كريتر نت – متابعات
يقود العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وساطة بين المغرب والجزائر وبين الجزائر وإسبانيا تهدف إلى إعادة ضخ الغاز الجزائري عبر الأنبوب المغاربي المتوقف منذ نحو سنة، حيث يجري التحضير لعقد لقاءات سرية في سويسرا بين مسؤولين من البلدان الثلاثة خلال الأيام المقبلة.
وأفادت صحيفة “لافانغوارديا” الإسبانية بأن “زيارة الملك عبدالله إلى الجزائر كانت بغرض إجراء وساطة بينها وبين كل من إسبانيا والمغرب”، مرجحةً أن تكون الولايات المتحدة قد أوعزت إليه بتولي هذه المهمة، نظرا إلى ما تتسم به شخصيته في المنطقة من ميل إلى تحقيق السلام.
ومن غير المستبعد أن يكون العاهل الأردني قد تلقّى مؤشرات إيجابية من الجانب الجزائري، خلال المشاورات التي جمعت بينه وبين الرئيس عبدالمجيد تبون، بشأن تخفيف التوتر الدبلوماسي في المنطقة، انطلاقا من إعادة ضخ الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر الخط المغاربي المار من المغرب.
وكان العاهل الأردني قد قام بزيارة إلى الجزائر مطلع ديسمبر الجاري في إطار جولة قادته إلى عواصم أوروبية وعربية، وهي روما والقاهرة ثم الجزائر، وأثارت الزيارة آنذاك تساؤلات لدى المراقبين، باعتبار أنه كان قد التقى الرئيس تبون في قمة المناخ، بالإضافة إلى توقعات تفيد بوجود فتور في العلاقات بين البلدين ترجمه غياب العاهل الأردني عن القمة العربية الحادية والثلاثين التي احتضنتها الجزائر في مطلع نوفمبر الماضي.
وذكرت تقارير محلية جزائرية أن “ملك الأردن توصل إلى اتفاق مبدئي مع الجزائر لإعادة ضخ الغاز عبر الخط المغاربي في آجال قريبة، وهي الخطوة التي بإمكانها تخفيف التوتر القائم في المنطقة منذ نحو عام، سواء بين الجزائر وإسبانيا أو بين الجزائر والمغرب، على اعتبار أن المنشأة الغازية توفر حلولا مريحة للبلدين”.
وكانت الجزائر قد أعلنت في نهاية أكتوبر من العام الماضي وقف ضخ الغاز عبر الخط المغاربي المار بالتراب المغربي، في إطار خطوة تصعيدية بسبب الخلافات التي تراكمت بين البلدين، وهو ما عمق الأزمة القائمة، خاصة بعد إقرار الجزائر تجميد اتفاق الشراكة الإستراتيجية مع مدريد في يونيو الماضي.
وفوت القرار، الذي وصفه مراقبون بـ”المتسرع وغير المدروس”، على الجزائر فرصة الاستفادة بشكل أكبر من ارتفاع أسعار الغاز ومضاعفة التصدير إلى أوروبا في ظل الأزمة العالمية الناجمة عن الحرب الروسية – الأوكرانية.
وفيما لجأت مدريد والرباط إلى البحث عن بدائل لحاجياتها من الغاز، أكدت الجزائر التزامها باتفاقياتها المبرمة مع إسبانيا عبر الخط المار بحوض المتوسط مباشرة، وتحاول الآن تغيير وجهة هذه الشراكة إلى إيطاليا بإبرام اتفاقية ضخ إضافي عبر خط “غالسي”.
لكنّ بيانات مختصة أقرّت بأن تراجع كميات الغاز الجزائري المصدّر إلى إسبانيا يعود إلى أسباب متضاربة؛ فالبعض رجّح كفة ارتدادات الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، والبعض الآخر رجّح فرضية المسائل التقنية، مما أدى إلى تراجع هذه الكميات في السوق الإسبانية لحساب ممونين آخرين كقطر والولايات المتحدة وحتى روسيا.
ويرى مختصون أن الخط المغاربي الذي يمكنه نقل حوالي 12 مليار متر مكعب سنويا، بإمكانه إعادة تأمين كميات الغاز في المنطقة، وتلبية حاجيات إسبانيا والمغرب، كما أنه يمكّن الجزائر من تصدير مريح لكميات إضافية إلى السوق الأوروبية، في حال تمت العودة إلى الوضع الطبيعي.
ولفتت الصحيفة الإسبانية إلى أن لقاءات سرية مرتقبة يتم الترتيب لها في سويسرا لجمع مسؤولي البلدان الثلاثة من أجل احتواء الخلافات القائمة بينهم، وإعادة الضخ إلى الخط المغاربي، مما يسمح بخفض حالة التوتر السياسي القائمة، والدخول في تطبيع تدريجي خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.
ويبدو أن العاهل الأردني يركز بشكل متواز في وساطته، التي من المرجح أن تكون قد بدّدت التعنت الجزائري، على عودة الغاز الجزائري إلى إسبانيا وخفض التوتر مع المغرب، وحتى تبديد الفتور الذي ساد العلاقة بين الجزائر ودول خليجية.