معلنة من المباحثات بين الحوثيين من جهة والتحالف العربي والحكومة اليمنية من جهة أخرى برعاية أممية وأميركية وأوروبية في العاصمة العمانية صنعاء بهدف استئناف تمديد الهدنة وتقريب وجهات النظر حول نقاط الخلاف الرئيسية التي تسببت في تعثر الجولات السابقة من المفاوضات وفي مقدمتها ملف دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين وفتح الطرقات في مدينة تعز المحاصرة.
ويحمّل مسؤولون أمميون ودوليون الميليشيات الحوثية مسؤولية فشل جهود تمديد الهدنة الأممية في اليمن، نتيجة طرحها المزيد من الشروط المبالغ فيها ومن ضمنها إلزام الحكومة الشرعية بدفع رواتب الموظفين العسكريين والأمنيين في مناطق سيطرة الحوثي وألاّ تقتصر عملية دفع المرتبات على الموظفين المدنيين بحسب الاتفاق الأساسي الذي وافقت عليه الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
ويرى مراقبون أن التصريحات الصادرة عن القيادات الحوثية تشي بأنه لا اختراق فعليا في جدار أزمة تمديد الهدنة، وأن جهود التحالف العربي لتليين موقفها وتقديم مبادرات لبناء الثقة لا تلقى استجابة حتى الآن من الجماعة.وكان التحالف العربي أعلن الأربعاء عن تبادل زيارة وفدين من التحالف والحوثيين للأسرى، وقال المتحدث باسم التحالف تركي المالكي إن الخطوة تأتي كمبادرة حسن نوايا، وضمن جهود بناء الثقة لتمديد الهدنة باليمن.
وأضاف المالكي أن “هذه الزيارة ذات الطابع الإنساني تعنى بملف الأسرى كحالة إنسانية بحتة، كما أنها تأتي كإحدى مكاسب الهدنة والسعي لتمديدها وتوسيع مكاسبها على حياة اليمنيين من النواحي الإنسانية والاقتصادية والمعيشية؛ لبدء العملية السياسية، والوصول إلى سلام شامل باليمن”.
ووفقا لمصادر مطلعة فقد زار وفد سعودي صنعاء، بالتزامن مع قيام وفد حوثي بزيارة مدينة أبها السعودية، في سياق زيارات سابقة تهدف إلى تقريب وجهات النظر وتعزيز الثقة المفقودة بين الطرفين، وكمحاولة من قيادة التحالف لدفع الحوثيين بعيدا عن دائرة التأثير الإيراني.
وأشارت مصادر لـ”العرب” إلى أن قنوات التواصل بين التحالف العربي والحوثيين لم تنقطع بشكل تام منذ بداية حرب اليمن، غير أن التواصل بين الطرفين لم يصل إلى مستويات حقيقية داخل دوائر التأثير وصنع القرار وظلت على مستوى منخفض من التمثيل، نتيجة لغياب الثقة المتبادلة بين الطرفين، وتزايد النفوذ الإيراني داخل الجماعة الحوثية وخصوصا بعد وصول السفير الإيراني السابق إلى صنعاء حسن إيرلو الذي توفي في ظروف غامضة.
رسائل ضمنية يتوعد بها الحوثي
وحول التطورات الجديدة في ضوء إعلان الرياض عن تبادل الزيارات مع الحوثيين حول ملف الأسرى والحوارات الموازية في مسقط، اعتبر الباحث السياسي اليمني ومدير مركز ساوث 24 في عدن يعقوب السفياني أنه على الرغم من انتهاء الهدنة فإن المفاوضات مستمرة في ظل الضغوط الأممية والدولية القوية التي صنعت ما يمكن تسميته بهدنة المفاوضات التي منعت انفلات الوضع العسكري بشكل كامل خلال الأيام الماضية.
