كريتر نت – متابعات
من المرتقب أن يصل الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى السعودية الخميس في زيارة لمدة يومين، تأتي وسط توترات شديدة بين الولايات المتحدة والبلدين، وفق ما نقلت “سي.أن.أن” عن مصدر مطلع على الرحلة، ومصدر دبلوماسي عربي واثنين من كبار المسؤولين العرب.
وذكرت المصادر الأربعة، التي اشترطت عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالتحدث لوسائل الإعلام، أن زيارة شي إلى الرياض ستشمل قمة صينية – عربية ومؤتمرا صينيا – خليجيا.
ومن المتوقع أن يحضر ما لا يقل عن 14 رئيس دولة عربية القمة الصينية – العربية، بحسب المصدر الدبلوماسي العربي الذي وصف الزيارة بأنها “علامة فارقة” للعلاقات العربية – الصينية.
وفي أكتوبر الماضي، أعلنت السعودية عن زيارة مرتقبة للرئيس الصيني إلى البلاد، وعقد ثلاث قمم خلال الزيارة، التي تنظر إليها المملكة باهتمام، وتعد من أجل إنجاحها.
وجاء الإعلان عن الزيارة عبر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال ترؤسه اجتماع لجنة الشؤون السياسية والخارجية الصينية – السعودية.
وقال الأمير فيصل بن فرحان في تصريحات بثتها قناة “الإخبارية” السعودية إن الاجتماع يسبق الزيارة المرتقبة للرئيس شي جين بينغ، مؤكدا العلاقة التاريخية التي تربط بلاده بالصين.
وأضاف الأمير فيصل بن فرحان أن بلاده “تعمل على إنهاء كافة الترتيبات لها من أجل نجاحها وتحقيق التطلعات المرجوة منها”.
وتأتي الزيارة في وقت لا تزال الولايات المتحدة والسعودية على خلاف حول إنتاج النفط، والذي بلغ ذروته في أكتوبر عندما خفضت منظمة أوبك+ بقيادة السعودية الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا، في محاولة لاستقرار الأسعار، رغم حملة الضغوط الأميركية.
وبعد التخفيض الهائل لإنتاج النفط الشهر الماضي، اتهم بعض المسؤولين الأميركيين السعودية بمساعدة روسيا والرئيس فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا، حسب ما ذكرت “سي.أن.أن”.
ونفى مسؤولون سعوديون استخدام النفط كسلاح أو الانحياز لروسيا.
وهدد بايدن في أكتوبر الماضي بأنه “ستكون هناك عواقب” على السعودية. كما قال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إنّ الرئيس يريد إجراء “إعادة تقييم” للعلاقة بين واشنطن والرياض بعد هذه الصفعة الدبلوماسية السعودية للولايات المتّحدة.
وأصبحت المملكة العربية السعودية، باعتبارها حليفا قويا للولايات المتحدة على مدى ثمانية عقود طويلة، تشعر بالمرارة إزاء ما تعتبره تراجعا في الوجود الأمني للولايات المتحدة في المنطقة، لاسيما وسط التهديدات المتزايدة من إيران ووكلائها اليمنيين المسلحين.
وتعتبر الصين عملاقا اقتصاديا في الشرق الأوسط، وهي على خلاف مع الولايات المتحدة بشأن تايوان، التي تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن مرارا وتكرارا بحمايتها في حالة تعرضها لهجوم صيني. أدى هذا الموضوع الشائك إلى تفاقم العلاقات غير المستقرة بين واشنطن وبكين، اللتين تتنافسان بالفعل على النفوذ في الشرق الأوسط المضطرب.
وبينما يتهم حلفاء الولايات المتحدة في الخليج العربي واشنطن بالفشل في احترام ضماناتها الأمنية في المنطقة، عززت الصين علاقاتها مع دول الخليج، وكذلك مع أعداء الولايات المتحدة إيران وروسيا.
وفي وقت سابق الأحد، قال محللون لرويترز إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستضيف الزعيم الصيني هذا الأسبوع، في لحظة حساسة في العلاقات الأميركية – السعودية، مما يشير إلى عزم الرياض على التعامل مع نظام عالمي مستقطب بغض النظر عن رغبات حلفائها الغربيين، وفقا للوكالة.
وفي استعراض للقوة كزعيم طموح للعالم العربي، سيجمع الأمير محمد أيضا حكاما من جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لحضور قمة صينية – عربية خلال زيارة الرئيس شي جين بينغ، المتوقع أن تبدأ الثلاثاء، وفقا للوكالة.
ونقلت رويترز عن أيهم كامل، رئيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا، قوله إن “الرياض تعمل وفقا لحسابات إستراتيجية يجب أن تستوعب بكين، لأنها الآن شريك اقتصادي لا غنى عنه”.
وقال المحللون للوكالة إن الولايات المتحدة رغم أنها لا تزال الشريك المفضل لدول الخليج التي تعتمد عليها في أمنها، إلا أن الرياض ترسم سياسة خارجية تخدم تحولها الاقتصادي الوطني، حيث يبتعد العالم عن الهيدروكربونات، شريان الحياة للسعودية.
وأضاف كامل “هناك بالتأكيد خطر من أن يؤدي توسيع العلاقات مع الصين إلى نتائج عكسية، ويؤدي إلى انقسام (إضافي) في العلاقات الأميركية – السعودية”.
وتأتي زيارة شي في وقت وصلت فيه العلاقات الأميركية – السعودية إلى أدنى مستوياتها، وتلقي الضبابية بظلالها على أسواق الطاقة العالمية، مع فرض الغرب سقفا لأسعار النفط الروسي، وفي الوقت الذي تتطلع فيه واشنطن بحذر إلى نفوذ الصين المتنامي في الشرق الأوسط.