حسن خليل
صحفي مصري
ضربة جديدة وجّهتها الأجهزة الأمنية البنغالية للجماعة الإسلامية، الذراع السياسية للإخوان في البلاد، حيث قامت عناصر الشرطة، عصر يوم الجمعة الماضي، 18 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، باعتقال 66 من أعضاء الجماعة الإسلامية ومنسوبي اتحاد الطلاب الإسلامي، إثر مداهمة اجتماع تنظيمي سري للجماعة الإسلامية في مدينة شابار، ورفعت الشرطة تقريراً بالمخطط الذي تورّط فيه معتقلو الجماعة، وتفاصيل مساعيهم لأجل عرقلة العمل الحكومي والقيام بأعمال تخريبية، وقد تم اعتقال كل أعضاء التنظيم ضمن اجتماع لأعضاء وقيادات الجماعة الإسلامية لمنطقة محمد بور غرب، بشكل قانوني، وقالت الشرطة إنّه بعد جمع الأدلة وإحكام الرقابة، تمت عملية المداهمة والاعتقال وتوجيه الاتهام.
التحريض على الفوضى
القائم بأعمال الأمين العام للجماعة الإسلامية، الشيخ أبو طاهر محمد معصوم، أصدر يوم السبت الماضي، بياناً أدان فيه بشدة قيام الأجهزة الأمنية باعتقال أعضاء جماعته، مدعياً أنّ اللقاء السري جاء ضمن الاجتماعات الاعتيادية السنوية للجماعة الإسلامية، وحاول تبرير سرية الاجتماع تحت زعم أنّ الحكومة لا تسمح لأي حزب سياسي معارض بإدارة البرامج السياسية بشكل عادي، على الرغم من أنّ الأحزاب الشرعية في البلاد تمارس عملها بشكل طبيعي.
معصوم اتهم الحكومة بممارسة وسائل القمع والتعذيب، ضد الآلاف من منسوبي ونشطاء الجماعة الإسلامية، مدعياً أنّ الجماعة، رغم ذلك، تواصل تسيير برامجها السياسية بكل سلمية.
وفي تناقض صريح مع شعار السلمية المزعوم، حرّض القائم بأعمال الأمين العام للجماعة الإسلامية على الفوضى، مطالباً الشعب البنغالي بما أسماه “رفع الصوت ضد هذه الممارسات القمعية للحكومة”.
بيان تصعيدي
من جهة أخرى، أصدر أمير الجماعة الإسلامية الشيخ شفيق الرحمن، بياناً تصعيدياً، يوم الإثنين الماضي، 21 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، قال فيه إنّ راية الإسلام سترفع على أرض هذه الدولة، رافعاً الشعارات الجهادية فيما وصف البيان أنّه جاء تعبوياً من الدرجة الأولى.
بيان أمير الجماعة الإسلامية، استدعى شخصية الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية، علي أحسن محمد مجاهد، الذي أعدمته الحكومة بحكم قضائي في الحادي والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، بتهم تتعلق بارتكارب جرائم حرب.
أمير الجماعة الإسلامية في بيانه، وصف علي أحسن مجاهد، بالشهيد صاحب البصمات الواضحة، والمساهمات البارزة في جميع الحركات الديمقراطية التي شهدتها البلاد، كما استعرض فترة تولي الأخير حقيبة الشؤون الاجتماعية، في العام 2001، زاعماً أنّه أدى دوره كوزير بكل أمانة ومسؤولية.
شفيق الرحمن ادعى كذلك أنّ “الحكومة البنغالية العلمانية المتغطرسة، بحسب وصف، قتلت الشيخ علي أحسن محمد مجاهد قضائيا، بعد أن فشلت في مقابلة الجماعة الإسلامية، سياسياً وميدانياً، حيث تم الدفع برجال حزبيين؛ للإدلاء بشهادات مزورة في المحكمة، وأدى ذلك في النهاية إلى إدانته من قبل المحكمة، التي كان يترأسها قاض فاسد حتى النخاع”، بحسب قوله.
والتقط مراقبون عدة خيوط جاءت ضمن الخطاب التصعيدي من قبل أمير الجماعة الإسلامية، ومن ضمن هؤلاء، يرى الدكتور أحمد أنور، المتابع للملف البنغالي، أنّ حزب الجماعة الإسلامية أصبح بلا غطاء شرعي بعد تجميد وضعه القانوني وسحب ترخيصه، وبالتالي يلجأ الحزب إلى عقد لقاءات سرية، والترتيب لعمليات إرهابية، ترصدها الشرطة باستمرار، والجماعة لا تنسى أبداً أنّها فقدت أربعة من كبار منظري العنف لديها، ولذلك تحاول في كل مرة التصعيد في ذكرى أحدهم، وهذه المرة تزامنت ذكرى إعدام الإرهابي علي أحسن مجاهد، مع الضربة الأمنية القاصمة التي وجهتها الشرطة للجماعة، يوم الجمعة الماضي، باعتقال العشرات من أعضائها، وفشل مخطط الإرهاب.
وبحسب أنور، فإنّ علي أحسن مجاهد، ثبت تورطه في عمليات اغتيال بربرية لكبار المثقفين في بنغلاديش، واستنفذ كل مراحل التقاضي، وقامت تظاهرات حاشدة في أرجاء البلاد تطالب بتنفيذ حكم الإعدام فيه، ورفض طلب العفو الذي تقدم به.
التمدد من خلال المساعدات
وعلى صعيد التمدد في الأوساط الفقيرة والأكثر احتياجاً، أطلقت الجماعة الإسلامية برنامج المساعدات الشتوي، في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، من خلال حملة توزيع المستلزمات الشتوية من ملاحف وبطاطين على الفقراء في مدينة بانشاغر، وافتتح الحملة مساعد الأمين العام للجماعة الإسلامية، الشيخ عبد الحليم، الذي قال في كلمة قصيرة له إنّ الجماعة الإسلامية دائماً ما تحاول الوقوف إلى جانب الشعب في مصائبه ومحنه.
ويعطى الارتباط بين الحملة الخيرية المزعومة، والاجتماع السري الذي داهمته الشرطة في شابار، فكرة عن آلية العمل داخل التنظيم الإخواني، من حيث تزامن التمدد الميداني داخل الأوساط الفقيرة، مع الحشد والعمل التعبوي، والتخطيط للفوضى على الصعيد التنظيمي، في نهج إخواني لا يتغير.
الجماعة الإسلامية قامت بافتتاح مركز لتوزيع المستلزمات الشتوية في مدينتي بانشاغر وكوريغرام، واحتشد عشرات الفقراء بين يدي أمير الجماعة الإسلامية لمدينة بانشاغر، إقبال حسين، والأمين العام للجماعة الإسلامية للمدينة الشيخ دلاور حسين وغيرهم من القياديين المحليين للإخوان، الذين مارسوا دعاية سياسية كبيرة، وحرصوا على قيام الفقراء بتقديم فروض الولاء للجماعة الإسلامية ولبرنامجها السياسي، قبل أن يتم المن عليهم بحفنة من المساعدات.
المصدر حفريات