كريتر نت – متابعات
يشير خبراء التواصل إلى أن دور وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن حصره في تشتيت أفراد الأسرة وانعزالهم عن بعضهم البعض، بل يمكن أن تكون هذه الوسيلة جامعة لهم ومادة لالتقاء الآباء والأبناء وبناء حوار إيجابي بين الطرفين إذا أحسنا استخدامها، حيث يمكن أن يتعلم الآباء اللغات والاطلاع على ثقافات جديدة.
ويؤكد خبراء علم الاجتماع أن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، فكما يمكن أن تدمر العلاقات الأسرية وتعصف بها يمكن أيضا أن تقويها وتزيد من متانتها، شرط كيفية حسن استغلالها.
ويشير الخبراء إلى أن الآباء اليوم باتوا يكتسبون بعض المهارات من الأبناء، أو العكس، كتعلّم اللغات والاطلاع على ثقافات جديدة، بفضل التطبيقات الإلكترونية، وبالتالي أصبحت التكنولوجيا مادة لالتقاء الآباء والأبناء، فضلا عن بناء حوار إيجابي وعلاقة تشاركية قوية ومرنة بين الطرفين.
ولفتوا إلى أن بعض الآباء يشركون أبناءهم في مجموعات أدبية، تتيح لهم نشر مقالاتهم وتتيح فرصة لنقدها من كتاب آخرين، فتقوى شخصية الطفل تحت إشراف الأب.
وقال الخبراء إن الابن يقلد أباه كقدوة له، من خلال ما يتابعه من أخبار أو أعمال على مواقع التواصل. وقد أدرك الآباء أهمية التفاعل الإيجابي عبر التكنولوجيا وأثرها في توجيه الطفل عبر اهتماماته البنّاءة.
ووفقا للعديد من الخبراء يمكن استخدام التكنولوجيا بطريقة إيجابية لإقامة صلة بين الآباء والأبناء، عبر دمج التكنولوجيا في وقت العائلة بما يؤدي إلى تعزيز الترابط بين أفراد الأسرة والتشارك في الاستفادة من مزايا منصات التواصل الاجتماعي.
وقال أحمد الأبيض خبير علم النفس إن لكل من الابن والأب عمليا هاتفه الخاص ويمكن أن يكون الطرفان منشغلين بأمورهما الخاصة، لكن يمكن أن نجعل هذه الوسيلة الاتصالية منطلقا لحوار بين الطرفين.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن الأب يمكن أن يكلف الابن بمتابعة فيديو لمدة 5 دقائق ثم يتناقشان بخصوصه، وهو ما يمكن أن يساعد الطفل على الحصول على المعلومة في خطوة أولى، وتعلم كيفية مناقشتها في خطوة ثانية، ما يغذي ملكة النقد لديه.
وأشار الأبيض إلى أن الجانب الآخر الأكثر إفادة في وسائل التواصل الاجتماعي هو معرفة اللغات، حيث بإمكان الآباء أن يساعدوا أبناءهم على تعلمها من خلال تكليفهم بمتابعة قصص أو رسوم متحركة بلغات مختلفة.
ويحتاج الأبناء في سن المراهقة إلى الإرشاد والنصح من طرف الآباء. ولأن فترة المراهقة فترة حساسة تصبح صداقة الآباء والأبناء أمرا ضروريا لحمايتهم من الانحراف السلوكي والفكري. ويشير خبراء علم الاجتماع إلى أن صداقة الآباء مع الأبناء على مواقع التواصل الاجتماعي من شأنها أن تسهم في تقوية علاقاتهم بهم في الحياة اليومية خارج الإنترنت.
ويرى الخبراء أن التكنولوجيا أتاحت للعائلة فرصة الاستمتاع بالوقت والتسلية من خلال الأفلام أو الألعاب الإلكترونية، بحسب وقت الآباء والأبناء.
كما وفرت نوعا من المرونة في التعامل مع وقت الآباء والأبناء لمتابعة الواجبات على الواتساب، أو التواصل مع المدرّس والاستفادة من المادة المتاحة على الشبكة لحل الواجبات.
وأشاروا إلى أن فرصة العمل عن بعد قوّت الروابط الأسرية، وأوجدت جوا جديدا للقيام بالواجبات الأسرية ومتابعة الأبناء، ما ساعد الآباء والأبناء في البحث عن مواضيع ذات علاقة بمناهجهم وعمل مشاريع بتوجيه من الأب، الأمر الذي أسهم في تضييق الفجوة بين الآباء والأبناء.
وأدى تنامي استخدام الأطفال والمراهقين لمواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف أنماطها، إلى اهتمام الأسر بثقيف أنفسها بشأن الأضرار والتداعيات السلبية لتلك المواقع على الأبناء، وكذلك الآثار الإيجابية التي يمكن أن تحدثها المنصات الاجتماعية بالنسبة للعائلات.
