كريتر نت – العين الإخبارية
نقلت مليشيات الحوثي الإرهابية الحرب من المواجهات العسكرية في الجبهات إلى مصادر الطاقة باليمن وذلك بعد شنها سلسلة ضربات بحضرموت وشبوة ومأرب.
وقصفت مليشيات الحوثي منذ 18 أكتوبر/تشرين الأول وحتى 9 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري 4 سفن نفطية و3 موانٍ تجارية ونفطية وهي موانئ “الضبة” في حضرموت (شرق) و”رضوم” و”قنا” في شبوة (جنوب).
وتأتي الهجمات بالطائرات بدون طيار المفخخة في شبوة وحضرموت بالتزامن مع هجمات بالصواريخ والمسيرات في مأرب فضلا عن اغتيالات وحشد المقاتلين تمهيدا لاجتياح المحافظة والسيطرة على حقول نفط (صافر).
وأرجع خبراء يمنيون في تصريحات منفصلة لـ”العين الإخبارية”، أسباب استهداف الحوثي للمحافظات النفطية (مأرب، حضرموت، شبوة) إلى أنها حرب تجويع جديدة تستهدف ضرب الاقتصاد اليمني وتدمير سبل العيش.
كما يندرج ضمن الابتزاز السياسي والمقايضة للعالم، إذ تستهدف مليشيات الحوثي إثبات وإيصال رسائل أنها الأقوى عسكريا وأنها تملك القدرات الكافية لتهديد مصادر الطاقة العالمية والملاحة الدولية.
وعن الآليات الضرورية لكبح جماح الحرب الحوثية الجديدة، حث الخبراء على تضييق الخناق على هذه المليشيات من خلال إدراجها بقوائم الإرهاب وإغلاق نهائي لميناء الحديدة وردعها عسكريا بالجبهات.
استعراض قوة
تسعى مليشيات الحوثي من خلال نقل الحرب من المحلية إلى الإقليمية عبر جعل كل موانئ تصدير النفط في مجال تهديد مسيراته إلى جانب إثباتها للعالم أنها الأقوى عسكريا وأن كل الفضاء تحت ضربات أسلحتها، وفقا للمحلل السياسي اليمني صالح الدويل.
وقال الدويل، في تصريح خاص لـ”العين الإخبارية”، إن مليشيات الحوثي تستهدف استعراض القوة كطرف أساسي ومؤثر على مسألة الطاقة الدولية لا سيما في ظل الأزمة النفطية التي يشهدها العالم.
وأوضح أن الحوثي يرى أن القوانين الدولية المتضمنة السلامة البحرية كلها أوراق قادرة على انتزاعها من خلال ضرب موانئ التصدير وحاملات النفط في البحر الأحمر وبحر العرب وحتى ضرب مواقع الإنتاج.
وعما يحتاجه اليمن لحماية المنشآت النفطية على المستويين الداخلي الخارجي، أكد المحلل السياسي اليمني أنه يحتاج لوضوح في استراتيجية المواجهة وماذا يريد، هل يريد فعلا هزيمة الحوثي أم البقاء في الجنوب.
وبشأن استراتيجية المواجهة، يشير الدويل إلى أن الحكومة اليمنية لا يمكن لها في الوضع الحالي الذي يسيطر فيه الإخوان على القوة العسكرية على الأرض هزيمة مليشيات الحوثي إثر فشلهم طيلة 8 أعوام، مشددا على ضرورة تحصين الجبهة الداخلية أولا.
وأضاف: “تحتاج الحكومة المعترف بها لإعادة تسليح نوعي وأنظمة دفاع لمواجهة الطيران المسير والصواريخ وأن تفعل آليات الضغط العسكرية في جبهات القتال مع تحصين المناطق المحررة من الخلايا وإنهاء الفساد وتوفير الخدمات وانتظام المرتبات”.
وخارجيا، يعتقد الخبير اليمني أن الحكومة اليمنية بحاجة لدعم دبلوماسي وحقوقي وإنساني، لأن الانقلاب الحوثي اخترق كل هذه المجالات لصالحه.
اعتبر الدويل إغلاق ميناء الحديدة ردا على هجمات مليشيات الحوثي أنه “أول ردة فعل مطلوبة”؛ لأنه ميناء عسكري أصلا، كما يجب على مليشيات الحوثي أن تشعر أن الخيار يضيق حولها وعزل شرايين إمدادها العسكرية.
ابتزاز وتجويع وهجمات انتقامية
أما بالنسبة لنائب رئيس المجلس الانتقالي في عتق عاصمة شبوة، سيلان حنش، فإن إغلاق ميناء الحديدة رغم أهميته إلا أنه إجراء غير كاف “لمواجهة الاستهدافات التي يقوم بها الحوثي”.
