كريتر نت – متابعات
أعلن وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب الجمعة بدء التفاوض مع قبرص من أجل ترسيم مناطق الصلاحية البحرية، وذلك بعد توقيع لبنان الشهر الماضي اتفاق تاريخي مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية بينهما.
وأشار بوحبيب خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره اليوناني نيكوس ديندياس على هامش زيارة رسمية يجريها إلى أثينا، إلى اتفاقية الحدود البحرية التي وقعها لبنان مع إسرائيل في أكتوبر الماضي، وقال إن المسار سيستمر مع قبرص.
وأوضح الوزير اللبناني أن حكومته بدأت بالفعل مبادرة التفاوض بشأن ترسيم الحدود البحرية مع قبرص.
ووقّع لبنان وقبرص اتفاقا في العام 2007 حول حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، لكن لم يتمّ إبرامه في البرلمان على خلفية التباين بين لبنان وإسرائيل حول مساحة المنطقة البحرية المتنازع عليه.
وبدوره، أعرب ديندياس عن رغبة اليونان في توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع ليبيا على غرار الاتفاقيات المبرمة مع مصر وإيطاليا.
وقال إن اليونان تأمل توقيع اتفاقية مشابهة مع تركيا أيضا بشأن تحديد مناطق الصلاحية البحرية على أساس القانون البحري الدولي.
ومع إبرام لبنان وإسرائيل في 27 أكتوبر الماضي اتفاق ترسيم الحدود البحرية، تأمل قبرص – التي تسعى بدورها لتكون لاعبا إقليميا على صعيد موارد الطاقة – “تسوية القضايا البحرية” مع لبنان.
وأرسلت الحكومة القبرصية كتاباً عبر سفارتها في بيروت إلى الخارجية اللبنانية، رحّبت فيه بالاتفاق بين لبنان وإسرائيل، وأبدت رغبتها بإجراء مشاورات مع لبنان لمعالجة تأثير اتفاق الترسيم مع إسرائيل على الحدود البحرية بين قبرص ولبنان.
وكانت الرئاسة اللبنانية أعلنت في 28 أكتوبر الماضي التوصل إلى صيغة لترسيم الحدود البحرية مع قبرص، وذلك بعد يوم واحد من توقيع عون ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد نص اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، بشكل منفصل ودون حضور مراسم التوقيع.
وقال بوصعب، حينها، إنه تمّ الاتفاق مع قبرص على تعديل الحدود البحرية الجنوبية بين البلدين، وفق الخط 23.
وأضاف بوصعب في تصريح عقب اجتماع عون مع الوفد القبرصي، أن بلاده لن تنهي ملف ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، إلا بعد التفاهم مع سوريا.
وكان الوزير اللبناني قد دعا الأربعاء إلى التواصل “مباشرة وعلنا” مع دمشق من أجل ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا” قائلا في مقابلة مع وكالة فرانس برس “يجب أن يكون هناك تواصل من جانب الحكومة اللبنانية بطريقة مباشرة وعلنية مع الحكومة السورية، ومن دون خجل، ومن دون أن نُدخل الخلافات السياسية الإقليمية في هذا الملف”.
وأضاف “علينا أن نتواصل مع الدولة السورية علناً وأن نرسم الحدود البحرية علناً (…)، وعلى أي حكومة قادمة أن تقوم بهذه المهمة”.
وفي مارس الماضي، أثير نزاع على الحدود البحرية المشتركة بين البلدين، بعد أن منح النظام السوري ترخيصا لشركة طاقة روسية لبدء عمليات تنقيب بحري في منطقة يؤكد لبنان أنها تابعة له، في وقت أعلن فيه عن اكتشافات مهمة لحقول الغاز شرق البحر المتوسط.
ويريد لبنان ترسيم الحدود البحرية مع قبرص وسوريا، بعد أن أنجز اتفاقية الترسيم البحري مع إسرائيل، وقد سُمح له بدء عمله في حقل “كاريش” مقابل عودة شركة “توتال” الفرنسية للعمل في البلوك 9 في المنطقة البحرية التابعة للبنان.
ولذلك لا بدّ من إعادة مناقشة النقاط الخلافية التي كانت عالقة بينه وبين قبرص، والتي أفضت الى اتفاقية في العام 2007 إلّا أنّها لم تُبرم. غير أنّه لا يُمكن إنهاء الملف مع قبرص إلّا بعد التفاهم مع سوريا على النقطة الحدودية، ولهذا طلب لبنان التواصل معها للتوافق على النقاط العالقة، الأمر الذي يسمح لكلّ من الدول الثلاث القيام بعمليات التنقيب والاستخراج من دون أي مشاكل.
وفي ظل حاجة الدول الأوروبية اليوم الى سدّ حاجتها من النفط والغاز، وتأمين نحو 100 مليار متر مكعّب من غاز شرقي المتوسّط، للتعويض عن الغاز الروسي وضربه، سارع لبنان وإسرائيل الى الاتفاق، كما تسعى بيروت الى الاتفاق مع قبرص لحلّ الخلاف بينهما الذي استمرّ عقداً على حقل غاز طبيعي يحتوي على 10 أو 12 مليار متر مكعّب يشمل حقل “أ فروديت” القبرصي، و”يشاي” الفلسطيني المحتل في المنطقة الحدودية بينهما.
وكانت الشركات العاملة قد مُنحت في مارس من العام الماضي عاماً لإجراء مفاوضات أو إحالة الأمر على خبراء دوليين إذا لزم الأمر، لكنها لم تسفر عن نتائج إيجابية. ولهذا لا بدّ للبنان أيضاً أن يبدأ عمليات التنقيب والاستخراج في حقل “قانا” ليتمكّن من الانضمام الى الدول التي تورّد ثروتها النفطية الى القارّة الأوروبية.
وأفادت وسائل إعلام محلية بأن الوزارات المعنية في حكومة تصريف الأعمال، لا سيما “الطاقة والمياه” و”الأشغال العامّة والنقل”، ستقوم بالتواصل مع سوريا من أجل التفاهم معها، قبل إنهاء الاتفاق مع قبرص، لكي يكون لبنان جاهزاً خلال المرحلة المقبلة لتصدير الغاز والنفط.
وكان مجلس النوّاب قد منح موافقته على استكمال الحكومة الحالية تصريف الأعمال وفق النصوص الدستورية، وهذا يعني أنّه بإمكان الوزراء المعنيين متابعة مهامهم، وبالتالي التواصل مع كلّ من نظرائهم في قبرص وسوريا من أجل إنجاز هذا الأمر، ريثما يجري التوافق على انتخاب رئيس الجمهورية الجديد.
وتعاني جزيرة قبرص منذ عام 1974، انقساما بين شطرين تركي في الشمال ورومي في الجنوب، وفي 2004 رفض القبارصة الروم خطة قدمتها الأمم المتحدة لتوحيد شطري الجزيرة.
ومنذ انهيار محادثات إعادة توحيد قبرص التي جرت برعاية الأمم المتحدة في سويسرا خلال يوليو 2017، لم تجر أي مفاوضات رسمية بوساطة أممية لتسوية النزاع في الجزيرة.