رشا كافي
صحافية يمنية وناشطة
سياسية – محررة في AF
في ظل الإنتهاكات المتكررة وأحداث العنف المتزايدة التي تتعرض لها النساء في اليمن بشكل عام وفي مناطق سيطرة جماعة الحوثي على وجه الخصوص، فأن أشكال القمع تتخذ أساليب عدة ومختلفة خصوصاً في فترة الصراع المسلح وإنحسار شكل الدولة، الذي يؤدي إلى تغييب القانون وتنفيذه، فأن جماعة الحوثي التي لطالما مارست إنتهاكات ممنهجة ضد النساء في الحياة العامة منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في العام 2014.
وعلى خطىء جماعة طالبان الأفغانية فرضت الجماعة شكل آخر من أشكال القمع والتضييق على حرية وتنقل النساء، من خلال فرض إجراء تعسفي لأول مرة يحدث في بلد جمهوري كاليمن خلال القرن المعاصر، من قبل سلطة فرضت نفسها على الواقع، وذلك من خلال التوجيهات التي فُرضت عام 2019، وزاد من حدة ممارستها في الأشهر الأخيرة خصوصاً مع فتح مطار صنعاء بمنع سفر المرأة إلا بمحرم، وهي توجيهات تعكس حالة الفوضى التي تعيشها البلاد وتعبر عن وجهة نظر جماعة الحوثي التي تريد وضع المرأة في قالب الوصاية .
فقد ساوى القانون اليمني بين النساء والرجال في مسألة حرية التنقل والسفر، ولا يتم منع أياً منهما إلا بأوامر صادرة من الجهات القضائية في حال إرتبط الشخص بقضية جنائية أو قضية كبرى تُقيد حرية تنقله، عدا ذلك منع أو تقييد حرية أي موطن رجل كان أو إمرأة هي جريمة تخالف القانون وتمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.
قرار المحرم وسيلة نصب
هالة مواطنة يمنية تبلغ من العمر ٣٦ عاماً، تزور اليمن لأول مرة منذ ١٢ عام والتي إكتفت بعدم ذكر إسمها بالكامل تقول للعربية فليكس: زرت أهلي في صنعاء وجلست معهم بضعة أشهر وعندما قررت العودة إلى بلد المهجر، التي أقيم فيها مع زوجي وابنائي هناك ونظراً لأني جئت وحدي لزيارة والدتي المريضة لم يحضر أحد معي من زوجي أو أبنائي.
إتصلت بشركة نقل لحجز سيارة خاصة تقلني انا وخالتي إلى عدن حتى أتمكن من السفر عبر مطار عدن الدولي، إتفقت مع شركة النقل عن المبلغ، وكان عليّ دفع ٤١ دولار وسيكون معنا في السيارة نساء أخريات غيري انا وخالتي، وسنتقاسم مبلغ إيجار السيارة فيما بيننا، والذي كان سعره ٢٥٠ دولار،حددنا وقت سفرنا إلى عدن يوم ٢٢ اغسطس وكنت مستعدة للسفر، فجأة يتم التواصل بي يوم ٢٠ أغسطس قبل موعد سفري إلى عدن بيومن، بأنه جاء تعميم جديد للشركة وأكثر صرامة بعدم السماح لنزول النساء إلا بمحرم وتم الإعتذار مني بأنه شيء خارج عن إرادة الشركة.
لأتفاجئ بتواصل إمرأة بي، وبأنها حجزت سيارة للسفر الى عدن وأنه تم إعطائها رقمي من قبل الشركة السابقة التي إعتذرت من نقلي، ولأجل نسافر معاً على متن نفس السيارة وإتفقت معي على أن أدفع خمسين دولار، حتى نتقاسم مبلغ السيارة الذي كان أيضاً ٢٥٠ دولار، كنت مستغربة من عدم طلب محرم لأن معظم المكاتب التي كنت أتصل بها تشترط وجود محرم بحسب التعميم الذي صدر من سلطة الحوثي، لكن بعدها إتصلت لتبلغني بأنه عليّ دفع مائة دولار لأنها ستضطر تأخذ إمرأة أخرى معها كمحرم، ولم أكن بصراحة فاهمه كيف ستأخذ معها امرأة أخرى محرم وليس رجل، ولكنها قالت لأجل يكون عددنا كثير ولا يحصل أي عرقلة .
