كريتر نت / اليوم الثامن
تدخل الحرب التي افتعلها الحوثيون الموالون لإيران، عامها الرابع، احتسابا الى اليوم الذي اجتاحوا فيه الجنوب، وأطلقت الدول العربية تحالفا لمنع سيطرتهم على عدن ومياه البحر العربي وباب المندب.
ولا يبدو ان الحرب في اليمن في طريقها الى التوقف، جراء تقاطع المصالح بين أطراف الحكومة الشرعية التي تقيم في السعودية مع حلفاء طهران، فالإخوان الذين يتلقون دعما ماليا ورعاية من قطر دخلوا في تحالفات علنية مع الحوثيين الموالين لإيران، حيث سعت الدوحة الى فرض الاتفاق مع الحوثيين تحقيقا للمصلحة المشتركة.
وتسعى قطر التي تم عزلها من قبل الدول العربية والخليجية جراء تورطها في دعم التنظيمات الإرهابية في المنطقة، الى عرقلة جهود الحرب التي تقودها دول التحالف العربي ضد الحوثيين، حيث تعتمد الدوحة على مسؤولين إخوان في الحكومة الشرعية التي تقيم في الرياض.
ثلاثة أعوام، مضت دون أي انتصار يذكر للحكومة الشرعية في شمال اليمن، باستثناء الانتصارات التي يقودها الجنوبيون في الساحل الغربي لليمن، وهي الانتصارات التي ربما أجبرت الحوثيين على المشاركة في مشاورات السويد التي انتجت مخرجات يماطل الحوثيون في تنفيذها.
وهي المخرجات التي أقرت ان يسلم الحوثيون ميناء الحديدة لطرف ثالث محايد، وهو ما وافقت عليه الحكومة الشرعية، دون شروط.
ويفسر الموقف الحكومي من الموافقة الحكومية على مخرجات مشاورات السويد، الى عدم رغبتها في ان يذهب ميناء الحديدة، الى سيطرة القوات الجنوبية وكذا القوات التابعة لطارق محمد عبدالله صالح.
وتبرر الحكومة الشرعية التي يتحكم فيه فرع التنظيم الدولي للإخوان، إلى رفضها أي دور لعائلة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذي قتله الحوثيون أواخر العام 2017م.
ويقول الإخوان إنهم لا يرغبون في إعادة عائلة صالح الى الحكم، متهمين طارق بارتكاب مجازر في مدينة تعز، لكن تلك التبريرات يرفضها يمنيون مناهضون للحوثيين، حيث يقول البعض ان طارق صالح بات يقاتل في صف التحالف المناهض لحلفاء إيران.
لم تكن الأزمة مع التمرد القطري من منعت أي انتصار للقوات الموالية للحكومة الشرعية في شمال اليمن، فالإخوان سعوا خلال السنوات الماضية الى بناء امبراطورية عسكرية في مأرب، يقول مسؤولون عسكريون ان نائب الرئيس اليمني الحاكم لمأرب يريد إعادة بناء قوات عسكرية جديدة، على غرار قوات الفرقة الأولى مدرع التي تفككت جراء هيكلة الرئيس اليمني عبدربه منصور للجيش اليمني عقب وصوله الى سدة الحكم كرئيس انتقالي.
وقد احتج الأحمر على قرار الهيكلة برفض قتال الحوثيين الذين تمكنوا من السيطرة على صنعاء في سبتمبر أيلول من العام 2014م.
نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر الحليف الأبرز للرياض والدوحة معا، لا يرغب في هزيمة الحوثيين، الذين يعدون جزاء من القبيلة الزيدية التي لا يرغب الأحمر في خروج الحكم منها وان اضطره ذلك للتحالف مع الحوثين.
تم الدفع بالأحمر الى منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ونائب للرئيس هادي، على أمل ان ينجح في تفكيك الحزام القبلي لصنعاء، غير ان ذلك لم يتم، حيث سعى الأحمر الى عرقلة تقدم قوات مأرب في محور نهم، وحافظ على الحوثيين.
