رشا عمار
صحفية مصرية
تكثف جماعة الإخوان، المصنفة إرهابية في عدد من الدول، خلال الفترة الراهنة تحركاتها الهادفة إلى خلق حالة جديدة من الفوضى في مصر، بالدعوة إلى التظاهرات (غير السلمية)، يوم 11 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بالتزامن مع استضافة مصر لمؤتمر المناخ (كوب 27)، وتوظف الجماعة كافة أذرعها الإعلامية وأجنحتها المسلحة من أجل تنفيذ المهمة، التي يصفها مراقبون بأنّها فشل جديد يضاف إلى سجل الجماعة العدائي الفاشل ضد الدولة المصرية.
وبحسب مصادر مطلعة تحدثت إلى “حفريات”، تعمل الجماعة على استغلال الملف الاقتصادي، وتداعيات الأزمة التي يمر بها الاقتصاد المصري لتأليب الرأي العام باستخدام المنصات التابعة للإخوان عبر مواقع التواصل الاجتماعي
، أو من خلال الصفحات والمنصات التي لا تعلن عن تبعيتها للتنظيم بشكل مباشر، وتكثف الدعوات التحريضية من خلال الفضائيات والمنصات الصحفية التابعة للتنظيم بالاعتماد على الشائعات والمواد المفبركة.
وتنشط خلايا تنظيم الإخوان بشكل كبير في الفترة الراهنة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً تطبيق (كلوب هاوس) الذي تستخدمه الجماعة كمنصة بديلة ومباشرة للدعوة إلى التظاهرات، بالاعتماد على بعض عناصره في الخارج وبعض المتحالفين معه داخل مصر، كما تكثف الجماعة دعواتها التحريضية من خلال صفحات (فيسبوك)، وتنشر العديد من المواد القديمة والمفبركة بهدف تشويه كافة الإصلاحات والمنجزات التي تمّت في مصر.
وتستهدف الجماعة، بحسب المصادر، تدشين عدد من التظاهرات في عدة مناطق بمحافظة القاهرة ومحافظات أخرى بالتزامن، بهدف إحداث نوع من الإرباك لقوات الأمن، وقد كلفت الجماعة بعض العناصر في الداخل بتتبع التظاهرات وتصويرها بسرعة بغرض نشرها عبر المنصات التابعة للتنظيم.
من يموّل مخططات التخريب؟
يقول الخبير المصري في شؤون التنظيمات الإرهابية ثروت الخرباوي لـ “حفريات”: إنّ جماعة الإخوان الإرهابية اعتادت على تدشين تلك المخططات العدائية ضد الدولة المصرية على مدار الأعوام الماضية، بهدف التشويه وإثارة الفوضى، وتمهيد الأرض لمخططاتهم الإرهابية (الشيطانية) التي لطالما استهدفت أمن البلاد واستقرارها.
ويوضح الخرباوي أنّ مخططات التنظيم تقف خلفها “أجهزة استخبارات دولية تعادي الدولة المصرية والأنظمة العربية بوجه عام، وتسعى لإعادة الإخوان إلى المشهد السياسي بالقوة والعنف لتحقيق مصالح معينة، وأجندات يعمل التنظيم عليها منذ أعوام، لذلك جاءت عودة النشاط الإعلامي للإخوان بشكل مكثف بالتزامن مع إحياء الجناح المسلح للتنظيم (الكماليون)”.
وبحسب الخرباوي، لا يتمثل عداء الإخوان مع الحكومة أو الرئيس المصري، ولكنّه عداء للدولة المصرية ومؤسساتها المتماسكة والمستقرة، الأمر الذي يتعارض مع مصالح ومخططات بعض الدول التي توظف التنظيم للعمل على تنفيذ مصالحها في المنطقة، لذلك فإنّ الهدف هو ضرب مؤسسات الدولة، وتحويل حالة الاستقرار التي تعيشها البلاد إلى مربع الاضطرابات والفوضى مجدداً.
هل تنجح مخططات التنظيم؟
يتوقع الخرباوي أن تفشل دعوات التنظيم للتظاهر فشلاً ذريعاً، كما هو الحال على مدار الأعوام الماضية، بفضل وعي الشعب المصري في التعامل مع تلك المخططات وعدم استجابته للدعوات التحريضية من جانب التنظيم الإرهابي، والتعامل معها في سياق أنّها دعوات تخريبية تستهدف استقرار البلاد، وكذلك فقدان الثقة والمصداقية في أيّ محتوى يقدّمه الإخوان، سواء عبر منصاتهم الإعلامية أو كتائبهم الإلكترونية، وكذلك اليقظة الأمنية في التعامل مع تلك المخططات ورصدها بشكل استباقي وتوجيه ضربات لها.
