كريتر نت – متابعات
بدأ المستشار الألماني أولاف شولتز زيارته الأولى منذ توليه منصبه للصين، في رحلة اقتصادية الطابع لكنها تكتسب غلافا سياسيا غليظا.
وسافر المستشار الألماني إلى الصين في 3 نوفمبر/تشرين الثاني إلى بكين، لكن فعاليات الرحلة تبدأ فعليا اليوم الجمعة.
إذ يلتقي المستشار شولتز الرئيس شي جين بينج لأول مرة في بكين، اليوم، ثم يجري المستشار بعد ذلك محادثات مع رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ.
وستتناول المحادثات بين الجانبين العلاقات الثنائية، والقضايا الدولية مثل مكافحة تغير المناخ، والحرب في أوكرانيا والوضع في شرق آسيا.
وللدلالة على الطابع الاقتصادي الغالب على الزيارة، يرافق المستشار شولتز في رحلته وفد رفيع من رجال الأعمال الألمان.
لكن الزيارة تحمل كثيرا من المفارقات والرسائل وتتلقى سيلا من الانتقادات في آن واحد.
فيما يمضيه شولتز في الطائرة ذهابا وإيابا (٢٣ ساعة) ضعف ما سيمضيه على الأراضي الصينية (١١ ساعة)، ما يجعلها زيارة أولى موجزة للمستشار الألماني.
المفارقة الثانية هي أن شولتز هو أول ضيف على دولة الصين، من دول مجموعة السبع منذ بداية جائحة كورونا ومنذ مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الذي عقد الشهر الماضي، وعزز فيه الرئيس شي جين بينج سلطته.
بالنسبة للمستشار ستكون الزيارة بمثابة محاولة لإحداث توازن دبلوماسي في كثير من النواحي، وربما تلقى الكثير من النصائح من الداخل والخارج، في ظل ندرة الزيارات العربية للصين، وفق تقارير ألمانية.
وتربط بين ألمانيا والصين شبكة معقدة من العلاقات والمصالح المتضاربة. بالإضافة إلى ذلك هناك مجموعة كاملة من المشكلات والتطورات السياسية العالمية التي تجعل التعامل مع الصين حاليا أكثر صعوبة مما كان عليه في السنوات السابقة.
لذلك يُنظر إلى توقيت رحلة المستشار إلى الصين بشكل نقدي، بما في ذلك داخل حكومته، وتوصف زيارة المستشار بأنها “رحلة استكشافية” من المحيطين بشولتز.
ويتعلق الأمر، وفق المقربين من المستشار، بالحصول على إجابات على أسئلة مثل “أين الصين؟ وأين تتجه الصين؟ وما أشكال التعاون الممكنة مع هذه الصين؟”.
ووفق موقع تاغس شو الألماني، ولّت الأوقات التي تم فيها قياس نجاح رحلة المستشار إلى الصين بمليارات الصفقات التجارية المبرمة خلالها، بعد أن تلقت سياسة الأمل في “التغيير من خلال التجارة” ضربة قوية من روسيا.
بل تخشى الأوساط السياسية الألمانية من بناء اعتمادية جديدة على الصين مثلما حدث مع روسيا في السابق في ملف الغاز، فالصين هي أكبر دولة مصدرة في العالم، وبالتالي لديها نفوذ قوي لتأكيد مصالحها العالمية.
وكذراع ممتدة للحكومة تستهدف الشركات المملوكة للدولة في الصين الصناعات الرئيسية في جميع أنحاء العالم وتخلق تبعيات، وبالتالي أيضا تفتح إمكانية الابتزاز، تماما مثلما حدث في ملف الغاز مع روسيا، وفق التقرير ذاته.
في اتفاق تشكيل التحالف الحاكم بألمانيا اتفقت الأحزاب على تطوير استراتيجية جديدة للصين، بحد أقصى الربيع المقبل، وبعد التجارب الحالية مع روسيا شددت وزيرة الخارجية بربوك على أن ألمانيا يجب ألا تعتمد بعد الآن على أي دولة “لا تشاركنا قيمنا”.
وتابعت “مثل هذه الأخطاء لا ينبغي أن ترتكب مرتين”، بل إنها أصرت على إجراء تغييرات في السياسة الألمانية تجاه الصين، لأن “النظام السياسي الصيني قد تغير بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وبالتالي يجب تغيير سياستنا تجاه الصين أيضا”.
موقف بيربوك يفهم على أنه انتقاد مبطن لسعي شولتز لزيارته الحالية، خاصة في ظل الخلافات بين البلدين حول الحرب في أوكرانيا أيضا، وفق مراقبين.
الخبير الجيوسياسي أورليخ شبيك انتقد على “تويتر” استراتيجية شولتز وزيارته للصين، وكتب “شولتز قدم للصين بجزرة فقط، ما يظهره في موقف ضعف”.
وتابع “من الخطأ ما يعتقده القادة الغربيون بأن منح الصين وروسيا ما يريدون، أو بعضا منه، سيسهم في خلق توازن عالمي مستقر” بعد هزة أوكرانيا، وفق ما طالعته “العين الإخبارية”.