نجاة السعيد
أثار انتصار منتخب المملكة العربية السعودية في كأس العالم لكرة القدم على العملاق الأرجنتيني، فرحة عارمة في جميع أنحاء العالم العربي، وهنا نتساءل هل العرب بحاجة إلى ما يفرحهم؟ ففي قطر كانت هناك قافلة من السيارات القطرية تجوب شوارع الدوحة وتقوم بالتزمير بعد فوز السعوديين، كذلك كانت هذه المشاهد المبهجة في بقية الدول العربية والغالبية نسيت الاختلافات المعقدة في السياسات الإقليمية، كما عبر العديد من العرب قادة وشعوباً عن تهانيهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي الإمارات، وكما عودتنا دبي، أضاء برج خليفة بألوان العلم السعودي الخضراء، أما في مصر لم أستطع أن أفرق ما إذا كنت بين مصريين أو سعوديين، فشعور البهجة والوحدة لا يوصف. وعلى الرغم من أن الفرح والبهجة وحد العرب في تجاوزهم لاختلافاتهم إلا أن دافع هذه البهجة يختلف من شعب إلى شعب آخر.
بالنسبة للشعب السعودي، بالإضافة إلى الدافع الوطني، من تعليق غالبية السعوديين نجد أن هذه اللحظات بالنسبة لهم ليست مجرد لعبة كرة قدم، بل لحظة بناء أمة يقودها قائد له رؤية شاملة ومشروع إصلاحي يشمل كل ركن من أركان الدولة بما فيها الرياضة. هذا الإصلاح في مجال الرياضة اتضح في حديث وزير الرياضة السعودي، الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، مع قناة CNN: «لقد استثمرنا في الرياضة بشكل كبير خلال الأعوام القليلة الماضية، وهذا الانتصار يُظهر النتيجة.
فقد قمنا بإعادة هيكلة الرياضة في المملكة لجعلها احترافية مثل أي مكان في العالم». أما بقية شعوب الدول العربية، فكانت الفرحة نابعة من أن الفوز ليس حكراً على الدول الغربية، وأنه لا يوجد شيء مستحيل، فهناك موهوبون عرب يمكنهم تحقيق التفوق على المسرح العالمي. فعلى الرغم من أن المنتخب الأرجنتيني يمثل أميركا الجنوبية إلا أن سمعته عالمية، وهناك الكثير من اللاعبين يلعبون في فرق أوروبية، وبالتالي هو يمثل التفوق الغربي. فمثلاً ليونيل ميسي، وهو من أبرز اللاعبين في منتخب الأرجنتين، الذي توج بجائزة الكرة الذهبية 7 مرات، يلعب في الدوري الفرنسي، وقضى معظم مسيرته الاحترافية مع برشلونة، وكذلك أنخيل دي ماريا يلعب لنادٍ إيطالي.
لكن ما شاهدته في مصر كان مختلفاً قليلاً، فبالإضافة إلى الشعور الأخوي العميق بين الشعب المصري والسعودي، إلا أن فرحتهم نابعة بسبب إعجابهم بالخط الحداثي التنويري الذي ينتهجه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وهو في نظر الكثير من المصريين أنه قائد التغيير الذي غير صورة بلاده وطورها في جميع المجالات، خاصة في تمكين المرأة ومشاركتها حتى في الفعاليات الرياضية. ما اكتشفناه من هذه الفرحة أن إبعاد الشعوب عن السياسة يمكن أن يوضح لهم أسباب النجاح، ويحسن لهم النظرة الإيجابية للأمور التي قد تعيق رؤيتها الاختلافات السياسية.
نقلاً عن “الاتحاد” الإماراتية