كتب .. حسين القاضي
تمر جماعة الإخوان بمراحل صعبة، الواحدة تلو الأخرى، فبعد أن انشطرت الجماعة إلى ثلاث جماعات، وتبع قبل ذلك وبعده انطفاء الفكرة نفسها، تراهن الجماعة على فوضى عبثية اسمها (مظاهرات 11 نوفمبر) التى ستكون صفعة جديدة فى وجه الإخوان، حين تُسخِّر الجماعة كل إمكانياتها المادية والإعلامية لسراب ووهم ليس إلا.
باتت نوافذ الإخوان الإعلامية هى الأمل المعبر عن الجماعة وتوجهاتها وحقيقة موقفها من العنف، ولعبت هذه النوافذ على وتر الحالة النفسية، بديلاً عن وتر الأيديولوجيات والأفكار، حيث بات استقطاب تيارات التطرف الدينى يعتمد على اجتذاب النفسية المحتقنة والمنفجرة على السوشيال ميديا، بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية والصحية والتعليمية، ومن ثم تراجع الجانب الفكرى وصار هامشياً، وتم اختصار الزمن الذى تستغرقه الجماعات فى عملية التجنيد، بسبب عدم الاعتماد على البنية الفكرية، والاعتماد على السوشيال ميديا، من هنا لجأت جماعة الإخوان إلى (الجهاد السيبرانى)، فأغرقت العالم الفضائى بالمنصات الإلكترونية، ومنها القنوات الفضائية الجديدة.
وإذا كان أيمن الظواهرى قال: (نصف معركتنا فى الإعلام)، فإن شعار الإخوان اليوم هو: (كل معركتنا فى الإعلام)، ومن ثَم أطلقت الجماعة قناتين فضائيتين، يأتى إطلاقهما متوافقاً مع استراتيجية الجماعة المعتمدة على وجود أذرع إعلامية تستهدف نشر الفوضى فى دول المنطقة، ولذلك لم يكن إنشاء القناتين وليد اللحظة، بل مخطط له منذ فترات، بعد التضييق على قنوات الجماعة من بعض الدول.فالإعلام يشغل الحيز الأكبر من تفكير الإخوان وتخطيط الجماعة بجبهاتها الثلاث، سواء عن طريق قنوات فضائية أو مواقع إخبارية أو صفحات متوزعة على شبكات التواصل الاجتماعى، وأخيراً تم بث قناتين جديدتين باسم: (الشعوب – حراك 11-11)، كمحاولة للترويج لأهداف الجماعة الساعية إلى نشر الفوضى، وهز الثقة فى الأنظمة الرافضة للإخوان، وعلى رأسها مصر، ولكن كلها محاولات مآلها الفشل لعدة أسباب؛ منها أن التوهج الذى حظيت به القنوات السابقة انطفأ، وفقد قيمتَه، ولا يمكن عودة هذا التوهج بقنوات بديلة، بدليل وجود قنوات إخوانية كثيرة لا يكاد المتابع يعرف حتى أسماءها.
صار إعلام الإخوان أداة أخرى لفشل الجماعة، والتأكيد على أنها غير جديرة بحكم الأوطان، بسبب تقديم مصلحة الجماعة على مصلحة الوطن، وأيضاً فقدت الجماعة الملاذ الاجتماعى، حين كان التركيز منذ سنوات طوال على الخدمات المقدمَة من الجماعة للمجتمع، فانحسرت بشدة الحاضنة المجتمعية لإعلام الجماعة، مع تراجع الكوادر المهنية، والإخفاق حتى فى اختيار أسماء بعض القنوات.
أصبح المواطن اليوم، حتى مع ما يعانيه من ظروف اقتصادية صعبة، قادراً على فرز الأفكار التى تهدد وطنه أو التى تهدف إلى التحريض والانتقام، من قنوات يتم تمويلها حسب الجبهة التى تمول القناة، فإن كانت تتبع جبهة (إسطنبول)، فالممول جبهة محمود حسين من اشتراكات الإخوان، ومن رجال الأعمال، أمثال مدحت الحداد، وإن كانت تتبع جبهة الكماليين فقد يكون تمويلها من إيران لتحقيق مصالح إيران.
والطريقة المثلى للمواجهة هى وجود إعلام مهنى قوى، مع اتخاذ خطوات نحو معالجة الآثار الاقتصادية الحادة، ولعل قناة (القاهرة الإخبارية) تكون نافذة تُحبط مخططات الجماعة، وتقدم إعلاماً مهنياً جديداً ومغايراً، يُرجع الثقة للمشاهد.
نقلاً عن “الوطن”