وأشار السفياني في تصريح لـ”العرب” إلى أن الوفود المتبادلة بين السعودية والحوثيين لتفقد الأسرى خطوة متقدمة من الجانبين سوف تمهد ربما لإنجاز صفقات تبادل الأسرى التي تعثرت خلال الهدنة بأشهرها الستة، مؤكدا أنه لا يمكن تحميل هذه الخطوة أكثر مما تحتمل أو اعتبارها مؤشرا على نوع من التوافق على أيّ اتفاق، حيث تبقى مجرد زيارة تفقدية كما صرّح الطرفان رسميا.
ولفت السفياني إلى أن وصول المبعوث الأميركي إلى اليمن تيموثي ليندركينغ إلى السعودية الثلاثاء يشي بأن المفاوضات بلغت ذروتها قبل إعلان الفشل التام لجهود تمديد الهدنة. وتابع “تمسّك الحوثيين بمطالبهم القصوى والمتطرفة يصعّب الأمور أمام المبعوث الأممي هانس غروندبرغ الذي تجنب خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن توجيه أيّ انتقادات للحوثيين.
وشهدت العاصمة السعودية الرياض، الخميس، حراكا متزايدا على وقع تجدد الجهود لتمديد الهدنة، حيث استقبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي ومعه عضو المجلس عثمان مجلي، المبعوث الأميركي إلى اليمن، والسفير الأميركي ستيفن فاجن، في إطار المشاورات الرامية لإحياء مسار السلام المتعثر في اليمن.
مسؤولون أمميون ودوليون يحمّلون الحوثيين مسؤولية فشل جهود تمديد الهدنة الأممية في اليمن، نتيجة طرحها المزيد من الشروط المبالغ فيها
ووفقا لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية، فقد تطرق النقاش إلى الضمانات والضغوط المطلوبة لدفع الميليشيات على الوفاء بالتزاماتها بموجب إعلان الهدنة، واتفاق ستوكهولم بشأن فتح طرق تعز، والمحافظات الأخرى، وسداد رواتب الموظفين من عوائد موانئ الحديدة.
ونقلت الوكالة عن الرئيس رشاد العليمي تأكيده على التزام المجلس الرئاسي والحكومة “بنهج السلام الشامل والمستدام القائم على المرجعيات المتفق عليها، ودعم جهود مبعوثي الأمم المتحدة، والولايات المتحدة وكافة المساعي الحميدة للتخفيف من معاناة الشعب اليمني”.
وبالتوازي مع جهود تمديد الهدنة التي تأتي استجابة لحاجة إقليمية ودولية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، لا يبدو أن خيار تجدد الحرب مستبعد في أجندة التحالف العربي والحكومة اليمنية.
وفيما يبدو على صلة بالاستعداد لمواجهة كافة التحديات المحتملة، التقى وزير الدفاع الفريق الركن محسن محمد الداعري، في الرياض، وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز.
وبحسب وكالة الأنباء اليمنية فقد جرى خلال اللقاء “بحث المستجدات الميدانية في ظل رفض ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران للهدنة الإنسانية وتقويضها لكل جهود السلام، وأوجه التعاون المشترك بين البلدين في المجال العسكري والدفاعي، وجهود الأمم المتحدة في سبيل تمديد الهدنة الإنسانية، كما ناقش الجانبان الخطوات والإجراءات المستقبلية للتعامل مع المتغيرات المحتملة”.
وعن السيناريو المحتمل في حال فشلت جهود تمديد الهدنة في اليمن، قال الباحث السياسي يعقوب السفياني “في حالة الفشل النهائي لجهود تمديد الهدنة سيعني ذلك عودة الحرب مع دخول النفط والغاز خط الصراع هذه المرة وتلويح الحوثيين باستهداف الشركات النفطية والملاحية، فيما قد يذهب المجلس الرئاسي للتصعيد في جبهات الساحل الغربي وإسقاط اتفاق ستوكهولم والتقدم باتجاه مدينة الحديدة ومينائها”.
المصدر العرب اللندنية