وأشار الخرباوي إلى تحركات مكثفة تحدث من جانب تنظيم الإخوان في الخارج لتدشين منصات ومراكز بحثية تستهدف التحريض ضد الدولة المصرية، مؤكداً أنّ كل تلك المحاولات يتم التصدي لها برفع درجة الوعي والتنبيه الاستباقي، ورصد الشائعات، وإظهار الحقائق للرأي العام أولاً بأول، وهو ما تقوم به الحكومة المصرية.
كيف تتصدى مصر؟
وفي تصريح لـ “حفريات” أكد مصدر أمني مصري أنّ دعوات الإخوان العدائية تعتمد على عنصري التخريب وإثارة الفوضى من خلال الشائعات كمحور أساسي للتحرك يوم 11 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، مؤكداً على الرصد الاستباقي لدى كافة الأجهزة المعنية في الداخل المصري لتلك التحركات والعناصر التي تقوم بعملية التنسيق والترتيب للتظاهرات الداعية للفوضى في ذلك اليوم، وكذلك رصد المناطق الجغرافية التي يخطط التنظيم لتدشين التظاهرات منها.
ويشدد المصدر على قدرة الأجهزة الأمنية في التصدي لتلك المخططات بشكل استباقي والتعامل معها، كما يؤكد على حماية فاعليات مؤتمر (كوب27) والتصدي لأيّ محاولة تستهدف تشويه الدولة المصرية أو المساس بأمنها.
ما دلالة التوقيت؟
يرى الباحث المصري المختص بقضايا الأمن الإقليمي محمد فوزي أنّ تنظيم الإخوان تبنّى خلال الأيام الماضية العديد من التحركات اللافتة والنوعية التي ارتبطت من جانب بتطورات الأزمة الداخلية للتنظيم، ومن جانب آخر بالسعي لتصدير حالة من الارتباك إلى الداخل المصري، رداً على الهزائم المتكررة التي تلقاها التنظيم في الأعوام الأخيرة من قبل الدولة المصرية، بحسب تصريحاته لشبكة “سكاي نيوز عربية”.
ويرى فوزي أنّ تحركات الجماعة تأتي أيضاً في إطار استغلال لبعض الظروف والسياقات المهمة، ومنها قرب موعد عقد قمة المناخ التي ستُعقد في شرم الشيخ، والشروع في الإجراءات النهائية للبدء الفعلي لجلسات الحوار الوطني في مصر، وهي استحقاقات تسعى الجماعة للتأثير سلباً عليها عبر تبنّي بعض التحركات التي قد توظفها الجماعة من أجل نقل صورة مغلوطة عن الأوضاع في مصر، من خلال التركيز على سردية وادّعاء وجود بعض مظاهر الارتباك والاضطراب السياسي في البلاد.
وبحسب فوزي، يجد المتابع للتحركات الإخوانية الأخيرة أنّ هذه التحركات ركزت من جانب على الحشد والتجييش للمصريين ضد الدولة، والتركيز على البعد الاقتصادي في الحشد، ومن جانب آخر على تنشيط اللجان الإلكترونية الإخوانية، وإطلاق بعض الأذرع الإعلامية الجديدة.
وقد عبّرت هذه التحركات في مضمونها، وتزامنها مع حشد من بعض الدوائر الإخوانية في المنطقة للتحرك من أجل التخديم على مشروع التنظيم الدولي، عن وجود مساعٍ لاستعادة الحضور والفاعلية في المشهد العربي بشكل عام.
فشل جديد للإخوان
ويتوقع فوزي ألّا تؤثر حالة التجييش والحشد التي يقوم بها تنظيم الإخوان كثيراً على الشارع العربي بشكل عام، ففي مصر يوجد بعض الاعتبارات التي تحول دون فاعلية هذه التحركات، ومنها فقدان التنظيم للشرعية الشعبية، في مقابل حالة الرضا العام عن مشروع 30 حزيران (يونيو) 2013، فضلاً عن تراجع رهان الشارع المصري على فكرة الحشد والتظاهر، لما لهذا الخيار من تكلفة كبيرة عانى الشعب من وطأتها على مدار أعوام.
ويضيف: “إذا نظرنا إلى الحالة التونسية، فسنجد أنّ دعوات وحشد حركة النهضة الإخوانية للتظاهر ضد الرئيس قيس سعيد في تشرين الأول (أكتوبر) الجاري قد باءت بالفشل، واستمر الرئيس التونسي في مشروعه ورؤيته، ممّا عبّر عن فقدان الحركة الإخوانية لشرعيتها الشعبية وقواعدها الاجتماعية، وهي اعتبارات تؤيد فرضية عدم قدرة الحركات الإخوانية في العالم العربي على العودة إلى المشهد عبر الشارع والضغوط والحشد الذي تمارسه اللجان الإلكترونية”.
المصدر حفريات