حسن خليل
صحفي مصري
تقرير جديد نشره موقع (European Eye on Radicalization) باللغة الإنجليزية بعنوان: لماذا أصبحت جماعة الإخوان المسلمين تمثل تهديداً متزايداً في الهند، وثقه الباحث أجمل سهيل، محلل الأمن القومي، والأستاذ المتخصص في دراسات مكافحة الإرهاب بألمانيا.
يستهل الباحث تقريره، بطرح تساؤل حول المخاوف التي أصبحت تكتنف السياسيين الهنود، بشكل متزايد، بشأن الأنشطة والأهداف المستقبلية لجماعة الإخوان المسلمين في الهند. في حين أنّ جماعة الإخوان المسلمين تدعي دوماً أنّها جماعة إسلامية “غير عنيفة” وأنّها معترف بها دولياً، إلّا أنّ الجماعة لديها روابط غير مباشرة مع الجماعات المسلحة، ويرغب جناحها الهندي في تغيير دفة الهيمنة العالمية الحالية، من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول غربية أخرى، إلى دار الإسلام.
الجهاد ومفهوم دار الإسلام
يبقى الهدف النهائي للإخوان المسلمين، كما تبنّته الجماعة منذ أيام مؤسسها حسن البنا، في عشرينيات القرن الماضي، هو تبني موقف سياسي للجهاد ضد غير المسلمين. وتمتلك الجماعة شبكة دعاية دولية واسعة، ولدت العديد من القادة المتشددين في جميع أنحاء العالم، مثل: عبد الله يوسف عزام، وهو من أتباع البنا المخلصين، والذي أشرف في العام 1984، على تدفق المجاهدين المسلمين، لمحاربة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان. وبالتزامن مع الوقت الذي قُتل فيه عزام عام 1989، كان نجم أسامة بن لادن قد بزغ، ليؤسس فيما بعد تنظيم القاعدة. في الواقع، قال أسامة بن لادن لاحقاً، إنّ أفكار الإخوان كانت أساسية في تشكيل أيديولوجيته.
ووفقاً للتقرير، فإنّ تصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنّها جماعة “غير عنيفة”، يقوم على تفسير حرفي لسلوكها، وتجاهل صلاتها القوية بالتشدد في الهند. على سبيل المثال، أدّت النسخ المحلية للإخوان المسلمين، إلى تفاقم الخلاف بين الطوائف، وخلق الفوضى في الشارع بالتزامن مع الاحتجاجات ضد الحكومة الهندية.
تصر هذه الجماعات المنبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين في شبه القارة الهندية، على أنّ أسس الدستور الهندي، التي تتضمن أركان العلمانية والديمقراطية والقومية، معادية للإسلام، وتعمل على تقويض هذه الأسس في الهند. في المقام الأول من خلال محاولة استدعاء وتأجيج أشكال الحرب الأهلية الدينية بين المسلمين الهنود والهندوس. وكل ذلك يتفق مع أهداف الإخوان الرامية إلى الإطاحة بالحكومة الهندية، وإنشاء دار الإسلام في الهند، وإثارة التمرد في كشمير.
توظيف الإخوان في الصراع السياسي
مجموعتان فرعيتان من جماعة الإخوان برزتا في الهند هما: الجبهة الشعبية الهندية (PFI)، والجبهة الوطنية للمرأة (NWF). وتمّ حظر الجبهة الشعبية مؤخراً في الهند، ما أدى إلى عودة ظهور مجموعة إرهابية أقدم، وهي حركة الطلاب الإسلامية في الهند (SIMI)، والتي تعمل جنباً إلى جنب مع المتطرفين المحليين مثل: جبهة المجاهدين الهنود (IM) .
