كريتر نت – متابعات
أعادت السلطات التركية القبض على الإعلامي حسام الغمري، رئيس التحرير مقدم البرامج السابق في قناة «الشرق»، إحدى قنوات تنظيم «الإخوان المسلمين» المستمرة في البث من إسطنبول بعد أقل من أسبوع من إطلاق سراحه بعدما قبض عليه الجمعة قبل الماضي، بسبب تحريضه المكثف على مظاهرات وأعمال عنف وفوضى دعا إليها تنظيم «الإخوان المسلمين» بتاريخ 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في مصر.
وأفرجت السلطات التركية عن الغمري في ساعة متأخرة من ليل الأحد الماضي بعد احتجازه واستجوابه لمدة أقل من 72 ساعة بسبب نشاطه عبر مواقع التواصل الاجتماعي في التحريض على الاحتجاجات وإثارة الفوضى في مصر، لكنه أعلن أنه سيواصل الدعوة للاحتجاجات، مطالباً بدعم مطالبته بالإفراج عن نجله يوسف الذي أوقفته السلطات المصرية، الثلاثاء قبل الماضي، بسبب نشاطه في التحريض على احتجاجات 11 نوفمبر، بالتزامن مع مؤتمر التغيرات المناخية، الذي سينطلق في شرم الشيخ الاثنين وحتى 18 من الشهر ذاته.
وحسب مصادر قريبة منه، أدرجت السلطات التركية، الغمري، على كود «جي 78» الذي يدرج عليه الأشخاص الذين يشكلون تهديداً لأمن تركيا، وهو ما يعني إمكانية ترحيله من البلاد إذا واصل عدم الالتزام، حيث سبق التنبيه عليه، ثم وقف برنامجه «رؤية» على قناة «الشرق»، ومنعه من ممارسة أي نشاط سياسي أو إعلامي محرض عبر مواقع التواصل، لكنه لم يلتزم بذلك، ما دفع السلطات التركية للقبض عليه في المرة الأولى، ثم القبض عليه ثانية لإصراره على عدم الالتزام بالتعليمات.
وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الغمري جرى التنبيه عليه بالتوقف عن التحريض على الاحتجاجات وإثارة الفوضى في مصر قبل القبض عليه في المرة الأولى، لكنه رفض وصعّد بشدة عبر البث عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد القبض على نجله في مصر، الذي كان مشاركاً أيضاً في الدعوات لاحتجاجات 11 نوفمبر، وأنه عقب الإفراج عنه رفض الانصياع أيضاً لتعليمات السلطات التركية، خشية أن يقال إنه تراجع عن موقفه تحت الضغط، وإن مصر نجحت في فرض السيطرة والحصار على معارضي النظام في الداخل والخارج.
وقبل القبض عليه للمرة الثانية بساعات، ظهر الغمري في بث جديد على «يوتيوب» بعنوان: «مفيش نضال بالساهل… والدليل جيفارا» واصل فيه الدعوة للاحتجاجات والفوضى، بشكل مباشر وغير مباشر، كما سبق وأعلن عبر «تويتر» عند الإفراج عنه أنه سيستمر في مشاركته للدعوة إلى «مظاهرات 11 نوفمبر»، التي سبق أن أطلقها المقاول الهارب في إسبانيا محمد على الموالي لـ«الإخوان المسلمين» في عام 2019، من أجل إسقاط النظام في مصر، لكن دعوته لم تلق أي استجابة لرفض الشارع المصري المساس بالاستقرار الذي تحقق في البلاد منذ الإطاحة بحكم «الإخوان» في عام 2013.
