كريتر نت – العربي الجديد
يتجه اليمن عبر تشكيل لجنة مختصة إلى حصر ومعالجة كافة الالتزامات المستحقة عليه للدول والصناديق والمؤسسات المالية والمصرفية الإقليمية والدولية.
ويعاني اليمن من ارتفاع في نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي بسبب الحرب الدائرة في البلاد من 22% عام 2014، إلى أكثر من 62% حالياً، حسب بيانات رسمية، متأثرا بانكماش النشاط الاقتصادي والتدهور المالي وتهاوي واضطراب العملة المحلية.
ورغم استقرار قيمة الدين العام الخارجي دون 7 مليارات دولار خلال الأعوام من 2014 إلى 2017، إلا أنها ارتفعت بمبلغ ملياري دولار بسبب الوديعة السعودية عام 2018.
وقال مصدر مصرفي مسؤول، فضل عدم ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”، إن هناك مناقشات جارية لإقرار وتنفيذ خطة تستهدف حصر ومعالجة الديون الخارجية والالتزامات المستحقة على اليمن بحيث تشمل العام الجاري والأعوام السابقة.
وأقدمت الحكومة اليمنية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على تشكيل لجنة خاصة بحصر ومعالجة الديون تضم الجهات المعنية لإعداد تقرير متكامل يتضمن رؤية وتوصيات شاملة لالتزامات الدولة، ومراجعة ما تم في اتفاقيات تعليق سداد خدمة الدين، واقتراح جدولة الالتزامات بحسب الأولوية مع تحديد الحد الأدنى لسداده منها.
ويأتي ذلك، في ظل الاتجاه نحو دراسة أفضل السبل والمعالجات الممكنة لتلك الالتزامات لضمان المحافظة على استئناف برامج الدعم التنموي والفني وتبادل الدعم السياسي، وتحديد ما يمكن اتخاذه من إجراءات وطرق لمعالجة هذا الملف، للبحث مع الجهات الأكثر أهمية عن الوسائل المتاحة لتخفيف أعباء الدين أو إلغائه أو إعفاء جزئي أو إبطاء وإيقاف نمو الفائدة.
ويرى الخبير المالي والاقتصادي مجدي عامر، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن الديون المتراكمة على اليمن طوال السنوات الماضية والمرحلة من فترة ما قبل الحرب تعد بمثابة قنبلة موقوتة، في حال لم تتم معالجتها قد تؤدي إلى نسف كل ما تعتزم الحكومة تنفيذه من خطط وإجراءات تستهدف إصلاح المنظومة المالية والاقتصادية المختلة في البلاد بفعل الحرب وما أحدثته وتسببت به من أزمات وانقسام مالي ونقدي واسع.
وأجرت المؤسسات اليمنية طوال الشهر الماضي نقاشات معمقة لمختلف التطورات في قطاعات الاقتصاد اليمني وآفاقه المستقبلية مع الصناديق والمؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين.
خلصت النقاشات إلى حاجة اليمن لمزيد من الإجراءات التصحيحية، وما يتطلبه من الدعم المادي والفني للدفع بعملية الإصلاحات والمحافظة على الاستقرار، وتحقيق الأمن الغذائي لقطاع كبير من سكان البلاد، والذي تضرر من آثار الحرب الجارية منذ ثماني سنوات، وضاعفت الحرب في أوكرانيا خسائره في ظل ما سببته من زيادات كبيرة في أسعار الغذاء والوقود، إضافة إلى انخفاض المساعدات الخارجية.
ويعتقد الباحث في مركز الدراسات المصرفية فهد درهم، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، أن مشكلة الديون المتراكمة على اليمن، والتي تحاول السلطات المعنية التقليل من حجمها وخطورتها، تقف عقبة رئيسية تعرقل استفادة البلاد من المصادر التمويلية الدولية والتسهيلات الائتمانية والقروض والمنح التي تقدم للتخفيف من الصدمات الغذائية، في ظل تمدد أزمة الغذاء بصورة تفوق قدرات المؤسسات الحكومية على مواجهتها.
ويلفت درهم إلى حاجة اليمن لمعالجة كثير من الاختلالات الاقتصادية والمالية والإدارية قبل الإعلان عن الموازنة الجديدة للعام القادم، إذ تحتاج في هذا الصدد إلى مساعدة الجهات والمؤسسات المالية الدولية لإعداد الموازنة وتنظيم القنوات الإيرادية والفنية في الجوانب المالية والنقدية والاقتصادية.
وتطالب المؤسسات والصناديق المالية والتمويلية الدولية الحكومة اليمنية بتنفيذ العديد من الإجراءات للاستفادة من تسهيل صدمة الغذاء البالغ 230 مليون وحدة حقوق سحب خاصة.
وكثفت الجهات الحكومية المعنية في اليمن من تحركاتها خلال الفترة الماضية للحصول على المساعدات الفنية في جوانب إدارة الدين العام والاحتياطيات، واستخدام أدوات الدين لتمويل عجز الموازنة وتعزيز أنظمة الرقابة والإفصاح، ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وأنظمة المدفوعات والنقود الإلكترونية.
تتزامن توجهات الحكومة اليمنية الجديدة مع البدء بإعداد الموازنة العامة للدولة للعام 2023، وذلك بتشكيل لجنة عليا للموازنات العامة للسنة المالية المقبلة، للعمل على إعداد الموازنة وسقوفها التأشيرية على المستويين المركزي والمحلي، وتنظيم الوحدات المستقلة والملحقة والصناديق الخاصة، في ضوء السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية للدولة، وبما يتفق مع تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاستدامة المالية، مع تحديد تقديرات كافة الموارد المالية المتاحة محليا وخارجياً والحد الأعلى لسقوف أبواب الاستخدامات العامة في ظل هذه الموارد.
وكان البنك الدولي قد توقع أن تصل مدفوعات خدمة الدين في البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية إلى 62 مليار دولار في عام 2022، لافتاً في تقرير حديث صدر في 6 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، إلى استفحال أزمة الديون التي تواجه البلدان النامية مثل اليمن، وهو ما يتوجب عليه اتباع نهج شامل لتخفيض تلك الديون وزيادة الشفافية بشأنها وتسريع إعادة هيكلتها.