سراج الدين الصعيدي
كاتب مصري
واصلت ميليشيات الحوثي الإرهابية خلال العام 2022 تدمير مؤسسات الدولة، واستحداث هيئات ومؤسسات غير قانونية، وإحلال عناصر موالية لها محل الكوادر المؤهلة بدوافع عنصرية مقيتة.
وأضافت الميليشيات الحوثية إلى مجلس الشورى في صنعاء (40) عضواً خلال العام 2022، لضمان أقصى درجات السمع والطاعة لكافة التوجهات، حتى لو كان فيها خراب البلاد وضرر العباد، وفق ما نقل موقع “يمن نيوز”.
وعلى الصعيد الحكومي أضافت الميليشيات الموالية لإيران (6) وزراء افتراضيين إلى قوام الحكومة التي تديرها الجماعة، لإحكام سيطرتها على كافة المناطق وعلى ثروات اليمنيين، ولإرضاء شريحة كبيرة من الداعمين لها والمؤيدين لأفكارها، حسبما نقلت وكالة سبأ التابعة لها قبل نحو أسبوع.
هذا، واستحدثت الجماعة ما سمّتها مؤسسة الصناعات الكهربائية والطاقة المتجددة، وعينت القيادي في صفوفها عبد الغني المداني رئيساً لهذه المؤسسة، رغم معاناة المواطنين جراء انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر.
وعينت الميليشيات عبد الفتاح المداني بمنصب رئيس مصلحة الدفاع المدني برتبة لواء افتراضية، علماً أنّ المديرية تعمل لمصلحة شخصيات بعينها وخدمات مرتبطة بالاتصالات والوساطات.
عبث الحوثيين لم يتوقف على السلطة التشريعية والتنفيذية وبعض المؤسسات، بل تجاوزها ليصل إلى السلطة القضائية، فقد عينت جماعة الحوثي (9) قضاة افتراضيين لعضوية المحكمة العليا، ليكونوا عوناً لها في الهيمنة على القطاع، ولإنهاء كافة القضايا التي ترفع بحق قادتها من قبل المواطنين.
هذا، إلى جانب مقتل القاضي محمد حمران، عقب سلسلة من الاعتداءات على رؤساء محاكم ونيابات، والإضراب القصير لنادي القضاة.
وخلال العام 2022 أصدرت ميليشيات الحوثي قراراً باعتماد ما سمّتها مدونة السلوك الوظيفي، والتي أبدى موظفون في عدد من المؤسسات الحكومية رفضهم لما جاء في نص ما يُسمّى بمدونة السلوك الوظيفي التي أقرتها جماعة الحوثي.
وقال موظف في تصريح صحفي أوردته وكالة “المشهد اليمني”: إنّ “المدونة غير ملزمة له، لأنّها تعمل على تقييد الموظف اليمني في مؤسسته الحكومية، وجعله تابعاً لتوجهات جماعة الحوثي”، وإنّ الميليشيات الموالية لإيران تريد من خلال إقرار تلك المدونة تشييع المجتمع اليمني بشكل رسمي، من خلال اتخاذ ما يُسمّى بعهد الإمام علي لمالك الأشتر كمرتكز أساسي للمدونة، وهو المرتكز نفسه المتبع لدى المؤسسات الرسمية لدى الشيعة في بلدان إسلامية”.
وقد رفض موظف آخر أن يتم إدراج ما يُسمّى بالهوية الإيمانية التي وضعها الحوثيون مرتكزاً لمدونة السلوك الوظيفية واتخاذ ولاية اليمنيين للحوثيين مرجعاً أساسياً للمدونة.
وفي سياق الإفساد في الأرض الذي تمارسه ميليشيات الحوثي، اتهمت دراسة يمنية الميليشيات الموالية لإيران بإغلاق وتدمير وتقطيع أوصال الطرق والجسور بين المحافظات، الأمر الذي أوجد معوقات وصعوبات كبيرة ومكلفة وتعقيدات طويلة على حركة السفر وانتقال المواطنين وحركة انتقال شاحنات البضائع.