وتواصل الصفحات والحسابات والناشطون التابعون لتنظيم «الإخوان» في تركيا وخارجها الدعوة لاحتجاجات في 11 نوفمبر في محاولة لما يعدونه «انشغال الحكومة وأجهزة الأمن بمؤتمر التغيرات المناخية في شرم الشيخ».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن قوة من الأمن التركي اقتادت الغمري، ليل الجمعة – السبت، من منزله إلى سجن تشاتلجا في غرب إسطنبول، وإنه لم يعامل كما عومل عند القبض عليه في المرة السابقة، حيث لم يسمح له هذه المرة باصطحاب أي أغراض إلا جواز سفره فقط. كما كتب حسابه الرسمي على «تويتر» ليل السبت: «قبل قليل اقتادت قوة من البوليس التركي الإعلامي حسام الغمري من منزله لنفس مكان الاحتجاز السابق، وهو الآن رهن الاحتجاز من جديد لدى السلطات التركية».
وصدرت مطالب عبر حسابات وصفحات «الإخوان المسلمين» في تركيا للإفراج عن الغمري، معتبرة أن اعتقاله يشكل إذعاناً من تركيا لمصر، ومطالبها المتعلقة بوقف أي معارضة لها على أراضيها.
وفي إطار تقاربها مع القاهرة، عملت أنقرة على وقف الهجوم المكثف من قنوات «الإخوان» ومنصاتهم الإعلامية التي تحتضنها إسطنبول منذ عام 2013، وأوقفت برامج عدد من الإعلاميين، منهم معتز مطر ومحمد ناصر وحمزة زوبع والفنان هشام عبد الله، وحذرتهم من مخالفة تعليماتها، ثم قررت وقف بث قناة «مكملين» من إسطنبول، التي رحلت إلى لندن.
ولا تبدو القاهرة على قناعة بأن تركيا تغير من سياساتها، سواء فيما يتعلق باحتضانها قيادات «الإخوان المسلمين»، ورفض تسليم المطلوبين والمتورطين في جرائم منهم، أو فيما يتعلق بالتوقف عن التدخل في شؤون دول المنطقة، واستمرار تحركاتها في الملف الليبي على نحو سلبي ودعم حكومة الوحدة الوطنية، المنتهية ولايتها، وهو ما يصطدم مع الجهود الدولية المبذولة لتحقيق الاستقرار وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا.
وعبر وزير الخارجية المصري سامح شكري، عن ذلك صراحة في مقابلة تلفزيونية الجمعة قبل الماضي، مؤكداً أنه لم يتم استئناف مسار المحادثات الاستكشافية مع تركيا، التي عقدت جولتان منها في القاهرة في مايو (أيار) وأنقرة في سبتمبر (أيلول) 2021، لأنه لم تطرأ تغيرات على ممارساتها، وأن «الأمر يرجع مرة أخرى إلى ضرورة الالتزام بالمعايير والقواعد الدولية»، لافتاً إلى أنه من الأمور المثيرة للقلق عدم خروج القوات الأجنبية من ليبيا حتى الآن، وعدم اتخاذ إجراءات حاسمة لتحقيق هذا الهدف، وأن ذلك يبرهن على أن المجتمع الدولي يعمل لتحقيق المصالح، وليس لاعتماد مبادئ يجب أن تكون راسخة في إدارة العلاقات الدولية.
ووقعت تركيا، التي تحتفظ بآلاف من قواتها وعناصر المرتزقة السوريين، ولها قواعد برية وبحرية وجوية في ليبيا، الشهر الماضي، 3 اتفاقيات في المجال العسكري ومجال الطاقة مع حكومة الدبيبة أثارت ردود فعل غاضبة داخل ليبيا، فضلاً عن اعتراض مصر واليونان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
في المقابل، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في كلمة أمام ندوة حول السياسة الخارجية لتركيا في بحر إيجة وشرق البحر المتوسط عقدت في أنقرة الأربعاء الماضي، إن مسار إعادة العلاقات مع مصر يسير ببطء، لكن لسنا المسؤولين عن ذلك، معتبراً أن الاتفاقيات الموقعة مع حكومة الدبيبة لا تضر بمصر. وشدد على حرص بلاده على تطبيع العلاقات مع القاهرة، لأن ذلك في مصلحة البلدين والمنطقة.