علي القحيص
واحد وخمسون عاماً ليست زمناً طويلاً في أعمار الشعوب والمجتمعات والأمم، بل فترة قصيرة جداً بمقاييس تواريخ الدول والحضارات وبناء الأوطان وتشييدها.. لكن المدهش أن يتم استثمار الزمن بشكل إيجابي، سريع وفعال، متوَّجاً بالنجاحات المتواصلة والإنجازات المتعاظمة، في سياق جهود تتضاعف لبناء دولة حديثة نشأت من العدم ونهضت سريعاً في جميع المجالات وعلى مختلف الصعد.
خلال هذا الزمن القصير، تحولت الصحراء إلى واحات غناء ومدن مزدهرة تعج بالحياة والنشاط والحركة والبنى التحتية ووسائل العيش الكريم والرفاهية والرخاء.. حتى صارت الإمارات نموذجاً يحتذى به في المنطقة والعالَم، لسرعة نموها وقوة حضورها وازدهار نهضتها وبنائها المتواصل، السريع والمبهر. لقد أصبحت أرقي دولة وأجمل بلد وأفضل وجهة.. لما حققته من قوة اقتصادية وازدهار تجاري وتطور عمراني وجاذبية سياحية.. لا منافس لها. لقد صارت المقصدَ الأول بالنسبة لكثير من الباحثين عن النجاح في أنحاء العالم. إنها دولة بُنيت وتأسست على أيدي قادتها الحكماء وبسواعد أبنائها البررة.. وقد صبروا جميعاً وثابروا حتى جنت الإماراتُ وسكانُها ثمارَ هذا الغرس الطيب.
قبل نصف قرن من الآن لم تكن هذه البقعة من الأرض على ضفاف الخليج مكاناً مقصوداً أو جاذباً للآخرين، لشح الموارد المائية والنباتية والزراعية فيها، لكن الله قيض لهذه الأرض وأهلها رجلاً حكيماً وصاحب بصيرة هو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، المؤسس العظيم الذي زرع وبذر وصبر وأسس ثم نجح وظفر. لقد وحّد هذه البلادَ المباركةَ وقامت على يديه دولة متميزة ناجحة، لتصبح من الدول الأكثر نجاحاً في مجالات الاقتصاد والتجارة والصناعة والزراعة والعمران والعلم والمعرفة.. خلال فترة قصيرة جداً، وما زالت تسابق الزمن لتبني وتنجز وتؤسس وتطور في كل يوم، ولتفاجئ الجميعَ بتفوقها وسرعة إنجازاتها ودقة عملها وسخاء عطائها.. متخطيةً كلّ الصعاب والعوائق، لتصبح الوجهةَ المفضلةَ للمستثمر والسائح والمقيم وطالب العلم والباحث عن عمل والمتطلع إلى الابتكار والإبداع والتميز.
لقد جلبت الجامعات المرموقة والمستشفيات العالمية والمصانع العملاقة والخبرات الفنية العالية والاستثمار العالمي.. في بيئة خصبة وناجحة وصالحة ومنتجة، لكي يعيش على أرضها بشر كثيرون ينتمون إلى أكثر من 200 جنسية ينحدرون من قوميات وطوائف ومذاهب وأديان وثقافات ولغات مختلفة.. يعيشون جميعاً تحت مظلة القانون وفي أفضل بيئة عمل وإنتاج. لقد احتوت دولة الإمارات هؤلاء جميعاً بصدر رحب وأفق واسع، واستوعبتهم بنموها السريع وازدهارها الواسع ونهضتها الملهمة وتجربتها الثرية الرائدة ومشاريعها المدهشة. إنها دولة تطلق المبادرات والابتكارات، في المجالات التجارية والثقافية والفنية والتراثية، وتدعم أي فكرة ذكية ومشجعة تخدم الإنسان وتطور مهاراتِه وتنمِّي مواهبَه.
في الإمارات لا تتوقف عقارب ساعة الزمن، لذا فقد تجاوزت الكثير من البلدان الأخرى التي سبقتها بعشرات ومئات السنين. إن دولة الإمارات التي تعانق بطموحاتها الفضاء، لا تتوقف في تطورها عند حد، ولا تعرف التردد أو الخوف من الفشل، بل تعمل ليل نهار، صيفاً وشتاءً.. وفي كل يوم تكشف عن مشروع جديد أكبر من كل ما سبقه.
هنيئاً لدولة الإمارات بِعِيد اتحادها الحادي والخمسين، وهو مناسبة أخرى للاحتفال بإنجازاتها ونجاحاتها، وهي ترنوا بطموح أبعد نحو المستقبل المشرق، وفق خطط استراتيجية لعقود وقرون قادمة من العمل المثمر والنجاح المبهر.
نقلاً عن “الاتحاد” الإماراتية