كريتر نت – متابعات
أشاع خفض البنك الدولي الثلاثاء توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين خلال عامي 2022 و2023 والمرتبطة خصوصا بكوفيد والأزمة العقارية، قلقا من أن تتسرب هذه المعضلة إلى الخارج.
وخلال توقعاته في الصيف الماضي، أعرب خبراء البنك عن قلقهم حيال نمو الصين التي كانت لا تزال تفرض سياسة “صفر كوفيد” الصارمة والمعيقة جدا للنشاط الاقتصادي.
لكن السلطات في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم أحدثت بشكل مفاجئ تحولا جذريا مطلع هذا الشهر بتخليها عن غالبية القيود المعمول بها منذ ثلاث سنوات تقريبا مع تسجيل أولى الإصابات في ووهان في وسط البلاد نهاية العام 2019.
ويخشى الخبراء من أن تكون الصين غير مستعدة جيدا لموجة الإصابات الناجمة عن رفع القيود، في حين لا يزال الملايين من المسنين ومن هم في وضع صحي ضعيف من دون تلقيح.
وفي ظل هذه الأجواء، رأى البنك الدولي أن إجمالي الناتج المحلي للبلاد سيسجل نموا نسبته 2.7 في المئة بنهاية هذا العام ومن ثم يقفز إلى 4.3 في المئة العام المقبل.
ويشكل ذلك تراجعا واضحا مع التوقعات السابقة للبنك الذي رأى في يونيو الماضي أن إجمالي الناتج المحلي الصيني سينمو بنسبة 4.3 في المئة خلال 2022 ونحو 8.1 في المئة خلال العام المقبل.
وبلغ النمو العام الماضي 8.1 في المئة مقارنة بالعام السابق حين عرف النشاط شللا في بداية الجائحة مع إجراءات الإغلاق التام في ووهان.
وشدد البنك الدولي على أن “آفاق النمو في الصين عرضة لمخاطر كبيرة”، ذاكرا خصوصا “المسار غير المؤكد للجائحة”.
وثمة مخاوف من أن الكآبة التي ارتسمت على وجه الاقتصاد الصيني نتيجة انكماش الأعمال قد ترتد إلى الأسواق العالمية لارتباطها الكبير بالتجارة مع هذا البلد.
وتعاني العاصمة بكين البالغ عدد سكانها 22 مليون نسمة خصوصا من موجة غير مسبوقة من الإصابات منذ بدء الجائحة وقد انتشرت بشكل سريع جدا في الأيام الأخيرة.
وتفيد شهادات أن المستشفيات تواجه أعدادا كبيرة من الحالات في حين أن ثمة نقصا في أدوية العلاج في الصيدليات.
ورأى البنك الدولي أن “الجهود الهادفة إلى زيادة التلقيح ولاسيما المجموعات المعرضة أكثر من غيرها، قد تسمح بإعادة فتح (البلاد) بطريقة أكثر أمانا وأقل اضطرابا”.
وخوفا من الإصابة بكوفيد، يلزم الكثير من الصينيين منازلهم الأمر الذي يؤثر سلبا على الاستهلاك في حين أغلقت الكثير من المتاجر أبوابها. ويقول البنك أن النمو رهين “سلوك الأسر والشركات” في الأسابيع والأشهر المقبلة.
وبموازاة ذلك تشهد البلاد أزمة عقارية غير مسبوقة فيما يشكل هذا القطاع محركا للنمو الصيني.
ويعاني هذا القطاع الذي يشكل مع قطاع البناء أكثر من ربع إجمالي الناتج المحلي الصيني، منذ أقرت بكين إجراءات في العام 2020 لخفض مديونية الشركات.
وبعد تسجيل ارتفاع هائل على مدى سنوات، تراجعت المبيعات العقارية في الكثير من المدن. ويكافح الكثير من المقاولين للاستمرار الأمر الذي يضعف قطاع البناء الذي يضم الآلاف من الشركات.
وحذر البنك من أن “التوتر المتواصل في القطاع العقاري قد تكون له تداعيات على الاقتصاد الكلي وأخرى مالية، أوسع”.
ومن الأسباب الأخرى التي تثقل كاهل الاقتصاد الصيني، الحرب في أوكرانيا والتضخم، فضلا عن التباطؤ في الطلب على المنتجات المصنعة في ظل خوف من حصول ركود عالمي.
وكانت بكين حددت في مطلع السنة الحالية هدفا بتحقيق نمو نسبته 5.5 في المئة هذا العام، لكن خبراء الاقتصاد باتوا يعتبرون ذلك غير قابل للتحقيق.
وهذه النسبة إن تحققت ستبقى أسوأ أداء للبلاد في غضون أربعة عقود باستثناء العام 2020 الذي تأثر ببدايات الجائحة.
وفي خضم الأزمة، أبقى البنك المركزي الصيني الثلاثاء على أسعار الفائدة دون تغيير للشهر الثالث تواليا في ظل تراجع قيمة اليوان أمام الدولار مما يحد من مساحة الحركة أمام السياسة النقدية.
◙ بكين كانت قد حددت هدفا بتحقيق نمو نسبته 5.5 في المئة هذا العام لكن خبراء الاقتصاد باتوا يعتبرون ذلك غير قابل للتحقيق
وقرر المركزي استمرار الفائدة على قروض السنة الواحدة الأولية عند مستوى 3.65 في المئة، في حين أبقى على الفائدة على قروض السنوات الخمس عند مستوى 4.3 في المئة.
وكان البنك قد خفض هذه الفائدة في أغسطس الماضي وفي مايو الماضي بمقدار 15 نقطة أساس في كل مرة، وفي يناير الماضي بمقدار 5 نقاط أساس.
ويتم تحديد الفائدة على القروض الأولية بشكل شهري على أساس الطلبات المقدمة من 18 بنكا رغم أن المركزي يمتلك سلطة على تحديد الفائدة. وقد تم اللجوء إلى هذه الآلية لتحديد أسعار الفائدة كبديل للآلية التقليدية في أغسطس 2019.
وأظهرت بيانات أوردتها وكالة شينخوا أن قطاع الائتمان الصيني توسع بشكل مطرد خلال الربع الثالث من 2022.
وبلغت قيمة الأصول الائتمانية أكثر بقليل من 21 تريليون يوان (أكثر من 3 تريلون دولار) حتى نهاية سبتمبر الماضي، بزيادة تناهز 3 في المئة على أساس سنوي، وانخفضت القيمة بنسبة 0.17 في المئة على أساس ربع سنوي.
وفيما يتعلق بالاستثمار الائتماني، ذهبت 26.3 في المئة من الأموال، وهي الحصة الأكبر على الإطلاق، إلى المؤسسات الصناعية والتجارية، مما يشير إلى استمرار دعم القطاع للاقتصاد الحقيقي.
وشكل الاستثمار في الأوراق المالية 4.31 في المئة والسندات نحو 21.77 في المئة، بينما حصل القطاع العقاري على 8.53 في المئة من إجمالي الاستثمار.