كريتر نت .. متابعات
تقول ربة منزل في مدينة عدن تُدعى أم معتز (48 عاما) “لم يعد باستطاعتي أن أتدبر قوت يومي وأولادي وتراكمت علينا الديون ودخلنا عاما جديدا وبقي الحال كما هو… متى يحل الفرج؟ هلكتنا إيجارات المنازل التي ندفعها بالريال السعودي بالإضافة إلى الفواتير وغيرها…تعبنا”.
أكثر من 80 في المئة من سكان اليمن يكافحون للحصول على الغذاء ومياه الشرب والخدمات الصحية الكافية
وأضافت “يمر علينا اليوم ونحن نعيش على وجبة واحدة ونفكر في كيفية توفير ما يسد جوعنا في اليوم التالي، وربنا يعلم إلى متى سنصمد، وليس هناك أي أمل يبشر بخير”.
وتابعت أم معتز وهي أرملة وأم لثلاثة أولاد “أرغب في توجيه سؤال إلى المجلس الرئاسي والحكومة الشرعية وكل مسؤول في اليمن وخاصة في الجنوب: إلى متى سنظل نعاني الأوجاع والآلام بسبب الغلاء الفاحش؟ ليس عندي دخل مادي ثابت ومرت علي سنة 2022 دون أن أقدر على شراء مواد غذائية كما كان عليه الحال في السابق”.
وفقد الريال اليمني أكثر من ثلاثة أرباع قيمته مقابل الدولار منذ انهيار النظام الاقتصادي والمالي في البلاد قبل ثمانية أعوام، مما أدى إلى ارتفاع هائل في الأسعار وسط عجز الكثير من اليمنيين عن شراء غالبية السلع الأساسية وسقوط العديد من السكان في براثن الفقر والجوع.
وقال محمد حسين محمد (58 عاما)، وهو ضابط في شرطة عدن برتبة عقيد، إن راتبه لا يغطي نسبة خمسة في المئة من متطلبات المعيشة لأسرته المكونة من أربعة أشخاص؛ فبعد أن كان يتقاضى راتبا يعادل 600 دولار شهريا قبل الحرب أصبح اليوم يحصل على ما يعادل 150 دولارا بسبب تدهور قيمة الريال.
وقال بنبرة غضب “ارتفاع أسعار السلع الغذائية أفسد كل شيء وليس لدي أمل في تحسن الوضع، فضلا عن العجز عن سداد إيجار المسكن الذي أقيم فيه أنا وأسرتي بسبب ارتفاع إيجارات الشقق والبيوت في عدن إلى مستويات قياسية مُبالغ فيها وصار ملاكها يطلبون الإيجارات بالريال السعودي”.
الجوع مصير
وعلى الرغم من أن اتفاق الهدنة، الذي تم برعاية الأمم المتحدة واستمر من مطلع أبريل الماضي إلى الثاني من أكتوبر، يعد أطول فترة هدوء نسبي شهدته البلاد، فإن كل توقعات وتقارير منظمات الأمم المتحدة ترسم صورة قاتمة لوضع اليمن في 2023.
وليست هناك أي بادرة تؤشّر على انفراجة للأزمة التي فجرتها الحرب التي ستدخل في أواخر مارس القادم عامها التاسع.
وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن الملايين من اليمنيين يعانون تداعيات العنف والأزمة الاقتصادية وتعطل الخدمات العامة.
وأشار في تقرير حديث إلى أن الاحتياجات الإنسانية في اليمن ستظل مرتفعة خلال العام الجاري؛ حيث سيحتاج ما يقارب 21.6 مليون شخص إلى توفير المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية.
وأضاف أن أكثر من 80 في المئة من سكان البلاد يكافحون للحصول على الغذاء ومياه الشرب والخدمات الصحية الكافية، في حين أن ما يقرب من 90 في المئة من السكان لا يحصلون على الكهرباء التي توفرها الحكومة.
ونظم ناشطون يمنيون حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للفت الأنظار إلى جزء من المأساة الإنسانية في بلادهم؛ حيث نشروا المئات من الصور التي تُظهر جياعا يقفون أمام المطاعم في انتظار ما قد يقدمه لهم مُلاك المطاعم من بقايا الأكل، وآخرين يبحثون في القمامة عما يسد رمقهم.
وأكدت منظمة “إنقاذ الطفولة” أنه يوجد في اليمن ثاني أكبر عدد من الأشخاص الذين يواجهون مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك سوء التغذية الحاد، حيث ارتفع هذا العدد خلال العامين الماضيين إلى ستة ملايين شخص من 3.6 مليون، أي بزيادة تقدّر بـ66 في المئة.
وأفادت المنظمة بأن الأطفال يتحملون العبء الأكبر من أزمة الغذاء في اليمن؛ إذ يعانون من سوء التغذية ويواجهون الموت لأن أجسامهم النامية أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، في حين يخلّف سوء التغذية للناجين منهم آثاراً تلازمهم مدى الحياة، بما في ذلك ضعف النمو البدني والمعرفي.
ويقول عصام محمد عقلان (46 عاما)، وهو موظف حكومي في صنعاء، “رحل العام 2022 بمرارته وقسوته. رحل بأحلام لم تتحقق. رحل بأوجاع وجروح لم تندمل؛ إنه عام قاس”.
وتابع “ماذا ننتظر من عام مجهول العنوان والأحداث في ظل تدهور معيشي ليست له محطة توقّف؟”.
ومع أن الحاويات لا تعتبر أماكن مثالية للعيش، إلا أن الكثير من العائلات اللاجئة وجدت فيها مأوى يحميها من البرد والمطر في فصل الشتاء.