كتب .. سراج الدين الصعيدي
ألقت الشرطة النرويجية القبض على (35) عضواً في حركة المقاومة الشمالية، وهي منظمة نازية جديدة في شمال أوروبا، خلال مظاهرة نظمها أنصارها في العاصمة أوسلو.
وقالت الشرطة في تصريح صحفي لقناة “NRK” التلفزيونية: “الآن نسيطر على الوضع في وسط المدينة، بعد اعتقال (35) شخصاً من النازيين الجدد”، وفق ما نقلت وكالة “نوفستي”.
وبحسب الشرطة النرويجية، فإنّ أعضاء المنظمة لم يتقدموا بطلب للسلطات المحلية لتنظيم مظاهرة، ورفض عدد من المتظاهرين الانصياع لمطالب عناصر حفظ النظام.
وأكدت الشرطة النرويجية، بحسب وكالة الأنباء النرويجية “إن تي بي”، أنّ عدداً من المشاركين حضروا من دول الجوار الإسكندنافية.
وتجمّع “النازيون الجدد” أمام مقرات الحكومة والبرلمان وسط أوسلو، قاطعين بعض الطرقات، ونادوا بالعنف لطرد المهاجرين، وبخطاب كراهية بحق المواطنين من أعراق أخرى، ورفعوا شعارات تدعو للثورة على الطبقة السياسية.
في المقابل، تجمهرت مجموعات شبابية رافضة هتافات “النازيين الجدد”، أغلبهم من أقصى اليسار، وحركة مقاومة الفاشية (أنتيفا)، والذين عادة ما يشتبكون مع متظاهري اليمين المتطرف في “حركة مقاومة الشمال” المصنّفة على أنّها “حركة فاشية نازية جديدة”.
ورغم عجز الحركات الفاشية في الدول الإسكندنافية لأعوام عن إحداث اختراقات على مستوى السياسة والانتخابات، فإنّ خطابها المتطرف ما يزال يجد بعض الصدى لدى أحزاب شعبوية، كحالة حزب “تشديد المسار” المثير للجدل وزعيمه راسموس بالودان، الذي يشارك في الانتخابات الدنماركية والسويدية من خلال تسليطه الضوء على المسلمين، وحرق نسخ من القرآن، حسبما نقلت وكالة “أسوشيتد برس”.
وتتهم أوساط حزبية وإعلامية سويدية بالانتماء إلى الحركة النازية في صفوف الحزب البرلماني “ديمقراطيو السويد”، الذي فاز في انتخابات أيلول (سبتمبر) الماضي، بنحو 23%، وحظي بتأثير في تشكيل حكومة يمين الوسط، برئاسة أولاف كريسترسون.
وعادة ما تستغل الحركات اليمينية المتطرفة الأوروبية أوقات الأزمات، لإبراز نفسها باعتبارها “حركات قومية تسعى لتحقيق مصالح مواطنيها”، وتستغل بعضها حالياً، مثل بيغيدا في ألمانيا (وطنيون أوروبيون ضد أسلمة أوروبا)، والحركات النازية الشمالية، حدث ذلك مع أزمة جائحة كورونا، ويحدث مع أزمات اقتصادية نجمت عن الحرب في أوكرانيا، ومنها، أزمة الطاقة وارتفاع معدلات التضخم، وتستغلها للدعوة إلى تمرد على الطبقة السياسية الحاكمة.
وينادي نازيو “مقاومة الشمال” بضرورة توحيد مجموعة دول الشمال (فنلندا والسويد والدنمارك والنرويج وأيسلندا) ولو بالقوة، على أسس عرقية، تعتبر البيض في أعلى سلم المواطنة، مع دعوات للتخلص من وجود مجموعات عرقية غير بيضاء في تلك المجتمعات (مثلتها هتافاتهم في تظاهرة اليوم) بمشاركة من بقية الدول، وأداء التحية النازية بشكل متكرر.
منذ نحو (10) أعوام، وبعد مذبحة أوتويا وتفجير مقرات الحكومة التي راح ضحيتها آنذاك نحو (77) شخصاً على يد الإرهابي أندرس بريفيك، الذي تعتبره الحركة النازية الإسكندنافية ملهماً لها، شددت أجهزة الأمن والاستخبارات النرويجية من مراقبة البيئات اليمينية المتطرفة.
وتخشى السلطات الأمنية من التوترات المتزايدة بين مجموعات “النازيين الجدد” وبين معارضيها من جماعات يسارية عنيفة، وترى أنّه لا يمكن مقاومة النازيين بدون استخدام “القوة في مقابل القوة”، وفق “رويترز”.
أمّا في وطنهم الأم ألمانيا، فإنّه يمثل النازيون الجدد عشرات المجموعات اليمينية المتطرفة، التي تم حظرها في العقود الماضية في ألمانيا.