التقرير لفت إلى أنّ حركة الطلاب تمكنت من الحصول على دعم مالي كبير، من محور قطر وتركيا وباكستان، وللحركة الطلابية صلات مع النظام البيئي الجهادي الخاضع للسيطرة الباكستانية في أفغانستان، والذي يشمل طالبان والقاعدة. ويرصد التقرير أدوات الدعم الخارجي للتشدد الإسلامي في الهند، لكنّه يؤكد على أهمية فهم الكيفية التي تنشط من خلالها مصادر الدعم المحلية.
*إنّ تصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنّها جماعة “غير عنيفة” يقوم على تفسير حرفي لسلوكها، وتجاهل صلاتها القوية بالتشدد في الهند*
يوثق التقرير عدة معلومات حول خطط الإخوان لإثارة حرب أهلية؛ لزعزعة استقرار الهند، وإسقاط حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ويتم تحريض الإخوان ودعمهم مالياً، من قبل أحزاب المعارضة الهندية.
هناك من يرى أنّ التحركات الأخيرة لجماعة الإخوان المسلمين في الهند، ناتجة بشكل أساسي عن الساسة الهنود؛ الذين يحاولون استخدام هذه المجموعة الخطيرة؛ كسلاح لهزيمة حكم مودي، وهناك في التاريخ الهندي سوابق لذلك، حيث كان هناك سياسيين هنود، استغلوا التمرد اليساري؛ كسلاح سياسي ضد الحكومة الحالية.
يوجد في الهند عدد كبير من المسلمين، ويتمتع المسلمون في الهند بحرية القيام بدور نشط في المجال السياسي، وهناك آليات قانونية للأحزاب؛ للتعاون من أجل إزاحة حزب مودي، بهاراتيا جاناتا (BJP). وبالتالي، فإنّ الدعم، الذي يصفه التقرير بالخبيث، من جانب عدد من السياسيين الهنود للإخوان المسلمين، هو تصرف غير مسؤول إلى حد كبير؛ ذلك أنّ الإخوان لا يريدون فقط استبدال الحكومة الحالية؛ فالجماعة تريد إسقاط النظام الحاكم بأكمله، والانقلاب على العلمانية وأيضاً الديمقراطية والقومية؛ لأنّ الإخوان، ببساطة، يرون أنّ هذه القيم منافية للإسلام.
أحد الدوافع المهمة لجماعة الإخوان المسلمين؛ لتطوير أنشطتها في الهند، هو أنّه مع تحول الدولة إلى قوة صاعدة دولياً، فإنّها يمكن أن تشكل قريباً تهديداً كبيراً للكتلة المناهضة للغرب، في جنوب شرق آسيا، والتي يتم دعمها من قبل الصين. هذا هو السبب في أنّ هذا التحالف، الذي يعمل بشكل أساسي من خلال باكستان، يدعم الإخوان المسلمين في الهند، على أمل استخدام نحو 204 ملايين مسلم في الهند؛ لإثارة حرب أهلية ضد الهندوس؛ لعرقلة صعود الهند.
*هناك من يرى أنّ التحركات الأخيرة لجماعة الإخوان المسلمين في الهند، ناتجة بشكل أساسي عن الساسة الهنود الذين يحاولون استخدام هذه المجموعة الخطيرة كسلاح لهزيمة حكم مودي*
السكان المسلمون في الهند هم ثالث أكبر عدد من المسلمين في العالم، وبالتالي فإنّ توظيف هذا العدد أيديولوجياً، يثير قلق السياسيين ووكالات الأمن الهندية؛ لأنه إذا تمت تقوية جذور الإخوان المسلمين في الهند، فسوف يصبح من الصعب بشكل متزايد حكم البلاد، في ظل حالة الفوضى التي يصنعها الإخوان أينما ذهبوا، كما أنّ نشر الأيديولوجيا الدينية على هذا النحو، أمر من شأنه أن يجعل المسلمين الهنود أكثر عرضة للتجنيد، من قبل جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك من قبل الجماعات الإرهابية الأخرى.
المصدر حفريات