وأشار إلى حزمة إجراءات ضرورية تتمثل بـ”إخلاص المجتمع الدولي لتضييق الخناق على هذه المليشيات من خلال إدراجها من ضمن الجماعات الإرهابية يقابله اتخاذ التحالف والشرعية ممثلا بمجلس القيادة الرئاسي قرارا حربيا لتحريك كافة الجبهات والزحف باتجاه صنعاء”.
وقال القيادي حنش، في تصريح لـ”العين الإخبارية”، إن “الحوثيين لا يوجد لديهم عهد أو ميثاق ولا يؤمنون بلغة السلام لكنهم يؤمنون بلغة القوة وهي التي سوف تجبرهم على الرضوخ والعودة إلى طريق السلم وتحييد خطرهم”.
وحول أسباب وهدف ما أسماها “الهجمات الانتقامية الحوثية ضد أبناء المحافظات المحررة”، أشار إلى أنها تستهدف “ضرب الاقتصاد الوطني وتدمير معيشة المواطنين ومضاعفة مآسيهم وجلب الجوع والعوز من خلال رفع أسعار المواد الغذائية والبترولية وانهيار قيمة العملة المحلية”.
ويعتقد القيادي في الانتقالي أن هجمات مليشيات الحوثي ضد المحافظات النفطية تستهدف كذلك “الضغط على التحالف والشرعية لقبول شروط الهدنة”.
ويعود حنش للحديث عن إجراءات الرد على استهدافات المنشآت الحيوية بضرورة “قطع كافة الإمدادات التي تصل لها من إيران عبر البحر وتوفير درع صاروخي يحمي مثل هذه الموانئ والمنشآت النفطية الحيوية”.
وأكد أهمية طمأنة جميع الشركات والسفن بزوال الخطر ومنح المستثمرين الضمانات اللازمة، مشيرا إلى حاجة الحكومة المعترف بها دوليا إلى قوة اتخاذ القرار المناسب لوضع خطط التعامل مع السيناريو المقبل أن حدث استمرار هجمات مليشيات الحوثي”.
من جهته، يرى عضو هيئة التشاور والمصالحة التابعة للمجلس الرئاسي سالم ثابت العولقي أن ما تمارسه مليشيات الحوثي من قصف للمنشآت الاقتصادية وموانئ التصدير في شبوة وحضرموت، لا يعدو عن كونه “ابتزازا”.
وأكد عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي أيضا أن ابتزاز مليشيات الحوثي “لن يحقق لها أي مكاسب آنية أو مستقبلية، ولن تعود إلى الجنوب، أو تستحوذ على ثرواته، لا بالحرب ولا بالسلام”.
وأكد العولقي أنه لدى الجنوب وشعبه من القوة والثبات، ما يحمي وجوده، ويحفظ حقوقه، ويردع أي ظلم وعدوان.
إيعاز إيراني
في السياق نفسه، أكد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني مضي مليشيات الحوثي بإيعاز وتخطيط وتسليح إيراني في نهج التصعيد وتدمير البنية التحتية ومقومات الاقتصاد الوطني ومقدرات الشعب اليمني، دون اكتراث للأوضاع الإنسانية الصعبة.
كما أكد أن “حكومة بلاده لن تقف موقف المتفرج إزاء الهجمات التي تنذر بعواقب وخيمة على مختلف الصعد وتستهدف الموانئ في شبوة وحضرموت”.
وقال المسؤول اليمني إن “مليشيات الحوثي تسعى من وراء هذه الهجمات الإرهابية إلى فرض حصار على الشعب اليمني عبر وقف وصول السلع والمواد الاستهلاكية عبر الموانئ اليمنية، ووقف مصادر تمويل الخزينة العامة، وعرقلة جهود الحكومة لتطبيع الأوضاع وتقديم الخدمات وصرف مرتبات موظفي الدولة والمتقاعدين في المناطق المحررة”.
وأشار إلى أن استمرار هذه الهجمات ينذر بارتفاع مستوى المخاطر التي تتعرض لها السفن التجارية والناقلات النفطية في خطوط الملاحة الدولية، وزيادة أسعار التأمين عليها، وبالتالي ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والمواد الغذائية والاستهلاكية، وإضافة أعباء جديدة على كاهل المواطنين.
ولفت الوزير اليمني إلى أن مليشيات الحوثي الإرهابية تُصعد هجماتها على الموانئ التجارية والنفطية بالمناطق المحررة في الوقت الذي تقدم فيه الحكومة التنازلات وتمنح التسهيلات لوصول المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة بشكل منتظم، انطلاقا من مسؤولياتها القانونية والاخلاقية تجاه كافة اليمنيين، والتخفيف من معاناتهم.
ولاقت هجمات مليشيات الحوثي على “قنا” و”رضوم” و”الضبة” موجة تنديد يمنية وإقليمية وأممية ودولية واعتبرتها تصعيدا حوثيا عسكريا خطيرا يثبت فشل مليشيات الحوثي البائس.