ومن مجموعات النازيين الجدد المحظورة في ألمانيا: لواء العاصفة 44 Sturmbrigade وتُعرف أيضاً باسم “سرّية الذئاب”، تأسست في عام 2016، وظهر أعضاؤها باللباس العسكري النازي.
والرقم (4) يرمز إلى الحرف الرابع من الأبجدية الألمانية (D)، لذا فإنّ الرقم (44) أي (DD) وهي اختصار لـ”Division Dirlewanger”، بمعنى “وحدة ديرليفانغر”، وهي وحدة خاصة في الجيش النازي كانت تمارس التعذيب ضد الأطفال وتقتل الناس خلال الحرب العالمية الثانية، وتم حظرها في كانون الأول (ديسمبر) 2020، ومجموعة نسر الشمال التي تم حظرها في حزيران (يونيو) 2020، بالإضافة إلى مواطني الرايخ، وهي حركة تنكر وجود جمهورية ألمانيا الاتحادية، وتنفي سلطة الحكومة الألمانية، وتعتقد المجموعة أنّ الإمبراطورية الألمانية، بما في ذلك المناطق التي كانت تتبعها قبل الحرب العالمية الثانية، ما تزال قائمة، والأفكار التي يروج لها مواطنو الرايخ تختلط فيها الإيديولوجية اليمينية المتطرفة بنظريات المؤامرة، ومنذ 2016 تخضع الحركة لمراقبة شرطة حماية الدستور؛ وذلك بسبب أنشطة منافية للدستور.
ومن المجموعة النازية التي تم حظرها أيضاً في ألمانيا مجموعة كومبات التي تأسست في 1992 في بريطانيا، وظهرت لها فروع في ألمانيا والولايات المتحدة وكندا وبلدان أخرى، وتم حظر هذه المجموعة في كانون الثاني (يناير) 2020، بالإضافة إلى عصابة الذئاب البيضاء الإرهابية، ومجموعة “ألترميديا دويتشلاند”، ومنظمة مساعدة السجناء السياسيين الوطنيين وذويهم التي كانت أكبر نادٍ نازي في ألمانيا عندما واجهت الحظر في عام 2011، وفق ما أورد المركز الأوروبي للدراسات.
أمّا النازيون الجدد الذين يدعمون أوكرانيا، فهم حزب “الطريق الثالث اليميني المتطرف”، وحزب “البديل من أجل ألمانيا”.
وكانت وزارة الداخلية الألمانية قد أعلنت في 3 آذار (مارس) 2022 أنّ لديها معلومات عن بعض النازيين الجدد الألمان الذين يقاتلون في أوكرانيا.
وبحسب المتخصص في الحركات اليمينية المتطرفة في معهد Else Frenkel- Brunswick بجامعة لايبزيغ يوهانس كيس، فإنّ الدافع الحقيقي وراء دعم النازيين الجدد في ألمانيا لأوكرانيا يرجع إلى الروابط بينهم وبين جماعات يمينية متطرفة في أوكرانيا، وبولندا، وفق وكالة الأنباء الألمانية.
وقد اتهم وزير الداخلية زيهوفر في تصريحات صحفية سابقة هذه المجموعات بأنّها تهدف إلى إعادة بناء الدولة النازية السابقة، وأنّها مجموعات تذكّر بفصل من مجازر جماعية للنازية.
أمّا في أوكرانيا، فيبقى وجود اليمين القومي المتطرف في أوكرانيا مقتصراً اليوم على تنظيمات محدودة، أبرزها حزب “الجبهة الشعبية” و”الحزب الراديكالي” التابع لأوليه لياشكو، وقد فشلا في الحصول على مقعد واحد بالبرلمان خلال انتخابات 2019. ولكن أثيرت مخاوف حول “كتيبة آزوف” التي تندرج تحت الحرس الوطني الأوكراني، ويهيمن عليها متطرفون يمينيون ومتعاطفون مع النازيين الجدد.
من هم “النازيون الجدد”؟
مصطلح أُطلق على الأشخاص التابعين للاشتراكية الوطنية التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى في ألمانيا، ويمكن تعريفها بأنّها حزب أو حركة أو جماعة متطرفة تملك الكثير من الأفكار المستبدة والمماثلة والمرتبطة بشكل مباشر بأفكار وممارسات وأفعال الحزب النازي- الذي يُعرف باسم الحزب القومي الاشتراكي العمالي الألماني- وهي من الجماعات اليمينية المتطرفة، التي تحمل أفكاراً معادية للسامية، وتعادي أيضاً الديمقراطية وتعادي الشيوعية. والحزب النازي بشكل عام تمّ تأسيسه بعد الحرب العالمية الأولى وتحديداً بعد هزيمة ألمانيا في الحرب، وبدأت شعبيته بالانتشار في العشرينيات.
المصدر حفريات