كريتر نت – متابعات
قلل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من ظهوره الإعلامي والسياسي في الفترة الأخيرة في رسالة واضحة على أنه راض بالتطورات الحاصلة وعلى رأسها سيطرة خصومه على الحكومة والبرلمان، لكنه أطل مجددا من بوابة قضية بعيدة كل البعد عن السياسة، وهي ما اصطلح عليه بين الإيرانيين بـ”تطيير العمائم” في حركة رمزية لإظهار الاحتقار لرجال الدين.
ولم يخف الصدر خوفه من انتقال هذه الحركة الرمزية، التي وجدت تفاعلا واسعا في إيران، إلى العراق، وأن يتعرض رجال الدين إلى الإهانة والاحتقار من الشارع الغاضب على فشلهم في الحكم منذ 2003.
وأعرب الصدر، في تغريدة له على تويتر، عن قلقه من انتقال ظاهرة إسقاط عمائم رجال الدين وحملة خلع الحجاب من إيران إلى دول أخرى. وقال إن “هذا الهجوم ضد رجال الدين والحجاب قد يمتد إلى دول أخرى”
وقال مراقبون إن الصدر وجد في الحملة على العمائم فرصة للعودة إلى مخاطبة أنصاره وأغلبهم من العوام الذين يصطفون خلف رجال الدين ويضفون القداسة على حركاتهم وسكناتهم، معتبرين أن اللعب على وتر هذه القداسة قد يجعل الأنصار يتناسون تخلّي الصدر عنهم وخيانة ثقتهم بعد أن انتخبوه ومكّنوه من القيادة، لكنه انسحب تحت مبررات واهية.
تكرار سيناريو حراك 2019 بات أمرا واردا خاصة بعد أن تخلى الصدر عن أمانة الفوز بالانتخابات وقبل بتسليم الحكم لنفس الأحزاب والميليشيات
وأظهرت قرارات الصدر، خاصة ما تعلق برفضه تشكيل الحكومة وسحب نوابه من البرلمان واختياره العزلة مجددا، أنه شخصية ضعيفة، وأن أنصاره لا يمكن أن يراهنوا عليه في مواجهة الأحزاب والميليشيات الموالية لإيران.
ويعطي فشل الصدر في إحداث التغيير الذي ينشده الناس إشارة واضحة على أن رجال الدين لا يقدرون على الحكم وأن وجودهم في مواقع القرار هو سبب مباشر للأزمة التي يعيشها العراق، وأنهم هم من أسبغوا الشرعية على الفساد الواسع في البلاد بسبب المحاصصة الطائفية وخاصة السعي لتقليد حكم رجال الدين في إيران.
ويتخوف الصدر وبقية رجال الدين في العراق من ثورة شبيهة بثورة الشارع الإيراني على حكم المرشد الأعلى علي خامنئي، وهو الحكم الذي تحمّله الناس لثلاث وأربعين سنة من دون أن يجلب لهم أيّ مكاسب، وعلى العكس فقد بدد ثروات الإيرانيين في شعار “تصدير الثورة” والمعارك الخارجية وتكوين الميليشيات وسباق التسلح.
ويمكن أن تحيي هذه الثورة حماس الشباب العراقيين لتكرار انتفاضة تشرين 2019 التي رفعت شعارات ضد الأحزاب الدينية وحكم المحاصصة الطائفية والعرقية وضد إيران.
ويعتقد المراقبون أن تكرار سيناريو حراك 2019 بات أمرا واردا وبشدة خاصة بعد أن تخلى الصدر عن أمانة الفوز بالانتخابات وقبل بتسليم الحكم لنفس الأحزاب والميليشيات، معتبرين رمزية استهداف عمائم رجال الدين في إيران يمكن أن تكون شرارة مغذية لانتفاضة جديدة في العراق.
وانتشر وسم “عمامة_ پرانی” (العمامة عفا عليها الزمن) بكثافة في وسائل التواصل الاجتماعي مرفقا بمقاطع مصورة يظهر خلالها رجال دين يمشون في الشوارع ومن ثم يقوم شاب أو فتاة بإسقاط عمامته أرضا.
وأظهرت الاحتجاجات التي اندلعت عقب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في 16 سبتمبر الماضي تحدي العديد من الشباب الإيرانيين للقيادة الدينية، والتغلب على الخوف الذي خنق المعارضة منذ ثورة الخميني عام 1979.
ويرى المراقبون أن العمامة التي يسقطها الإيرانيون على الأرض ويستهزئون بلباسها تُمثّل رمزاً للنظام الذي يسعون للتخلص منه، وأن التركيز على رجال الدين هو رسالة ذكية لإثبات أن الشارع ليس من أنصارهم وأنهم باتوا مكروهين، وأن الناس تغيّروا ولم يعد تعنيهم شعارات النظام وأفكاره المتشددة التي تريد التحكم في لباس الناس وحرياتهم الشخصية.