كما إشترطت أن لا أخذ معي غير شنطة واحده صغيرة وهو ما رفضته، فأنا لن أسافر إلا بأمتعتي كاملة، تواصلت مع الشركة الجديدة التي سنسافر معها، وكان كلامهم نفس كلام المرأة التي هي على أساس مسافرة معي ولكن يبدو أنها كانت تعمل لديهم وليست مسافرة، إذا أردت أن اسافر بكامل أمتعتي وهما مجرد شنطتين عليّ أن أدفع مبلغ مائة دولار أخرى لسيارة أخرى تحمل شنطي أو أن اخذ سيارة لوحدي مع شنطي بملبغ ٢٠٠ ألف هذا ما قالوه لي.
وهو ما رفضته تماماً، لأني شعرت أن كل هذا مجرد نصب وإحتيال ولا علاقة بموضوع تطبيق إجراء حضور محرم به، وأنه موضوع مالي ونوع من النهب أكثر مما هو ديني، فرجعت سافرت مع باص عادي مع عائلة فيها رجال ونساء بسعر أقل.
اليمن سجن كبير للنساء
تعلق الناشطة الحقوقية ورئيس منتدى الشقائق العربي، أمل الباشا للعربية فليكس حول إجراء منع سفر النساء بدون محرم فتقول: أرى قرار منع السفر إلا بمحرم من قبل سلطة أنصار الله هو قرار خاطئ وإنتهاك صارخ لحقوق الإنسان وحرية النساء في الحركة والتنقل، في السابق كانت هناك محاولات لمنع النساء أو إصدار مثل هذه القرارات بعدم سفر النساء إلا بمحرم، لكن كنا نندد ونتحرك لوقف مثل هذه القرارات وكنا ننجح بتغيير مثل هكذا قرارات تعسفية.
ونتمنى من السلطة في صنعاء أن تعيد التفكير في هذا القرار، حتى لاتحول اليمن إلى سجن كبير للنساء، فقد تواصلت شخصياً مع وزير حقوق الإنسان في مناطق سيطرة الحوثي في صنعاء، وقلت له أنا بعد هذا العمر وقد طفت العالم، اليوم أعود خلال الهدنة إلى صنعاء، فكيف لي بالأتيان بمحرم حتى أعود وامارس حياتي ونشاطي وعملي في كل مكان؟
فقال لي : “أن هذا القرار يسري فقط للنساء لمن هم دون ١٨ سنة، وهدفه الحماية، حماية النساء التي لا يمتلكوا عمل، قصر وليس لديهم محارم” .
أياً كان سبب سفر النساء سوى للعمل، للدراسة، للمتعة، أو للسياحة طالما والنساء قد تجاوزن السن القانوني (سن الرشد) الذي يسمح لهن بالسفر، فهذا حق دستوري وحق قانوني. لقد سمعنا أنه لم يصدر هناك قرار رسمي مكتوب، لكن جميع وكالات السفر أُصدر لها تعميم شفوي من بعض عناصر الجماعة: أنه لا يسمح بسفر المرأة إلا بمحرم، والآن أيضاً تم إتخاذ خطوة متطورة عن بديل محرم السفر أن تذهب المرأة التي تريد السفر إلى وزارة الداخلية، وتعطي موافقة المحرم.
لكن هذه كلها إجراءات مقيدة لحركة النساء خصوصاً أننا في بلد تعيش حرب طاحنة وحصار وتعيش كل هذه الأزمات، وبالتالي سفر النساء صار مسألة ملحة، لأنهنّ ربات أسر وعاملات وموظفات في المنظمات، وبالتالي تقيد حريتهن يجعل منهن أسيرات في صنعاء أو المجي إلى صنعاء بدون محرم، أتمنى أن مثل هذا القرار يتوقف وأن تعود الحياة مرة أخرى طبيعية بالنسبة للنساء فيما يتعلق بحرية الحركة.
نقلاً عن العربية فيلكس