كريتر نت – الشرق الأوسط
في أحدث تقليعة للميليشيات الحوثية في اليمن، قرر قادتها في العاصمة صنعاء إنشاء تشكيل أمني جديد تحت اسم «اللجان المجتمعية»، بهدف مراقبة السكان وتعزيز أعمال القمع والتضييق على الحريات الشخصية، تنفيذاً لأوامر زعيمها الذي يشدد على مواجهة ما يسميه «الحرب الناعمة».
وبحسب مصادر إعلام الميليشيات، عقد قادة الجماعة في صنعاء لقاءات عدة منفصلة مع مشرفين ومسؤولي أحياء ومربعات سكنية في 10 مديريات تتبع العاصمة، مشيرة إلى أن عناصرها على وشك الانتهاء من تشكيل ما تسمى «اللجان المجتمعية»، حيث تضم من 4 إلى 5 لجان على الأقل بكل مديرية، للإشراف على حملات الإرهاب والقمع والتضييق على الحريات.
ووفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، حث القيادي البارز في الجماعة خالد المداني المعين بمنصب وكيل أمانة العاصمة المختطفة صنعاء، أعضاء المجالس المحلية والوجاهات ومديري الأقسام الأمنية على تقديم كل التسهيل والدعم للجانهم المجتمعية لإنجاح حملات مكافحة ما سمّاه «الحرب الناعمة».
وذكر المداني الذي يعد المشرف المسؤول عن العاصمة صنعاء، في كلمة له خلال أحد اللقاءات، أن برنامج الميليشيات سيشمل إغلاق محال بيع الملابس التي تعرض صوراً دعائية للنساء، وملاحقة الشبان لمنعهم من بعض الملابس وقصات الشعر، إضافة إلى تشديد الرقابة على المقاهي والمطاعم والمتنزهات والمعاهد والجامعات منعاً للاختلاط بين الجنسين.
وعدّ القيادي الانقلابي حملات الاستهداف المرتقبة ضد سكان صنعاء أنها في إطار تدشين الجماعة المرحلة الثانية من برنامج تعزيز ما يسميه زعيمها «المسيرة الإيمانية» التي تعني أفكار الجماعة المتشددة.
– فعاليات تطييف مكثفة
كشفت مصادر مطلعة في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن تحضيرات تجريها الميليشيات الحوثية حالياً ضمن المرحلة الثانية لإحياء نحو خمسة آلاف ورشة وفعالية ومحاضرة تستهدف بالتطييف والتعبئة تجمعات سكانية وطالبات المرحلتين الأساسية والثانوية بمدارس العاصمة وريفها.
وسبق أن دشنت الجماعة خلال فترة قليلة ماضية المرحلة الأولى من البرنامج ذاته، واستهدفت فيها طلاب مدارس حكومية وأهلية في صنعاء، تحت متابعة وإشراف عناصرها في قطاعات التربية والشباب والأوقاف.
وأوضحت المصادر أن المرحلة الأولى شهدت تنفيذ الجماعة الانقلابية أكثر من 1000 ورشة وفعالية فكرية وطائفية استهدفت عقول الشبان والأطفال بعموم المدارس ودور الأحداث والأيتام في صنعاء وريفها.
وفي وقت تتزايد فيه مخاوف اليمنيين من خطورة الأفكار الحوثية المتشددة وممارسات الجماعة المتطرفة، يخشى السكان في صنعاء أن تقود تلك الانتهاكات إلى تحويل اليمن إلى سجن تمارس فيه الجماعة تطبيق أفكارها، على غرار ما تصنعه التنظيمات الإرهابية، مثل تنظيمي «داعش» و«القاعدة».
وكان سكان مناطق عدة تحت سيطرة الجماعة شكوا، في أوقات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار ارتكاب الميليشيات للجرائم المقيدة لحرياتهم وابتكارها في كل مرة تقليعة جديدة بهدف تضييق الخناق عليهم.
ويقول «ب.و»، وهو موظف في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات بأفعالها وانتهاكاتها المتكررة لا تختلف كثيراً عما تقوم به الجماعات الإرهابية المتطرفة، وعلى وجه التحديد جماعة «أنصار الشريعة» و«داعش» و«القاعدة».
– حملات تعسف
سبق للميليشيات الحوثية ضمن إجراءاتها القمعية والمتطرفة في حق السكان أن شنّت خلال العام المنصرم حملات استهداف بالقمع والتعسف ضد القاطنين بمناطق سيطرتها، من ضمنها حملة استهداف شاملة طالت النساء العاملات في المنظمات الإغاثية، ومنع إقامة الأنشطة التي يشترك فيها الذكور والإناث، كما استهدفت حفلات الزفاف والتخرج في المعاهد والجامعات وغيرها بحجة أنها تشجع على الاختلاط.
وتوالياً لحملات الإرهاب والتضييق الحوثية على الحريات العامة، شن مسلحو الجماعة في مطلع العام الماضي حملة استهدفت بالدهم والتكسير والمصادرة محلات بيع الملابس النسائية في صنعاء بزعم مخالفتها لـ«القيم الإيمانية».
وشكا ملاك محال بيع ملابس وقتها من عودة المداهمات الحوثية على الطريقة «الداعشية»، وأكد بعضهم لـ«الشرق الأوسط»، أن المداهمات لمحالهم تمت حينها بصورة مفاجئة، وكأنها توحي للجميع بدهم أوكار مروجي مخدرات وأشياء ممنوعة، وليس محال بيع الملابس العادية.
وأشاروا إلى أن الجماعة فرضت على عدد من ملاك تلك المحال عقب عمليات الدهم والتكسير دفع مبالغ مالية، في حين أُجبر كثير منهم على التعهد بعدم استخدام مجسمات العرض مرة أخرى.
وكانت تقارير محلية رصدت قيام مسلحي الجماعة بمهاجمة العشرات من حفلات الزواج والتخرج تحت ذريعة منع الغناء ومكبرات الصوت، وهي الحملات التي أدت إلى اعتقال المئات من المدنيين من مختلف الفئات، خصوصاً في محافظات حجة وصنعاء وإب وذمار وعمران.