كريتر نت – متابعات
يستعد رئيس حزب الليكود اليميني بنيامين نتنياهو لقيادة الحكومة الإسرائيلية المقبلة مدعوما بتحالف مع الأحزاب الدينية المتطرفة التي عززت مواقعها في الكنيست بعد تحقيقها فوزا كبيرا في الانتخابات العامة وهو ما يجعل الحكومة المرتقبة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
ويوشك رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو على العودة للسلطة على رأس ائتلاف سيكون الأكثر ميلا لليمين في تاريخ البلاد، مما تسبب في قلق بين الفلسطينيين والعرب الذين يخشون من أن ذلك سيصعد من التوتر في أنحاء الشرق الأوسط.
وتشير النتائج الأولية بعد فرز ما يقرب من 84 في المئة من أصوات الناخبين إلى أن حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو وحلفاءه المحتملين من الأحزاب الدينية واليمينية المتطرفة يتجهون لتحقيق أغلبية حاكمة في البرلمان، في انتخابات هي الخامسة التي تشهدها إسرائيل في أقل من أربع سنوات.
وقال نتنياهو مبتسما لمؤيديه في مقر الحملة الانتخابية لحزبه بصوت أجش بسبب الحملة الانتخابية التي استمرت لأسابيع “نحن على وشك تحقيق نصر كبير للغاية”.
وأقلق تحالف نتنياهو مع إيتمار بن غفير اليميني المتطرف المثير للجدل والذي تتجه كتلته الصهيونية الدينية لتكون ثالث أكبر حزب في البرلمان، الفلسطينيين وبعض الحلفاء ومنهم الولايات المتحدة.
حازم قاسم: حضور أكبر لليمين الأكثر تطرفا يعني نزعة عدوانية أكبر
ومن المتوقع أن يتسبب فوز نتنياهو في استياء بين الفلسطينيين وبعض الدول العربية، ليس فقط بسبب حكومته التي ستكون يمينية متطرفة وستوسع على الأرجح نشاط الاستيطان في الضفة الغربية بل أيضا بسبب موقفه المتشدد من إيران الذي يعني أنه سيسعى لترسيخ تحالف تشكل حديثا مع دول خليج عربية.
وقال بسام الصالحي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية “لا شك أن النتائج التي ستأتي بمثل هذا الائتلاف ستزيد من السلوك العدائي حيال الشعب الفلسطيني وستضيف المزيد من التطرف على إجراءات الاحتلال”.
وقال حازم قاسم المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) “نتائج الانتخابات تؤكد التصاعد الكبير للمتطرفين من اليمين الصهيوني… التنافس كان بين اليمين نفسه… عمليا كانت حكومة لبيد عنصرية وعدوانية ومثلت امتدادا لسياسة نتنياهو، لكنّ هناك حضورا أكبر لليمين الأكثر تطرفا بما يعني نزعة عدوانية أكبر”.
لكن نتنياهو، الذي بدا أن موقفه بات أقوى بعد أن أظهرت نتائج أولية لاستطلاع آراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع أنه يتمتع بأغلبية ضئيلة، تعهد بتشكيل “حكومة وطنية مستقرة”.
وقال رئيس الوزراء السابق، الذي أقام في عام 2020 علاقات دبلوماسية رسمية مع الإمارات والبحرين، إن الحكومة تحت قيادته ستتصرف بمسؤولية وتتجنب “المغامرات غير الضرورية” و“توسع دائرة السلام”.
وعلى الرغم من أن المشهد قد يتغير مع اكتمال فرز الأصوات، إلا أن النتائج الأولية أظهرت أن نتنياهو، الذي يُحاكم بتهم فساد ينفيها، قائد لكتلة من أربعة أحزاب قد تحصل على 67 مقعدا من مقاعد الكنيست البالغ عددها 120.
وبعد حملة هيمنت عليها المخاوف بشأن الأمن وتكلفة المعيشة، بدا أن الدعم للائتلاف الحاكم برئاسة رئيس الوزراء المنتمي لتيار الوسط يائير لابيد قد انهار على الرغم من أنه لم يقر بعد بالهزيمة قائلا إنه سينتظر النتائج النهائية. وبعد أقل من 18 شهرا على تركه السلطة، قال نتنياهو أيضا إنه سينتظر النتائج الرسمية.
وانتهى عهد نتنياهو القياسي الذي استمر 12 عاما متتاليا كرئيس للوزراء في يونيو 2021 عندما تمكن لابيد من تشكيل حكومة ائتلافية غير تقليدية ضمت أحزابا ليبرالية ويمينية وحزبا عربيا لأول مرة بعد أن تحالف مع نفتالي بينيت. لكن الائتلاف الهش انهار بعد عام واحد في الحكم.
