كريتر نت – متابعات
في كلمة ألقتها أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، أكدت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن أنّ المسار الديمقراطي قبل 25 تموز (يوليو) 2021 شهد تعثراً نتيجة تفاقم التجاذبات السياسية التي أضعفت الدولة، لا سيّما في ظل الأزمة الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي أثرت على تمتع التونسي بحقوقه، وفي مقدمتها حقه في الصحة والحياة.
وقالت بودن خلال الاستعراض الدوري الشامل للتقرير الوطني في مجال حقوق الإنسان: إنّ “البرلمان المنحل تحول إلى ساحة للعنف المادي والنفسي، ولم يضف إلى التونسيين سوى الإحساس بانسداد الأفق واليأس”.
ولفتت إلى أنّ ذلك “دفع الرئيس قيس سعيّد إلى تفعيل الفصل (80) من دستور 2014، وتجميد البرلمان، ثم حلّه، ووضع دستور جديد بعد استفتاء 25 تموز (يوليو) الماضي، في انتظار الانتخابات التشريعية في 17 كانون الأول (ديسمبر) القادم”.
في كلمتها، شددت بودن على أنّه منذ أن تقدمت تونس بآخر تقرير لها في 2017، والذي تسلمت إثره (248) توصية، قبلت منها (183)، وأحاطت علماً بـ (59) أخرى، التزمت باتباع المنهج القائم بحقوق الإنسان وفقاً لأولوياتها واحتياجاتها، وأنّه “منذ ذلك الحين شهدت تونس عدداً اللحظات الفارقة على درب مسارها الديمقراطي؛ منها الانتخابات البلدية في 2018، والانتخابات التشريعية والرئاسية في 2019”.
بودن شدّدت على أنّ الحق في التظاهر والتجمع السلمي في تونس مكفول للجميع، وأنّه لم يتم منع أيّ مظاهرة في أيّ مجال، لافتةً إلى أنّ التجاوزات التي وقع تسجيلها كانت فردية وتم فتح تحقيق فيها، مشددة على أنّ حرية التعبير والحق في التظاهر يشكّلان حجر زاوية في منظومة حقوق الإنسان في تونس، وأنّه لا مجال للتراجع فيها أو عنها.
ووفق بودن، فإنّ الدستور الجديد يؤكد على المساواة بين المواطنين والمواطنات، وينص في الفصل (51) على التزام الدولة بحماية حقوق المرأة وتطويرها، وضمان تكافؤ الفرص بين الجنسين في جميع المجالات، مع السعي لتحقيق التناصف.
يُذكر أنّ البرلمان المنحل الذي كانت تسيطر عليه حركة النهضة الإخوانية بالأغلبية، ويترأسه زعيمها راشد الغنوشي، قد شهد تصاعداً خطيراً لوتيرة العنف اللفظي والجسدي الذي بلغ حد التشابك والتدافع، وهو ما دفع نواب وسياسيين ومعارضين إلى إطلاق دعوات لحله، معتبرين أنّه عمّق الأزمة التي تعيشها البلاد.
وشهد البرلمان المنحل على امتداد عامين فوضى ومشاحنات وتراشقاً بالتهم، بين رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي وزملائها في الكتلة، وبين نواب حركة النهضة الإخوانية وكتلة ائتلاف الكرامة المتشدّدة، ووصل الأمر حينها إلى العراك والاشتباك بالأيدي.
وقد خرجت في تونس عدّة مظاهرات مطالبة بحله، وبمحاسبة الطبقة السياسية التي حكمت البلاد خلال الأعوام الـ (10) الماضية، في مقدمتها حركة النهضة؛ بسبب إدخال الإرهاب إلى البلاد، والمزيد من تفقير الشعب، وتعميق أزماته الاجتماعية والاقتصادية، والتغرير بأبنائه للالتحاق بالجماعات الإرهابية.
وتعارض حركة النهضة قرارات الرئيس سعيّد بحل البرلمان، وإقالة الحكومة، وتغيير الدستور الذي كتبته باستفتاء شعبي، وتحاول في الأثناء تحريك الشارع لتعطيل الانتخابات المقبلة، وإجهاض مسار 25 تموز (يوليو)، للعودة إلى سدّة الحكم، والبرلمان.
ويتهم سعيّد من سمّاهم بـ “المناوئين للشعب التونسي” بـ”التنكيل به في كلّ مظاهر الحياة، فمرّة يتعلّق الأمر بفقدان الأدوية الحياتية، ومرّة بالبنزين، فضلاً عن عدد من المواد الأساسية كالقمح والزيت المدعّم”.
وأكد سعيّد في عدّة مناسبات وجود قرائن ومؤشرات تؤكد أنّ “هناك من يسعى لضرب أسس الدولة، من خلال التطاول على رموزها، والارتماء في أحضان قوى أجنبية تتباهى بالتدخل في شؤون البلاد والتعدي على سيادتها”، في إشارة إلى حركة النهضة وحلفائها.