كريتر نت – متابعات
راهن الكثيرون على عودة منتخب البرازيل “سيليساو” إلى سالف عهده بنسخة جديدة يتقمصها جيل نيمار الذي وضعت عليه جميع التكهنات بأن يكون بطل مونديال قطر، لكن حضر الممنوع وودّع البرازيليون كأس العالم في وقت مبكر للمرة الرابعة على التوالي، ليتأجل حلم التتويج مرة أخرى. لكن السؤال الذي يطرحه المولعون بالمنتخب الأصفر ومروضي كرة القدم: هل عجزت الكرة البرازيلية عن إنجاب جيل ملهم يعيد إليها أمجادها؟
وأسئلة خبراء كرة القدم تتعلق أساسا حول المسؤولية الكامنة وراء جيل كامل أو أكثر من جيل عجز عن الإيفاء بوعود الأولين في بلد عرف بشغف اللعبة الشعبية وأنجب عبر تاريخه الطويل أكثر من أسطورة خالدة ليس أولهم أو آخرهم معبود البرازيليين الدائم بيليه.
لكن كما يقال دائما فإن “لكل شيء أحكامه مثلما للكرة أحكامها هي أيضا”، وقد أبت ألا تنصف هذا الجيل الذي أبدى استعدادا قويا لحصد لقب مونديال 2022 في قطر وعانده الحظ ليتأجل الحلم مرة أخرى.
دخل إلى نهائيات مونديال قطر محمولا برغبة جامحة لإحراز اللقب للمرة الأولى منذ 2002 والسادسة في تاريخه، لكن لعنة جيل نيمار ضربته مجددا ليتأجل حلم المنتخب البرازيلي أربعة أعوام أخرى بعد انتهاء المشوار عند ربع النهائي.
وانتهى الحلم وبدا نيمار مجددا عاجزا عن السير على خطى أسلافه الكبار بعد السقوط المفاجئ على يد كرواتيا بركلات الترجيح، خلال مباراة تبخرت فيها فرحة نجم باريس سان جرمان الفرنسي بمعادلة رقم الأسطورة بيليه من حيث عدد الأهداف بألوان “السيليساو”.
◙ بالسقوط قبل الدور نصف النهائي لم يكن أداء نيمار ورفاقه أفضل مما كان عليه الوضع أعوام 2006 و2010 و2018
واعتقد فريق المدرب تيتي أن كل الفرص قائمة هذه المرة لمنح بلاده لقبا طال غيابه بعد حملة تصفيات مثالية وتألق معظم نجومه، لاسيما في خط المقدمة بوجود نيمار وفينيسيوس جونيور ورودريغو.
وضع تيتي فريقه على السكة الصحيحة ونفض عنه غبار الهزيمة التاريخية أمام ألمانيا 1 – 7 في نصف نهائي مونديال 2014، من خلال قيادته إلى التتويج بكوبا أميركا عام 2019 ثم خاض تصفيات أميركا الجنوبية من دون أيّ هزيمة.
ورفع تيتي السقف بقوله لصحيفة “ذي غارديان” البريطانية في يونيو الماضي “يجب أن نبلغ النهائي ونصبح الأبطال. هذه الحقيقة. في روسيا كنت المدرب في ظروف مختلفة (بعد إقالة دونغا). اليوم لديّ فرصة إكمال دورة السنوات الأربع. التوقعات مرتفعة لكنني مركز على العمل”.
وخاض تيتي نهائيات قطر بخطوط تتمتع بخبرة هائلة بدءا من حارس ليفربول الإنجليزي أليسون، وقطبي قلب الدفاع تياغو سيلفا وماركينيوس، مرورا بخط الوسط بوجود كازيميرو ومجموعة رائعة من المهاجمين بقيادة نيمار.
لكن كل شيء انتهى على يدي الحارس الكرواتي دومينيك ليفاكوفيتش والقائم الأيمن اللذين صدا ركلتي ترجيحيتين لرودريغو وماركينيوس، ما يعني أن الحلم بنجمة سادسة بات معلقا أقله لـ24 عاما، أي الفترة الممتدة من اللقب الأخير عام 2002 والمونديال المقبل عام 2026، لتتكرر فترة عجاف اختبرها المنتخب بين لقبه الثالث عام 1970 بقيادة بيليه والرابع عام 1994 بقيادة روماريو.
وبالسقوط قبل الدور نصف النهائي، لم يكن أداء نيمار ورفاقه أفضل مما كان عليه الوضع أعوام 2006 و2010 و2018، فيما كانت أفضل نتيجة منذ تتويج 2002 الوصول إلى نصف النهائي عام 2014 على أرض “السيليساو” حين تلقى هزيمة مذلة تاريخية أمام ألمانيا 1 – 7.
دموع الخيبات المتتالية
من الواضح أن هذا يثير مسألة التوقعات الهائلة الموضوعة على أكتاف اللاعبين البرازيليين والضغط الذي يعيشونه جراء الرغبة المتواصلة بإحراز هذا اللقب السادس. وأقر الجناح رافينيا قبل النهائيات “نحن نحمل هذا الوزن مثل كل البرازيليين. منذ 2006، أراد الجميع أن تفوز البرازيل بالنجمة السادسة”.
لكن الأعوام تمر وتأجل الحلم الآن حتى 2026 حين تنظّم البطولة في القارة الأميركية إنما في القسم الشمالي منها مشاركة بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك.
لكن النسخة الـ23 من النهائيات ستكون بلا شك دون تياغو سيلفا (38 عاما حاليا)، داني ألفيش (39 عاما) والأهم دون نيمار الذي ألمح العام الماضي من أن كأس العالم في قطر ستكون على الأرجح “الأخيرة” له.
وقال نجم سان جرمان لمنصة “دازون” للبث التدفقي “لا أعرف إذا ما سأظل حتى حينها أتمتع باللازم والذهنية لتحمل المزيد من كرة القدم”. وكرّر ذلك بعد الخسارة “أنا لا أغلق أيّ أبواب على المنتخب الوطني، لكن أيضا لا أضمن 100 في المئة أنني سأعود”.
وقد يعدل نيمار عن موقفه بعد تبخر الحلم، إذ بإمكانه مواصلة اللعب على أعلى المستويات حتى حينها كونه لم يتجاوز الثلاثين من عمره ولديه عقد طويل مع سان جرمان.
ووجّه أسطورة كرة القدم البرازيلي بيليه رسالة تهنئة ومواساة إلى مواطنه نيمار عقب معادلته لرقمه القياسي في عدد الأهداف الدولية وخروج “راقصي السامبا”.
ونشر بيليه رسالة تهنئة ودعم طويلة جاء فيها “لقد رأيتك تنمو، وشجعتك كل يوم، وأخيرا يمكنني أن أهنئك على معادلة عدد أهدافي مع المنتخب البرازيلي”. وتابع “كلانا يعرف أنه أكثر من مجرد رقم. الهام رفاقنا في اللعبة، الهام أجيال المستقبل وقبل كل شيء أولئك الذين يحبون رياضتنا”.