حاولت السعودية مع نائب الرئيس اليمني في ان يدفع بالقوات صوب صنعاء، الا ان ذلك تعرقل، بل استطاع الحوثيون استعادة السيطرة على بلدة صرواح في مأرب. الفشل في تحقيق أي تقدم ضد الحوثيين في الشمال لا يقع باللائمة على القوات اليمنية، بقدر ما يقع على المشرف السعودي على هذه القوات، فالعديد من المصادر تشير الى غياب الحزم العسكري من التحالف العربي، وهو ما يبدو تفسره جبهة الحديدة والساحل الغربي التي يخوضها الجنوبيون بدعم واشراف من قبل الإمارات العربية المتحدة. فالجنوبيون استطاعوا في غضون اشهر قليلة الوصول الى عمق مدينة الحديدة، وكانوا قاب قوسين او ادنى من تحرير الميناء بإسناد من قوات طارق صالح والقوات التهامية التي تقاتل جنبا الى جنب الى جانب القوات الجنوبية.
نجح الجنوبيون في الوصول الى عمق الحديدة، جاء نتيجة الرغبة الوطنية في التخلص من مليشيات الحوثي التي ارتكبت مجازر بشعة بحق المدنيين في الجنوب، والخلاص منها، اعتقد الجنوبيون انه يكمن في المضي في التخلص من الحوثيين وتأمين ثاني أهم ميناء يمني بعد ميناء عدن الجنوبي.
ويمثل ميناء الحديدة أهمية استراتيجية في شمال اليمن، والسيطرة عليه يعني قطع أخر الامدادات على الحوثيين، لكن الرفض الحكومي لطارق صالح والقوات الجنوبية، حال دون تحريره على الرغم من القوات كانت على بعد امتار واستعدت لاقتحامه لولا التوقف اثر وجود توجيهات بعد المواجهة وترك الأمر للحل السياسي.
وأعلن الإخوان منتصف العام المنصرم رفضهم لأي دور لعائلة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وخرجوا في تظاهرات مناوئة لطارق صالح في مدينة تعز كبرى مدن الشمال اليمني، وهي التظاهرة التي اعقبها قيام مليشيات تابعة للإخوان بشن حرب ضد السلفيين انتهت بإخراجهم من مدينة تعز إلى بلدات ريفية خارج المدينة.
كانت هناك رغبة حقيقية في استعادة ميناء الحديدة، غير ان الإخوان الذين يمتلكون نفوذا في الحكومة الشرعية حالوا دون ذلك، بمبرر اتاحة الفرص للحل السلمي، لكن مع ذلك يماطل الحوثيون في تنفيذ اتفاقية السويد.
تحاول الكثير من القوى اليمنية والجنوبية، الضغط على الأمم المتحدة لتنفيذ مخرجات مشاورات السويد، غير ان الحكومة اليمنية تحاول حرف مسار الحرب في حرب أخرى داخل الجنوب المحرر من الحوثيين.
يترنح اتفاق الحديدة، ويمضي الحوثيون في تمكين انفسهم من السيطرة على الشمال اليمني، في حين ان حكومة هادي فتحت جبهة جديدة في الجنوب من خلال الحديث عن مخرجات مؤتمر الحوار اليمني، وتركت المخرجات الأهم، مخرجات مؤتمر السويد التي من المفترض ان يتم الضغط لتنفيذها او اعلان فشلها.
تقاطعت مصالح الإخوان والحوثيين مع الوضع في الجنوب، حيث باتت هذه الأطراف تشن حملات إعلامية وسياسية منسقة ضد الجنوبيين وجهود دولة الامارات العربية المتحدة.
الحكومة اليمنية لا ترغب في أي دور للجنوبيين، واتضح ذلك من خلال رفضها مشاركة أي وفد جنوبي في مشاورات السويد، وهو ذاته الشرط الذي طرحه الحوثيون، الأمر الذي يؤكد ان الجنوب بات القاسم المشترك بين مختلف الأطراف الشمالية.
لم يعد الاعلام الموالي للحكومة اليمنية يتحدث عن انتهاكات الحوثيين، بل أصبح الحديث عن سجون سرية في الجنوب، وهي السجون التي أكدت وزارة الداخلية عدم وجودها، وأعلنت استعدادها للاطلاع الرأي العام على ما يدور في تلك السجون.
ويعرقل مسؤولون محسوبون على الإخوان إعادة تفعيل القضاء في مدينة عدن، في حين يصر رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي حمود الهتار على الضغط لإطلاق سراح عناصر بعضها متورطة في دعم الإرهاب.
وبين الحديث عن السجون السرية، هناك حديث عن لقاءات سرية يعقدها رئيس الحكومة اليمنية الجديد معين عبدالملك مع قيادات إخوانية وبعضها على صلة بأنقرة، لحرف مسار الحرب، وعرقلة الجهود للضغط على الحوثيين لتنفيذ اتفاقية السويد.