وأدت المعارك القانونية لنتنياهو إلى تفاقم حالة الجمود التي تعرقل النظام السياسي الإسرائيلي منذ عام 2019 وعمقت الانقسامات بين مؤيديه ومعارضيه. لكنه قال إن الإسرائيليين يتوقون إلى التغيير.
وقال نتنياهو “الناس يريدون طريقا مختلفا. يريدون الأمن… يريدون القوة وليس الضعف… يريدون الحكمة الدبلوماسية ولكن بحزم”.
ولم يتضح بعد المنصب الذي قد يشغله بن غفير وزميله اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش في حكومة يقودها نتنياهو. لكن قوة كتلتهم الصهيونية الدينية القومية المتطرفة تعد إحدى السمات البارزة للحملة الانتخابية لأنها خرجت للنور بعد أن كانت على هامش المشهد السياسي.
محمد اشتية: نتائج الانتخابات تظهر تنامي مظاهر التطرف والعنصرية
وبعدما ظل يُنظر إليه لسنوات على أنه مثير مشاكل للاتجاه السياسي السائد، حقق بن غفير فوزا كبيرا في الانتخابات العامة وقد يلعب الآن دور صانع الملوك في عودة سياسية مثيرة لنتنياهو.
وتظهر النتائج الأولية أن حزب بن غفير (الصهيونية الدينية) جاء في المركز الثالث في الانتخابات، الأمر الذي سيمنح السياسي المتشدد دورا محوريا في تشكيل حكومة جديدة بقيادة نتنياهو.
ويمثل هذا التطور تحولا جذريا لبن غفير، الذي أُدين عام 2007 بالتحريض العنصري ضد العرب ودعم حركة كاخ المدرجة على قوائم الإرهاب في إسرائيل والولايات المتحدة.
وفي خطاب للاحتفال بالنصر، تخلله ترديد الجمهور لشعاره “الموت للإرهابيين!”، قال بن غفير (46 عاما) “أعد من لم يصوتوا لي، من أحزاب بعيدة في التوجهات، بأننا أخوة”.
ويسعى بن غفير لأن يصبح وزيرا للأمن في الحكومة القادمة، الأمر الذي من شأنه أن يفاقم حدة المواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين ويزيد من التوترات بين اليهود والعرب داخل إسرائيل.
وقد يمثل وجوده اختبارا لعلاقات إسرائيل الراسخة مع الولايات المتحدة والجالية اليهودية فيها، التي تميل بصورة أكبر للاتجاه اليساري.
ونقلت صحيفة يسرائيل هيوم المحافظة عن مسؤول لم تذكر اسمه في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قوله في مقال نُشر في سبتمبر “انظروا إلى تاريخ بن غفير وأفعاله وتصريحاته. إنه ليس شخصا نريد أن نراه جزءا من الحكومة”.
وأدى صعوده إلى جانب نتنياهو إلى تعميق شكوك الفلسطينيين في احتمال التوصل إلى حل سياسي للصراع بعد حملة انتخابية جرت وسط عنف متزايد منذ أشهر في الضفة الغربية تضمن مداهمات واشتباكات بصورة شبه يومية.
وحذر وزير العدل الحالي جدعون ساعر زعيم حزب “الأمل الجديد” الذي انشق عن حزب الليكود سابقا من خطر رؤية إسرائيل تتجه نحو “تحالف من المتطرفين” بقيادة نتنياهو وحلفائه.
وكتبت صحيفة “هآرتس” اليسارية الأربعاء “إسرائيل على وشك أن تبدأ ثورة يمينية ودينية وسلطوية هدفها تدمير البنية التحتية الديمقراطية التي بنيت عليها الدولة… قد يكون هذا يوما أسود في تاريخ إسرائيل”.
وقالت المرشحة من حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة عايدة توما سليمان إن “وجود الفاشيين إلى جانبه (نتنياهو) يقلقنا أكثر من أي شيء آخر”. وأضافت “إنه يوضح توجه الدولة وما ينتظر الفلسطينيين الذين يعيشون في هذا البلد”.
وجرت الانتخابات في إسرائيل مع تصاعد العنف في القدس الشرقية والضفة الغربية اللتين احتلتهما إسرائيل في العام 1967. وقتل الجيش الإسرائيلي الأربعاء فلسطينيا أصيب بجروح خطيرة في هجوم دهس عند حاجز.
واعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الأربعاء أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية المتوقعة تظهر تنامي مظاهر “التطرف والعنصرية”.