وقالت دراسة يمنية حديثة أعدها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (منظمة يمنية): إنّ الإرهاب الحوثي أثر في البنية التحتية لقطاع النقل بشكل كبير، وأدى إلى تضرر الطرقات والجسور والموانئ والمطارات، وتعرّض ما نسبته 29% من إجمالي شبكة الطرق داخل المدن لدرجة عالية من الضرر، وأكثر من (500) كيلومتر لدمار كلي، مشيرة إلى تقديرات عن خسائر بمليارات الدولارات في هذا القطاع الحيوي، حسبما نقلت وكالة “عدن تايم”.
ويشير تقرير تقييم الأضرار الذي أجراه صندوق صيانة الطرقات إلى أنّ ما لا يقلّ عن (1241) كلم من الطرق تضرر بشكل كبير في محافظات صعدة وعمران وصنعاء وتعز وأبین ولحج، وتوقف العديد من مشروعات الطرق الريفية وعقود صيانة الطرق والجسور، ممّا عطل الكثير من فرص العمل وكسب الدخل.
ويقدّر إجمالي الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للطرق داخل المدن، بما في ذلك إنارة الشوارع في (16) مدينة ما بين (240 و293) مليون دولار، وتراوحت الأضرار التي لحقت بقطاع النقل من الطرق داخل المدن أو الطرق الطويلة التي تربط المدن ببعضها البعض، والجسور والموانئ والمطارات بـ (780 و953) مليون دولار أمريكي.
كل هذا العبث الحوثي يضاف إلى سرقة ونهب المال العام تحت مسمّيات مختلفة، وقد اتهم وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني ميليشيات الحوثي بنهب مئات المليارات من إيرادات الدولة وتصفير التزاماتها وعدم صرف مرتبات موظفي القطاع العام في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، مؤكداً أنّ الميليشيات تتجاهل أوضاع المواطنين الاقتصادية الصعبة والأزمة الإنسانية المتفاقمة والتي وصفها بـ “الأسوأ”.
وقال الإرياني في تغريدات على حسابه في “تويتر” أمس: “بلغ إجمالي الإيرادات التي نهبتها ميليشيات الحوثي من قطاع (الضرائب، الجمارك، الزكاة، الأوقاف، الوقود، الغاز المنزلي) العام 2020 (2) ترليون و(310) مليارات ريال، وتضاعفت في 2022، وبلغت إيرادات الدولة العام 2014 ترليوناً و(739) مليار ريال، خصص منها (927) مليار ريال لسداد مرتبات الموظفين”، موضحاً أنّ الميليشيات استغلت الهدنة الأممية خلال عام 2022 لتصعيد عمليات النهب المنظم للإيرادات العامة، والإيرادات الضريبية والجمركية للمشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، وباعت النفط الإيراني المهرب في الأسواق المحلية، وضاعفت جباياتها غير القانونية على القطاع الخاص، والأعباء على كاهل المواطنين.
وأشار وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني إلى أنّ الميليشيات تضلل الرأي العام اليمني بالتنصل من جريمة نهب ووقف صرف مرتبات موظفي الدولة بمناطق سيطرتها، ومطالبة الحكومة الشرعية بصرفها، فيما تواصل نهب الخزينة العامة والاحتياطي النقدي ومئات المليارات من الإيرادات العامة وعوائد واردات المشتقات النفطية.
وطالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأمريكي بممارسة ضغط حقيقي على ميليشيات الحوثي لوقف نهبها المنظم لإيرادات الدولة، وتخصيصها لصرف مرتبات الموظفين بانتظام، وفق قاعدة بيانات الخدمة المدنية للعام 2014، بدلاً من توجيهها لصالح ثراء قياداتها وما تسميه “المجهود الحربي”.
هذا، وكانت ميليشيات الحوثي الموالية لإيران قد انقلبت على الشرعية عام 2014، ومنذ ذلك الحين يواجه اليمنيون أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.
المصدر حفريات