حرب جديدة تديرها الحكومة اليمنية ممثلة برئيسها الجديد معين عبدالملك الذي يمول حملة الترويج بمخرجات مؤتمر الحوار اليمني، والتي يرى الإخوان ان الحديث عنها قد يستفز الجنوبيين، الأمر الذي يخدم المليشيات الحوثي ويربك التحالف العربي الذي شدد في اكثر من مناسبة على ضرورة توحيد الجهود اليمنية لإنهاء الانقلاب واستعادة سلطات البلد الشرعية الحكم من العاصمة اليمنية صنعاء.
وبعيدا عن التحالف المعلن بين صقور الإخوان في تركيا والحوثيين، الا ان اطراف أخرى بعيدة عن هذا الاتفاق تفضل ان يبقى ميناء الحديدة بيد الحوثيين، على ان لا يذهب الى طرف سياسي متهم بالفشل في احراز أي انتصار في معركة الشرعية ضد الحوثيين في جبال نهم. وعلى الرغم من ان الحوثيين يعرقلون تنفيذ اتفاق الحديدة، الا ان الحكومة اليمنية سارعت الى الحديث عن قرب انعقاد مشاورات لتنفيذ اتفاق تعز، وهو الأمر الذي يؤكد ان الإخوان والحوثيين يسعون الى ابرام اتفاقا بشان تعز التي نجح الإخوان مؤخرا في إزاحة الطرف المناهض للحوثيين، وهم السلفيون الذين تقرر اخراجهم الى خارج تعز عقب معارك مع مليشيات الإخوان الموالية لقطر.
وقد نجح الإخوان في عرقلة الحرب ضد الحوثيين بإخراج السلفيين من مدينة تعز. تحت حجج فتح الممرات، أعلنت حكومة الرئيس اليمني الانتقالي عبدربه منصور هادي التي يتحكم فيها الإخوان، قرب انطلاق اجتماعات بشأن مدينة تعز التي يتقاسم نفوذها تنظيم الإخوان الممول قطريا والحوثيين الموالين لإيران، في إعلان أتى مناهضا لموقف الحكومة المعلن من تنصل الحوثيين من تنفيذ اتفاق السويد بشأن ميناء الحديدة التي يرفض الحوثيون تسليمه.
ويسيطر الإخوان (حلفاء الدوحة المتمردة على جيرانها) على الجزء المحرر من الحوثيين، عقب تمكن مليشيات الإخوان من إزاحة جماعة السلفيين من المدينة جراء معارك خلفت قتلى وجرحى في صفوف الطرفين.
وبرر الإخوان سبب إزاحة السلفيين الذين عرفوا بقتالهم الشرس ضد الحوثيين الى ارتباطهم بدول التحالف العربي، في حين يقول السلفيون ان الإخوان يقاتلونهم في تعز نيابة عن الحوثيين الذين يحاصرون المدينة منذ نحو أربعة أعوام.
وبررت الحكومة اليمنية موافقتها على الانسحاب من ميناء الحديدة وتسليمه لطرف ثالث تحت اشراف الأمم المتحدة، الى نهب الحوثيين للمعونات التي تصل عبر الميناء ويستفيد منه نحو 70% من سكان اليمن، لكن على الرغم من اعتراف الحكومة الشرعية بتعطيل الحوثيين لاتفاق ميناء الحديدة، الا ان وزير الخارجية يعطي ذات المبررات لإيقاف المعارك في تعز بدعوى اتفاق فتح الممرات، وهو ما يعني ان تعز في طريقها إلى ان تصبح بيد تحالف الإخوان والحوثيين المعلن، مما يؤكد اتفاق هذه القوى على إزاحة الأطراف اليمنية الأخرى من أي اتفاقات في اليمن، بما في ذلك حزب المؤتمر الشعبي العام الذي تقاتل قواته بقيادة طارق صالح في جبهة الحديدة.
ويتوقع ان يمضي العام الرابع للحرب في اليمن، كسابقه ما لم يفكر التحالف العربي في حلول بديلة، لعل من ابرزها تحييد الإخوان من الحرب ضد الحوثيين وإتاحة الفرصة للقوى الأخرى الصادقة، والتدخل لوقف التدخلات الإخوانية في الشأن الجنوبي.
التحالف العربي بقيادة السعودية، لا يرغب في المضي في عام رابع في تبة المصارية بمأرب، فالخيارات العسكرية كثيرة ويجب ان تكون بديلة، وتتمثل في منح الشمال لقوات وطنية تقاتل الحوثيين بإخلاص، ودعم القوات الجنوبية التي اثبتت جدراتها في الحرب ضد الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.