توفيق حميد
لا يخفى على أحد أن منظمة الإخوان وأعوانها استطاعوا أن يسيطروا على عقول ملايين من الناس باسم الدين. ورأينا هذه الظاهرة تزداد بوضوح منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي.
واستطاع الإخوان صبغة معظم المجتمعات الإسلامية حول العالم بما أراده لهم مرشد الإخوان حينما قابل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي وكان مطلبه الوحيد حينذاك هو أن تلبس النساء الحجاب! أليس غريبا أن يكون هذا هو الطلب الرئيسي لشخص جلس مع الزعيم الراحل لمدة محدودة في لحظات فارقة في تاريخ الدولة المصرية!
دعونا الآن نعود لعنوان المقال ألا وهو ” كيف سيطر الإخوان على عقول الناس”.
وعن تجربة حقيقية عشتها مع الجماعات الإسلامية في فترة من حياتي (1979- 1980) أستطيع أن أقول بوضوح أن أسلوب التخويف والرعب كان أهم عامل استخدمه المتطرفون للسيطرة على العقول. واقصد هنا عملية الإرهاب الفكري التي منعت العقول أن تفكر في ما يقال لها وبالتالي ضمان انصياعهم لكل ما يقال لهم في الدين.
ولقد عشت هذه التجربة فمن شدة الخوف من “العذاب” كنت أحبط أي فكرة انتقاد لما يقال لي أو أقرأه في الدين أو حتى مجرد التفكير فيه. ووصل الأمر إلى أنني كنت مضطرا أن أستمتع ببشاعات كتب التراث بالفعل وليس فقط مدحها باللسان. فإن لم أشعر (وليس فقط أن أقول) بأن رجم إنسانة حتى الموت هو شيء جميل فإن مصيري سيكون في العذاب الأبدي. وإن لم أجد أن سبي النساء وغزو الآخرين هو شيء في قمة الروعة والإنسانية فسيتم إلقائي في الجحيم للأبد.
وهناك العديد من الأمثلة التي توضح كيف استخدم الإسلاميون العديد من الوسائل لإرهاب الناس فكريا وجعلهم عاجزين عن التفكير.
ومن هذه الأمثلة هو توزيع كتاب عذاب القبر مجانا على طالبات المدارس الثانوية. وبإبداع شيطاني بكل المقاييس تم إرعاب وإرهاب ملايين من الطالبات ليصبح كل غايتهم هو كيف يتفادين “عذاب القبر”. فيأتي لهم الحل الإخواني وهو “الحجاب” و”الحجاب” ثم “الحجاب” ليتم صبغ المجتمع بأكمله وكأنه مجتمع طالبان!
وليس مستغربا أن يقوم الإسلاميون بتوزيع كتاب “الحجاب” مجاناً أيضاً على فتيات المدارس الثانوية بعد توزيع كتاب عذاب القبر. وكانوا أيضاً في نفس الوقت يبيعون الحجاب للنساء ويكسبون من وراء ذلك مبالغ طائلة!
حقاُ لقد أبدعوا في تحقيق غايتهم الدنيئة بتحويل مجتمع معتدل الفكر إلى مجتمع متعصب يحتاج إلى علاج حتى يتم إصلاحه!
ولا أنسى في هذا السياق كيف كان يتم توزيع أحد شرائط الشيخ كشك وكان عنوانه “الموت”.
الحق يقال أنه كان مخيفاُ إلى درجة ترتعد لها أوصال السامعين ويصبحوا جاهزين لقبول أي أوامر “دينية” دون أدنى تفكير. ومن اللحظات التي لا أنساها في هذا الشريط والذى ساعد في تشويه فكر أمة بل أمم بأكملها وهو – أي الشيخ كشك – يقول للمستمع حتى يجعله يشعر بأنه قد مات بالفعل فيقول له بصوته المعروف “وأنت الآن يا ابن آدم على خشبة الرحيل”.
وتفنن شياطين الإخوان في إرعاب المجتمع فلا أنسى أنا والكثيرون كيف فبركوا فيديوا على اليو تيوب بجانب قبر الراحلة الرائعة وأيقونة الغناء العربي السيدة أم كلثوم فأضافوا صوت فحيح أفاعى للفيديوا ليقنعوا البسطاء بأنها تتعذب الآن في القبر بسبب عدم لبسها للحجاب.
وأعجب ما في الأمر أن لبس النساء للحجاب لم ينه الغلاء كما تصوروا ولم يجعل أخلاق المجتمع أفضل – بل على العكس من ذلك تماما – فإن زيادة الحجاب لم يتبعها إلا زيادة في معدلات الفقر والتحرش بالمرأة في الشوارع والطرقات والمواصلات العامة! ولكن الجماعات الإسلامية ضمنت من خلال الرعب الفكري للناس ألا يفكر أحد في مثل هذا الأمر الواضح للجميع وضوح الشمس في منتصف النهار.
وهذه الخواطر حول وسيلة الإرهاب الفكري والتخويف والرعب التي استخدمها المتطرفون الإسلاميون لنشر فكرهم داخل المجتمع لا هدف لها إلا تعريف القراء بكيف تم غسيل أدمغة البعض حتى لا نقع فريسة لبائعي الدين مرة أخرى!
وللحديث بقية..
نقلاً عن “الحرة”