وأشارت دراسة بعنوان “أثر مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الأسرية من وجهة نظر طلبة جامعة اليرموك في ضوء بعض المتغيرات” إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تتميز بمميزات عديدة مما جعل عدد مستخدميها يزداد بصورة واضحة وسريعة، وهذا ما يلاحظ من كثرة المستخدمين لمواقع فيسبوك وواتساب وتويتر، حيث بلغ عدد هذه المواقع 200 موقع عالمي.
وقدمت دراسة حديثة لجامعة “بريغهام يونغ” الأميركية نموذجا مختلفا لشكل العلاقة بين الوالدين والأبناء في الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام، إذ ترى أن صداقة المراهقين ومتابعتهم لآبائهم وأمهاتهم عبر الشبكات الاجتماعية وتواصلهم من خلالها، تسهم في تقوية علاقاتهم بهم في الحياة اليومية خارج الإنترنت، كما أن هذا التواصل يؤثر إيجابيا في الأبناء فيميلون لمساعدة الآخرين والتعاطف معهم.
وتشير الدراسة إلى أن هذه المواقع تفتح قناة جديدة للتواصل بين الوالدين والأبناء بالنظر إلى أهميتها بالنسبة إليهم، وتعبيرها عن اهتماماتهم وطريقة تواصلهم مع الآخرين.
وبحسب دراسة لمركز “بيو” للأبحاث، فإن معظم المراهقين يستخدمون الشبكات الاجتماعية. وتوفر هذه المواقع فرصا متعددة للآباء والأمهات للاقتراب من أبنائهم، مثل الإعجاب بواحدة من صورهم في فيسبوك أو كتابة تعليق إيجابي على صورة أو تحديث كتبه أحدهم، كما تُطلع الآباء
على جزء مهم من عالم أبنائهم وأصدقائهم واللغة التي يستخدمونها، من دون أن تُشعِر الأبناء بوجود رقابة متعمدة على سلوكهم.
ويمكن أن يكون لانخراط الأسرة في وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الفوائد الإيجابية، عبر إظهار الجانب الأكثر إيجابية من هذه الأدوات التي توفرها مواقع التواصل للأطفال، فعلى سبيل المثال يمكن البحث معا عن المؤثرين الإيجابيين الذين يتحدثون من واقع التخصص والعلم عن موضوعات ذات قيمة، مثل التوعية الصحية أو تقديم دروس في التاريخ تعمل على تعزيز الهوية، وهو ما يساعد الأبناء في معرفة المزيد حول المنصة الذي يريدون قضاء وقتهم فيها عندما يبدؤون في إنشاء ملفاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.
الآباء باتوا يكتسبون بعض المهارات من الأبناء، أو العكس كتعلّم اللغات والاطلاع على الثقافات، بفضل التطبيقات
كما تعد بعض تطبيقات التواصل الاجتماعي طريقة رائعة لمساعدة الأبناء على البقاء على اتصال مع الأجداد أو أفراد الأسرة الآخرين وتعلم عادات جيدة، فوجود تطبيق مثل “ميسنجر كيدز” على الأجهزة الخاصة بالعائلة يساعد الأطفال على التواصل مع العائلة والأصدقاء الواقعيين تحت إشراف والديهم، إذ يستمتع الأطفال في هذه الحالة بفلاتر الصور ويلعبون الألعاب معا أثناء الاتصال فقط بالأشخاص الذين تتم الموافقة عليهم من حسابات الوالدين. وتعد هذه الممارسة درسا جيدا للأطفال لتعلم وممارسة العادات الجيدة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا، ومساعدتهم عندما يكبرون بما يكفي لاستخدام أجهزتهم الخاصة بمفردهم.
ويمكن استخدام محتوى مواقع التواصل الاجتماعي لبناء اتصال فريد بين الآباء وأبنائهم المراهقين، فبينما يسارع الأشخاص إلى الاستشهاد بالتأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على العائلات، فإن هناك الكثير من الأشياء الجيدة أيضا والتي تتجاوز مجرد مشاركة المحتوى مع أفراد الأسرة. وللاستفادة الكاملة من التأثيرات الإيجابية العديدة لوسائل التواصل الاجتماعي، من الأفضل العمل على إنشاء المحتوى الرقمي بدلا من استهلاكه.
فعلى الرغم من أن مشاركة المنشورات مع أفراد العائلة أمر رائع لتبادل الضحك والابتسامة والاستفادة أيضا، لكن لا يوجد شيء يضاهي العمل معا لتحويل الأفكار إلى محتوى رقمي ممتع، فذلك يقوي الرابطة الأسرية ويوفر مصدرا رائعا للترفيه.
كما أنه مفيد للآباء، لأن التعاون في المحتوى يمنحهم رؤية أكبر لنوع الوسائط التي يستهلكها الأبناء عبر الإنترنت، وهنا سيكون الآباء قادرين على ضمان الحفاظ على استخدام الأبناء لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل سليم.